ليبيا.. مجلس للرئاسات في طرابلس وبنغازي تلوّح بالحكم الذاتي

جدل واسع بين الليبيين على وقع قرار تشكيل الهيئة العليا للرئاسات
جدل واسع بين الليبيين على وقع قرار تشكيل الهيئة العليا للرئاسات

أعلن في طرابلس عن تشكيل الهيئة العليا للرئاسات، لتكون إطاراً تنسيقياً يشكل السلطة السيادية العليا في مناطق نفوذها بغرب ليبيا، فيما لوّحت سلطات بنغازي بخيار الحكم الذاتي، ما ينذر بمزيد من تعقيد الوضع السياسي المتأزم في البلاد.

وقال بيان صادر عن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، ورئيس مجلس الدولة، محمد تكالة، إن تأسيس الهيئة العليا للرئاسات يأتي في سياق مقاربة وطنية مشتركة تهدف إلى توحيد القرار الوطني في الملفات الاستراتيجية، وتعزيز الانسجام المؤسسي بين السلطات.

مؤكداً أنه سيعهد إلى الهيئة الجديدة تطوير منهجية موحدة لصنع القرار الوطني، وتنسيق المواقف الرسمية في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، تعمل على بلورة سياسات مشتركة تحفظ سيادة ليبيا ووحدة أراضيها واستقرارها السياسي والاجتماعي والاقتصادي دون استحداث أي كيان إضافي أو أعباء هيكلية جديدة.

وتابعت الرئاسات الثلاث أن تأسيس الهيئة يأتي استجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة، ويجسد التزاماً بتجاوز الانقسامات والعمل بروح المسؤولية الوطنية، داعية المؤسسات السيادية الأخرى إلى الانضمام إلى هذا المسار التنسيقي، بما يعزز الاستقرار ويصون المصالح العليا للدولة الليبية، ويسهم في بناء دولة قوية وموحدة قادرة على حماية سيادتها ومقدرات شعبها.

وأوضح وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الوحدة الوطنية، وليد اللافي، أن الهيئة الجديدة لا تمثل إنشاء مؤسسة جديدة ولا تشكل أي عبء تنظيمي على الدولة، وإنما تقوم على عقد اجتماعات دورية وطارئة لتعزيز التنسيق بين السلطات، ومعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، وضمان توحيد الرسائل والمواقف الرسمية للدولة الليبية.

معتبراً أن تأسيس الهيئة يأتي استجابة للظرف الوطني الراهن، ودعماً لمسار الاستقرار، وتوحيداً للجهود الرامية إلى صون السيادة وحماية المصالح العليا للدولة، مشيراً إلى دعوة بقية المؤسسات السيادية للانضمام إلى هذا الإطار التنسيقي، بحسب بيان المجلس الرئاسي.

وأشارت مصادر ليبية مطلعة، في تصريحات لـ«البيان»، إلى أن تأسيس الهيئة العليا للرئاسات جاء للرد على دعوات القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، الليبيين إلى حراك شعبي واسع يفوضه لقيادة مشروع إنقاذ وطني، وعلى إعلان البعثة الأممية قرب انطلاق الحوار المهيكل الذي سيفرز قراراً بحل الأجسام السياسية والتشريعية الحالية.

تهديد وحدة

وفي أول رد فعل مباشر من شرق البلاد، أعلن رئيس الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب، أسامة حماد، أن ما صدر في طرابلس بشأن إنشاء الهيئة العليا للرئاسات هو عمل منعدم دستورياً وقانونياً.

وأوضح في بيان أن الخطوة تهدد وحدة الدولة وتمس استقرارها المؤسسي وتعطل المسار الانتخابي، وأن استمرار ما وصفه بالعبث السياسي قد يدفع إلى طرح خيار المطالبة بالحكم الذاتي بشكل واضح وعاجل إذا لم تنجز الانتخابات الرئاسية سريعاً.

وتابع حماد، إن الأجسام التي تقف وراء قرار تشكيل هيئة الرئاسات لا تملك أي سلطة لإصداره أو الاتفاق عليه، لافتاً إلى أن الإعلان الدستوري وتعديلاته حصر اختصاص إنشاء الهيئات السيادية وتعديل البنية القيادية للدولة في السلطة التشريعية المنتخبة فقط، والمتمثلة في مجلس النواب، ومنع أي جهة تنفيذية أو استشارية من استحداث أجسام موازية للسلطات القائمة.

ودعا حماد المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بأي مخرجات أو ممثلين أو توصيفات تنجم عن هذا الكيان، وإلى احترام المرجعية الدستورية ودعم الحلول المستندة إلى الشرعية، مع مراجعة عمل البعثة الأممية التي اتجهت إلى خيارات تمويل خارج المؤسسات الدولية. وأوضح أن المجلس استشاري وليس سلطة تشريعية، محذراً من أن الإشارة إلى السلطة القضائية في الإعلان هو مساس باستقلال القضاء.