الغذاء الصحي وتطوّر عادات المستهلكين العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد لا تتبادر المنطقة العربية إلى الأذهان، عند طرح فكرة أنماط الغذاء الصحي، نتيجة للاعتقاد المغلوط بأن أهل المنطقة لا يهتمون بهذا الأمر، ولكن العديد من رواد الأعمال العرب الشباب قد بدأوا في تغيير تلك الفكرة الذهنية، وكارما بدير - صاحبة الجنسية الأردنية والسورية - واحدة من هؤلاء.

نشأت كارما بدير في السعودية، وبدأت في تأسيس شركتها «ذا ميدشيد» منذ 5 سنوات لتقديم الغذاء الصحي في المنطقة تحت شعار «الروح الطيبة والعقل السليم في الجسم السليم».

وتقول كارما: «لقد حدث تطور كبير خلال السنوات الثلاث الماضية في المنطقة العربية في عادات المستهلك، ولا يزال هناك مجال ومساحة كبيرة للنمو، وكم يسعدني ظهور العديد من العلامات التجارية الجديدة المهتمة بالصحة في المنطقة، وكذلك تزايد الوعي بالبدائل الصحية للأطعمة الضارة».

هواية وشهادة

أنشأت كارما شركتها للوجبات الخفيفة والمسليات الصحية، رغبةً وسعياً منها لتقديم طعام صحي في وقت لم تكن فيه خيارات صحية متاحة في هذه الفئة من الأطعمة.

بدأت رغبتها هذه كهواية، فقد بدأت رحلتها العملية في مجال هندسة الديكور، وسرعان ما اتجهت لإنشاء مدونتها عن الغذاء والصحة، كما حصلت على شهادة في التغذية الشاملة من معهد التغذية التكاملية في نيويورك.

وتخبرنا كارما: «لطالما أحببت وانجذبت إلى مجال التغذية والصحة، ووجدت نفسي منغمسة في التعرف بشكل أعمق على صناعة الأطعمة الصحية المتكاملة. لقد ولدت «ذا ميدشيد» نتيجة لاهتمامي بمجال الطعام الصحي وعلاقته بصحة الجسم، فقد كان لدي الكثير من المفاهيم الخاطئة - لكني أركز بشدة في الوقت الحالي على تناول الطعام الصحي والمتكامل في الوقت نفسه».

ولقد سلطت كارما الضوء في إحدى دوراتها على الاختلافات بين الغذاء الأساسي والثانوي، وما تسميه «عناصر تغيير اللعبة» وتوضح قائلة إن «الطعام الثانوي هو الطعام الذي نتناوله على سبيل الرفاهية ويخصك كفرد وتفضله في نمط حياتك، في حين أن الطعام الأساسي هو الذي نتناوله يومياً بشكل روتيني وله علاقة بالنشاط الروحاني والبدني ومعدل إنتاجية الإنسان، فعندما بدأت بالنظر للأمر من هذا المنطلق، اكتشفت الحلقة المفقودة، وهي أن الصحة متعلقة بما هو أعمق من فكرة تناول الطعام».

استشفاء ذاتي

بدأت كارما تركز على الاستشفاء الذاتي وتناول الغذاء الأساسي وموازنة النظام الغذائي. وتذكر لنا كارما «ألهمتني والدتي بالنظر إلى الأمور بنظرة شاملة، فأقراص الدواء ليست الحل لكل أمراضنا، ولكننا نحتاج إلى الاستشفاء الذاتي، وإلى معرفة العناصر غير المتوازنة في أسلوب حياتنا أن نأخذ الأعراض كدليل ومرشد لنا، فالأمر يتمحور حول استشفائك الداخلي».

عندما أطلقت كارما خط الوجبات الخفيفة من المنزل في شهر مايو 2015، كانت هي أول من أدخل الحلويات والوجبات الصحية الخفيفة إلى الأردن بنجاح، وبالتزامن مع ذلك افتتحت محلها الأول للعصائر في عمّان، وتمكنت من بدء بيع منتجاتها لعدد قليل من المتاجر والصالات الرياضية، قبل أن تبدأ في البيع لمتاجر التجزئة والسوبر ماركت.

وتضيف كارما بدير: «كنت أعطي دورات تدريبية لعمل الأطعمة الصحية بالتزامن مع اختبار منتجاتي، فمثلاً قد استغرق وصولي للوصفة المثالية لصنع البسكويت الصحي قرابة العامين، حيث أجريت الكثير من التجارب بعضها خاطئة بالطبع، كما أجريت العديد من الأبحاث السوقية وتلقيت آراء العملاء والزبائن وتقييماتهم».

وبعد استقرار كارما على أفضل الوصفات لمنتجاتها، بدأت نشاط خط مخابزها بعد ثلاث سنوات، تلاه خط إنتاج «الآيس كريم» في العام الماضي، وتخطط كارما الآن للتوسع في بلدان الخليج العربي، بدايةً من الإمارات والسعودية.

وتوضح: «لقد تأخر موعد بدء تنفيذ خططي لافتتاح فروع جديدة بسبب الوباء، لكنني سأبدأ في شهر مايو 2021 بفرع دبي، ثم فرع المملكة العربية السعودية وبقية المنطقة في 2022، وأعتقد أن منتجاتي المتميزة لديها فرصة للازدهار في منطقة الخليج، لأنني أنشأت نوافذ منبثقة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وكان الإقبال ورد فعل الجمهور رائعاً».

وجبة مثالية

تصف كارما منتجاتها بأنها وجبات خفيفة صحية مثالية ولذيذة، مصنوعة من التمر والمكسرات وجوز الهند والشوفان ودبس التمر ودقيق اللوز وسكر جوز الهند، كما تتميز وجباتها الخفيفة بتوازن صحي من الدهون الصحية والألياف والبروتينات التي توفر الطاقة الدائمة على المدى الطويل. وتقول كارما: «أريد أن أسهم في الترويج لفكرة أن حبك للحلويات أمر ممتع وعادي، فمن تراثنا هنا أن نأكل التمر، وتلك عادة جيدة، فأنا أحب التمر المحشو باللوز وأردت صنع منتج ألذ باستخدام نفس المكونات».

تعمل كارما بدير حالياً على زيادة مجموعة منتجاتها من 16 إلى 20 منتجاً للوجبات الخفيفة بحجمين مختلفين، بالإضافة إلى منتجاتها من المخبوزات وعددها 15 ومنها الكعك والكعك المُحلَى و«الآيس كريم».

كما تأمل أن يخلق هذا بداية جديدة في المنطقة، التي استشرت فيها أمراض السِمنة والسكري، وخلصت كارما إلى مقولتها «لا يزال الكثيرون يتبعون أنظمة غذائية غير صحية، أنا شخصياً ضد اتباع النظم الغذائية وخطط الوجبات المحسوبة مسبقاً، ولو أنها قد يمكن أن تكون نقطة بداية للمبتدئين، ولكن يجب أن تصل إلى نظام غذائي صحي طبيعي، بحيث يكون 80 % من الغذاء الأساسي الصحي و20 % فقط من أطعمة الرفاهية الثانوية، وبعد ذلك، افعل ما يحلو لك».

* صحافية وباحثة اجتماعية

 

Email