بعد نجاح الدبلوماسية في إطفاء الحريق بين إسرائيل وإيران بـ«كبسة زر» هل ينعكس هذا على المسارات الأخرى والأوعية المتصلة بجبهة غزة؟ وهل يصيب وهج الاتفاقيات أهلها الذين فتكت بهم الحرب بالنار والتجويع؟
أسئلة فرضت نفسها على غزة وهي تراقب إخماد الحرائق، التي امتدت من تل أبيب إلى طهران. وبما أن الأكلاف الباهظة للحرب الإسرائيلية الإيرانية كانت كلمة السر وراء التقاط الاتفاق، الذي التزمت به إيران.
وربما أكرهت عليه إسرائيل، ما زالت غزة تنتظر مفاجآت ترامب، وقراراته الارتجالية في الحرب والسلم، خصوصاً أن الأيام الأخيرة كانت شديدة الوطأة على الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وتكبد خلالها خسائر كبيرة، يرى مراقبون أنها ستدفع بقوة نحو البحث عن حل سياسي.
ويعتقد مواطنون غزيون أن يسهم وقف الحرب بين تل أبيب وطهران في حدوث انفراجة سياسية في غزة، ومرد اعتقادهم هذا يرتكز على أن إسرائيل أصبحت ترى في حربها على غزة جبهة ثانوية، وهذا ربما يدفعها للقبول بأي صفقة للتهدئة، وإنهاء الحرب عليها.
ويعزو أصحاب الرأي المتفائل هذا موقفهم إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المأخوذ بمواقف «رجل السلام» وإنهاء الحروب، بأن غزة ستحظى باتفاق قريب، فضلاً عن تراجع حدة الحرب في قطاع غزة، وسحب وحدات عسكرية إسرائيلية كبيرة إلى خارج القطاع، والتوجه نحو سحب المزيد منها في المستقبل القريب.
ويرى المواطن، موسى اليازوري، من خان يونس، أن تقليص العمليات البرية في شمال وجنوب قطاع غزة، يؤشر على أن المعطيات الإسرائيلية قد تغيرت، ولم تعد غزة في صلب اهتماماتها بعد التطورات الإقليمية وتداعياتها، ومن هنا فغزة مرشحة لتهدئة قريبة، وفق تعبيره.
وفيما أبدت حركة «حماس» استعدادها للذهاب بعيداً في اتفاق سياسي مع إسرائيل، تجري الأخيرة مشاورات جادة، للتوصل إلى صفقة تنهي الحرب، مع تزايد ملحوظ في ضغط الشارع الإسرائيلي على الرئيس ترامب، لإبرام اتفاق على غرار ما جرى في الحرب الإسرائيلية - الإيرانية.
ملمح آخر أشار إليه البروفسور الإسرائيلي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية بواشنطن، بوعاز إيتسيلي، بأهمية أن تتوصل إسرائيل إلى اتفاق ينهي الحرب على غزة، ويعيد المختطفين الإسرائيليين في أسرع وقت، بعد أن هدأت جبهة إيران، وإن تطلب هذا جهداً سياسياً مضاعفاً.
وأشعل الاتفاق الإسرائيلي - الإيراني، أمنيات الغزيين بوقف الحرب المستمرة منذ نحو 21 شهراً، وسقط على أثرها ما يزيد على 56 ألف فلسطيني، وأضعاف أضعافهم من الجرحى، فضلاً عن تدمير أكثر من 80% من القطاع، وما تلا ذلك من مجاعة مميتة، ما زالت آثارها الكارثة جلية، وتتعمق يوماً إثر يوم.
وقتل، أمس، 38 فلسطينياً على الأقل في إطلاق نار، وغارات جوية إسرائيلية، وسط استمرار القصف الإسرائيلي على غزة المدمرة، بحسب ما ذكرت سلطات الصحة في القطاع، في وقت يتواصل فيه الوسطاء مع إسرائيل وحركة «حماس» من أجل استئناف محادثات وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب، واستهدفت الغارات مدرسة تؤوي عائلات نازحة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
