في حين راهن أهل غزة على هدنة ثانية تمنحهم الفرصة لالتقاط الأنفاس وتضميد الجراح، ظلت الحرب مستمرة، بل أخذت تتنوع في أشكالها، ما يهدد بتقويض الجهود الدبلوماسية الدائرة رحاها للأسبوع الثاني، من الدوحة إلى واشنطن، مروراً بالقاهرة.
ولا يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، العائد من واشنطن، حرجاً في الإعلان المتكرر بأن الحرب ستستمر حتى تحقيق أهدافها، الأمر الذي يقرأ فيه مراقبون محاولة لاستخدام معاناة غزة، من أجل تمرير أجندة وأهداف سياسية.
ولعل مشاهد القتل والتجويع والتعطيش أصبحت السمة الرئيسية لمجمل الخطاب الإسرائيلي الذي يلوح به نتانياهو وائتلافه الحاكم، إذ تبدو إسرائيل كمن يسابق الزمن، لتوسيع نطاق الحرب، وليس إخماد جذوتها.
ولم يعـد غريباً استمرار سقوط المدنيين والنازحين، بل إن الأيام الأخيرة التي دارت خلالها مفاوضات التهدئة في الدوحة، وتزامنت مع مباحثات ترامب - نتانياهو في واشنطن، غطّت على الجهود السياسية، بالدم والنار.
يقول المواطن الفلسطيني عباس شامية، تعليقاً على توسيع نطاق الحرب على غزة، في خضم مفاوضات التهدئة في الدوحة «يبدو أن الجيش الإسرائيلي يعمل بوتيرة متسارعة، ويسابق الزمن كي يتمكن من تدمير كل شيء في قطاع غزة، قبل التوصل إلى تسوية سياسية إن تمت».
صادم ومرعب
ويصف النازح حمد الزعانين، الوضع في بيت حانون بالصادم والمرعب، موضّحاً أن «الجيش الإسرائيلي لا يترك شيئاً إلا ويدمره ويحوله إلى رماد.. كل بيت حانون مسحت. تزايد أعمال القصف والتفجير يعيد إلى أذهاننا ما حدث قبل الهدنة الأولى في 19 يناير الماضي، عندما دُمرت بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا بشكل كامل».
وبينما كان يتحدث، كانت الجرافات الإسرائيلية تتجول بين المنازل المدمرة في حيي الزيتون والشجاعية بغزة، لتهدم ما لم تجهز عليه قذائف الدبابات وصواريخ الطائرات، بينما كانت الآليات العسكرية الثقيلة تواصل تقدمها على طريق صلاح الدين.
يضيف الزعانين أن «مشاهد الدمار تدل على أن الجيش الإسرائيلي يتعمد تخريب كل شيء، وأحياناً نستدل على قرب التوصل إلى تهدئة، من خلال تكثيف الغارات من الجو، ومواصلة عمليات التجريف على الأرض، كما جرى قبل الهدنة الأولى، لكن الأنباء القادمة من الدوحة لا تشي بأن الاتفاق على وقف الحرب في غزة بات وشيكاً»، أضاف الزعانين، وقد قطع حديثه أصوات انفجارات ضخمة، استهدفت مباني من طبقات متعددة.
وبينما تناول مواكبون لحراك الدوحة، سيناريوهات عدة، وخيارات واسعة يجري التفاوض بشأنها، بهدف البحث عن مخرج لإنهاء الحرب، فإن النظرة الفاحصة للمراقبين، وشهادات النخب السياسية، تفيد بأن هامش المناورة السياسية أخذ يضيق أمام الطرفين (حماس وإسرائيل)، وأن احتمالات الاتفاق أخذت بالتراجع، ما أصاب آمال الغزيين في مقتل.
