تتسارع وتيرة الاتصالات، التي تواكب جهود الوسطاء، المكلفين بإعداد مسودة ورقة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فيتأهب الوفد الإسرائيلي كي يحط في الدوحة، للشروع بالمفاوضات حول شروط الاتفاق، بينما تنتظر حركة حماس العرض الجديد والمعدل من خطة المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، وفي تل أبيب هنالك شبه إجماع في الحكومة والمعارضة والمؤسسة الأمنية على الذهاب نحو الصفقة.
وفي الوقت الذي من المتوقع أن يعود الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة، تبرز ملامح سرعة إسرائيلية من خلال مجلس الوزراء الأمني والسياسي، بالتوجه نحو تسوية سياسية، تنقذ الرهائن الإسرائيليين، وحتى المعارضة الإسرائيلية قد أبدت استعدادها لمنح رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الغطاء البرلماني اللازم، في حال انسحاب بن غفير وسموتريتش ومعهما 13 عضواً في البرلمان الإسرائيلي، كي لا تسقط الحكومة، وعليه فالموقف في إسرائيل ذاهب نحو تنفيذ الصفقة.
الهامش بدأ يضيق أمام الحل، ومن شأن المساعي السياسية الجارية أن تضع المفتاح في القفل الذي ما زال يفصل الأطراف المعنية عن توقيع الاتفاق، وفي موازاة استعجال واشنطن، فالنافذة لن تبقى مفتوحة طويلاً على الحرب.
وفيما بدت حركة حماس محكومة بالرد على ورقتها، التي تتمحور في جوهرها حول طي صفحة الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، يصعب على المراقبين تصور الرد الإسرائيلي، وسط خشية من أن يحمل معه ما يجهض المسار السياسي الذي ترعاه واشنطن، وتصر على إنهائه بتناغم بين الأطراف كافة، وإن من دون ضمانات حقيقية.
سيناريوهات
ووفق الكاتب والمحلل السياسي، محمـد دراغمة، فالاتفاق يضع المشهد أمام سيناريوهات عدة، ما بين الاتفاق على نهاية الحرب، أو عدم الاتفاق وعودة الحرب بعد 60 يوماً، أو مبادرة أمريكية تفرض على الطرفين، مبيناً أن الاتفاق على وقف الحرب بشكل كامل يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها الموافقة على نزع السلاح.
سيناريو آخر ألمح إليه دراغمة، ويتمثل في قيام إسرائيل بفرض حل من طرف واحد يقوم على إيجاد مناطق عازلة، ومواصلة الغارات الجوية على أهداف معينة، ومنع إعادة إعمار قطاع غزة قبل تحقيق شرط نزع السلاح.
لكن دراغمة يعتبر الفرصة الحالية جدية وقد لا تتكرر لإنهاء الحرب على غزة، وإن بدا المشهد معقداً، لكنه يشكل علامة فارقة في مساعي التهدئة، خصوصاً أن الوسطاء الثلاثة، أمريكا ومصر وقطر، عاقدو العزم على إنهاء الحرب المستعرة في قطاع غزة.
وما قبل الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ليس كما بعده، فحتى نتانياهو الذي عارض في مواقف كثيرة وقف الحرب على غزة، تغير موقفه بعد الحرب مع إيران ، بسبب الضغوط الأمريكية، إذ ترى واشنطن أنه لا يمكن ترتيب المنطقة أمنياً وسياسياً بعد الحرب مع إيران، سوى بإنهائها في غزة.
تحديات
وتبرز تحديات كبيرة في وجه مفاوضات وقف الحرب، منها قيام إسرائيل بتشديد الحصار على غزة، بذريعة بقاء السلاح في أيدي عناصر حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن التزام إسرائيل بالإطار الناظم للاتفاق، رغم أن حركة حماس أبدت مرونة في ملفات تنظيم السلاح، وربما في إبعاد عدد محدود من المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر.
وتبدو عواصم الاتفاق، واشنطن والقاهرة والدوحة، أشبه بخلية طوارئ دبلوماسية، بانتظار وضع اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاق، وبدء العد العكسي لتنفيذه، وترتسم بوضوح متابعة لصيقة لجهود الوسطاء، التي تعني عملياً تتويج هذا الجهد بالاتفاق.