رغم مرور أسبوع حافل بالمحادثات والمفاوضات في واشنطن والدوحة، بشأن التوصل إلى هدنة تفضي إلى وقف معاناة قطاع غزة، لم يكن يوم أمس مختلفاً عمّا سبقه سوى في شدة الغارات واتساع رقعتها، ما جعل منه يوماً دموياً في حرب بلا خطوط حمراء.
حيث اتسم المشهد الميداني بتحركات عسكرية إسرائيلية كثيفة، ترافقت مع القصف المتواصل الذي قتل 82 فلسطينياً منذ الفجر حتى مغيب الشمس.
وتتحرك خطوط التفاوض بشأن غزة ببطء شديد. ولم تفض الجولة السادسة من المباحثات غير المباشرة في الدوحة إلى نتائج ملموسة، حيث إنّ بعض الخلافات المبدئية والتفصيلية حول قضايا مثل إعادة الإعمار، وضمانات الوقف الدائم لإطلاق النار، والإصرار الإسرائيلي على التواجد الأمني في القطاع، لا تزال تحول دون التوصل إلى اتفاق شامل.
وفي مقطع مصور من واشنطن، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس، إنه مستعد للتفاوض حول وقف دائم لإطلاق النار في غزة خلال هدنة تستمر ستين يوماً، بشرط نزع السلاح من القطاع، متوعداً باستئناف الحرب في حال عدم التوصل إلى اتفاق بهذا الصدد خلال هذه الفترة. وقال نتانياهو في المقطع المصور:
«في مستهل وقف إطلاق النار (لستين يوماً)، سنبدأ مفاوضات حول وقف نهائي لهذه الحرب»، مضيفاً: «على حماس أن تلقي السلاح، ينبغي نزع السلاح من غزة، وعلى حماس ألا تملك قدرات عسكرية و(قدرة على) الحكم بعد اليوم». وقال: «إذا أمكن الحصول على ذلك عبر التفاوض، سيكون ذلك جيداً، وإلا فسنحصل عليه بوسائل أخرى، بقوة جيشنا».
في الجانب الإنساني، تستمر المأساة في التفاقم، من حيث الشح في المياه النظيفة، وانقطاع الكهرباء، وانهيار النظام الصحي الذي بات يعتمد على ما تبقى من مولدات ومساعدات طبية محدودة.
وما زالت آلاف العائلات مشردة داخل مدارس ومراكز إيواء متهالكة. ورغم السواد المخيم على المشهد الإنساني، شهد أمس، تطوراً نادراً، حيث دخلت كمية محدودة من الوقود إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، للمرة الأولى منذ 130 يوماً.
ورغم أن هذه الخطوة جاءت بتنسيق دولي، إلا أن الكمية التي سُمح بإدخالها تُعد رمزية ولا تكفي سوى ليوم عمل واحد فقط للمرافق الحيوية، وفقاً للأمم المتحدة.
حتى اللحظة، وفي سباق بين المفوضات والقذائف، تبدو غزة معلّقة بين نارين: جحيم الميدان، وجمود التفاوض. لا أفق واضح، ولا بارقة حقيقية تلوح في الأفق سوى بعض التصريحات المكررة عن تقدم هنا واختراق هناك، من دون أن نرى ترجمة على الأرض، أو فرقاً يشعر به أهل القطاع المنكوب.