بعد 14 شهراً من دوي صفارات الإنذار وصواريخ ومسيرات «حزب الله»، استعادت كريات شمونة الواقعة على بعد 10 كيلومترات عن حدود لبنان، هدوءاً نسبياً مع وقف إطلاق النار، لكن شوارع هذه المستوطنة القريبة من الحدود، يتفقدها سكان يؤكدون أنهم لن يعودوا للإقامة فيها بشكل دائم ما لم يتحقق «أمان تام».
نزحت غالبية سكان «كريات شمونة» منذ بدء الحرب في الثامن من أكتوبر 2023، ويعود بعضهم لتفقدها بشكل خاطف، مثل راخيل ريفاش التي استفادت من الهدنة للمجيء وأخذ متعلقات شخصية. إلا أن هذه السيدة الخمسينية تعتبر أن الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تبقى هشة.
وتتساءل: «لماذا لا أعود لأعيش هنا؟... لأنني أريد أن أعود بأمان تام». وتضيف «طالما أسمع أصوات تفجيرات... وأرى (الجيش الإسرائيلي) داخل لبنان، لا أريد العودة. لا بنى تحتية هنا، لا نظام تعليمياً، لا وظائف ولا أي شيء».
وتشير ريفاش إلى المنازل المدمّرة وتعدّد الجرحى و«العائلات المحطّمة» وكلّ المسائل التي «يجب إيجاد حلول لها» قبل استعادة الحياة طبيعتها.
وبعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود، كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية ضد الحزب وبدأت عمليات برية في جنوب لبنان اعتباراً من سبتمبر. وتسبّب التصعيد منذ بدايته قبل نحو 14 شهراً، بحركة نزوح واسعة من المناطق الواقعة على جانبي الحدود. ومع بدء سريان وقف إطلاق النار فجر الأربعاء، غصّت الطرق في لبنان بالنازحين العائدين إلى منازلهم، خصوصاً في الجنوب الحدودي مع إسرائيل. أما على الجانب الإسرائيلي، فقد أبدت الحكومة «رغبتها» في عودة السكان إلى المناطق الشمالية، من دون تشجيعهم على ذلك في الوقت الراهن.
عودة معلقة
ويؤكد المتحدث باسم بلدية كريات شمونة دورون شنابر أن السكان «لم يعودوا»، ولن يقوموا بذلك «طالما لم يتم الإعلان رسمياً عن نهاية الحرب».
واستهدف «حزب الله» هذه المستوطنة وغيرها في شمال إسرائيل بشكل منتظم منذ أكتوبر 2023. وتشهد على ذلك الأسقف المدمّرة وأحجار القرميد المهشّمة والسيارات المتفحّمة.
ومنذ أشهر، أعلن الجيش الإسرائيلي كريات شمونة وبلدات أخرى منطقة عسكرية مغلقة. وفي التاسع من أكتوبر، أدى إطلاق الصواريخ من لبنان إلى مقتل شخصين فيها.
ويوضح شنابر أنّ الهدنة تثير «مشاعر مختلطة».
ويتابع «حتى الآن، ليس لدينا إلا وقف إطلاق النار. واستناداً إلى تجربة السنوات الماضية... فقد كانت اتفاقات وقف إطلاق النار هشّة دائماً. وإذا عاد السكان وسقطت الصواريخ (على المنطقة) مجدداً، فماذا كانت الفائدة من النزوح إلى مكان آخر لمدة عام وشهرين؟».
على بعد بضعة كيلومترات شرقاً، في كيبوتس المنارة القريب من الحدود، أمكن الجمعة سماع أصوات طلقات مدفعية ونيران أسلحة آلية في جنوب لبنان.
تهديد مستمر
ويقول شابر «نريد حقاً أن تنتهي الحرب، ولكن نريدها أن تنتهي بنصر مطلق مع القضاء على التهديد، وليس من خلال توقيع ورقة لسنا مقتنعين بها». ويشدد «نحن نطالب بإنهاء حزب الله... وبهزيمته».
من جانبه، يعرب مئير بن هيمو وهو أحد سكان كريات شمونة، عن قناعته بأنّ «الناس لن يعودوا إلى هنا... سيكون ذلك صعباً للغاية بالنسبة إليهم». ويرى أن عودة البلدة «آمنة» كما في الأعوام السابقة سيستغرق «وقتاً طويلاً».
ويتابع «هذا ليس أمراً يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها، أي (عودوا وكل شيء سيكون على ما يرام). إنها كذبة».
ويقول مئير بن هيمو «طالما أنّه لم يتمّ إبعادهم (مقاتلو حزب الله) لما بعد نهر الليطاني، لن يتحقق السلام هنا».