مُناخ مثالي للشركات الناشئة في مجال التدوير

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، من تعاقب فصول الصيف الأكثر حرارةً مروراً بتناقص منسوب المياه الجوفية وارتفاع منسوب مياه البحر.

وفي جميع أنحاء العالم، يتطلب التصدي لآثار الاحتباس الحراري استثمارات قدرها 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2030، ولكن ذلك قد يؤتي ثماره بأربعة أضعاف، وفقاً لتقارير للجنة العالمية للتكيّف مع التغير المناخي. وتضم هذه المجموعة المكونة من 34 عضواً مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس التنفيذي للبنك الدولي كريستالينا جورجيفا.

ويتدخل رواد الأعمال بتقديم حلول مباشرة وغير مباشرة، سواءً من خلال استخدام مواد مصدرية بديلة عبر سلسلة القيمة الاقتصادية أو من خلال إطالة عمر المنتج. فيما يلي ثلاث شركات تتعامل مع هذه المسألة بطرق مختلفة.

إنقاذ الإلكترونيات من مكبات النفايات

وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية والكهربائية يتم توليدها على مستوى العالم كل عام، أو ما يُقدر بنحو 62.5 مليار دولار كقيمة نقدية. يتم توثيق وإعادة تدوير نحو 20 % فقط، مع نهاية المطاف بالجزء الأكبر المتبقي إلى النفايات.

وفي الوقت نفسه، فإن العائدات من التسوق الإلكتروني والمخزون الزائد والمنتجات المرتجعة للشركات المُصنعة تودي بـ5 مليارات طن من المنتجات الجديدة التي تعمل بكفاءة أو يمكن إصلاحها إلى النفايات كل عام. ويشمل ذلك الملابس ومستحضرات التجميل والكتب التي لم تستخدم بعد بالإضافة إلى المواد الإلكترونية، ولا توجد تقديرات للنفايات الإلكترونية الجديدة وحدها.

وتُبرز الأرقام مجتمعة فجوة في السوق بالنسبة للمنتجات ذات الأسماء الكبيرة بأسعار مخفضة. تقوم شركة كارتلو، وهي شركة ناشئة في مجال «إعادة بيع المنتجات» مقرها الإمارات، بإعادة تدوير وبيع منتجات مملوكة مسبقاً ومنتجات جديدة مفتوحة العلبة ومنتجات التخفيضات للمستهلكين بأسعار مخفضة، وبالتالي الاستفادة من تلك المنتجات وتحويل مسارها بدلاً من النفايات.

ويشير التطبيق إلى أن لديه أكثر من مليون مستخدم نشط، وأن عدد تنزيلات التطبيق وصل إلى 500.000 وتم بيع أكثر من 100.000 منتج منذ إطلاق التطبيق في أواخر العام الماضي. وتشمل هذه المنتجات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة المنزلية والألعاب والساعات، ويتم فحصها من قِبل خبراء مختصين داخل الشركة وتوفير ضمان تصل مدته إلى عام واحد.

وفي مطلع هذا العام توسعت شركة كارتلو في السعودية وتأمل حالياً في تعزيز وجودها داخل جميع دول الخليج.

ويقول المؤسس محمد سليمان: «نأمل في بناء قاعدة عملاء محليين في جميع أنحاء المنطقة مع الحفاظ على وجود أنظمة مراقبة الجودة لدينا. سنعمل على استمرارية تقديم المنتجات بأفضل الأسعار لمستهلكينا. نهدف إلى هيكلة الصناعة رقمياً عبر قناة موثوقة، مع مواصلة دورنا الرائد في إلقاء الضوء على الممارسات غير المستدامة والخطوات اللازمة لإنقاذ البيئة».

إيجاد طرق جديدة للزراعة

يبدو أن ندرة الغذاء ستكون قضية مُلحة في السنوات المقبلة، وذلك نظراً لنقص الأراضي الصالحة للزراعة في الشرق الأوسط وتناقص الموارد المائية. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تكون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موطناً لـ3.4 مليارات نسمة، أو ما يقرب من ثلث عدد سكان العالم المتوقع أن يبلغ 9.8 مليارات نسمة. وقد تدخلت العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية بحلول تشمل الزراعة العمودية والزراعة بدون تربة.

وتزرع الشركة الناشئة المصرية «كاب مينا» (CUP Mena) باستخدام بقايا القهوة المستعملة. كما أشار المدير العام محمد عبدالجواد في تصريحه لمنصة «ستارت أب سين» إلى أن هذه كانت أفضل طريقة للتوفيق بين حبه للقهوة والفطر.

في عام 2018، تمكنت شركة كاب «CUP» (التي تشير إلى منتجات بالاستفادة من القهوة) من الحصول على تمويل من برنامج حاضنة أعمال «جسر» من مؤسسة مصر الخير.

ومنذ ذلك الحين تحصد الشركة أنواعاً من الفطر، منها شيتاكي والاجاركس ومحاري ليموني، ومحاري إيرنغي ومحاري جامور، وتقوم بزراعتها على بقايا القهوة التي تم جمعها من شركة «دانكن دونتس» و«كوستا كوفي» وغيرها. وفي جميع أنحاء العالم، ينتهي المطاف بنحو 6 ملايين طن من بقايا القهوة إلى مدافن النفايات كل عام.

تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية

تنتشر الألواح الشمسية بشكل متزايد على أسطح المنازل في جميع أنحاء المنطقة. ويتطلع السكان والحكومات على حد سواء إلى الاستفادة من أكثر الموارد وفرةً على الإطلاق مع الحد من استخدام الوقود الأحفوري وانبعاثات الكربون.

فقد صرّحت جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية بأن الاستثمارات في الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط قد تصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2023، بقيادة مشاريع مثل «شمس دبي» ومحطة بنبان للطاقة الشمسية.

كما يتطلع رواد الأعمال الأصغر حجماً إلى إيجاد سبل لحصاد الطاقة الشمسية لأغراض الاستهلاك الجماعي. تطور شركة «آيرس» والتي مقرّها السعودية، نوافذ عالية التقنية للمباني وحاصلة على براءة اختراع تمنع الحرارة وتنتج الكهرباء وتوفر الطاقة.

وقد احتُضنت في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في عام 2018، وأطلقت منذ ذلك الحين مجموعة من الدفيئات الزراعية التجارية التي تزرع المحاصيل في المناطق الأكثر حرارة في العالم. ومع ذلك، فإن تلك التكنولوجيا تُطبق في العديد من القطاعات الأخرى، خاصةً البناء والهندسة المعمارية.

وقالت ديريا باران، الرئيس التنفيذي لشركة «آيرس» والأستاذ المساعد في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لجريدة «عرب نيوز»: «نحن نركز على أجهزة حصاد الطاقة بهدف تحويل أشعة الشمس -التي هي مجانية ومتاحة في كل مكان، لا سيما في مناطق مثل السعودية- إلى شكل من أشكال الطاقة الكهربائية».

 

 

Email