الثورة الصناعية الرابعة وروّاد الأعمال

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ظهر العديد من الكتابات حول مساهمة أشكال التكنولوجيا الحديثة في بزوغ عصر جديد أمام الشركات الناشئة. وتطرح مسرعات الأعمال ومؤسسات تمكين الشركات الناشئة بعض الأفكار أمام رواد الأعمال، الذين يتلمسون بداية الطريق. نستعرض بعضاً منها خلال السطور التالية:

يتعلم طلبة المدارس في تونس المهارات الهندسية من خلال صناعة الروبوتات الخاصة بهم، ويقوم المستهلكون في البحرين بسحب مبالغ نقدية من أجهزة صراف آلي تتعرف على البيانات الحيوية للعميل عن طريق بصمات الأصابع، وتمكنت مطاعم في الإمارات العربية المتحدة من تقليل هدر الطعام بتقديم تخفيضات خاصة في اللحظات الأخيرة من اليوم على ما تبقى لديها من مأكولات. كل هذه الأنشطة يتم إدارتها من خلال تكنولوجيات متطورة تنتمي للثورة الصناعية الرابعة.

ويُشير مصطلح الثورة الصناعية الرابعة إلى التكامل بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية في ظل الاعتماد المتزايد على ابتكارات مثل: الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وسلاسل الكتل البيانية والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والطباعة ثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء.

وتوفر هذه التكنولوجيات الجديدة لرواد الأعمال سُبلاً مستحدثة لإضافة قيمة لأنشطتهم، وذلك لأن الحواجز التي تعيق الدخول للأسواق قد تراجعت، وأصبحت عملية تأسيس الشركات تتم بصورة يسيرة غير مسبوقة.

ومن جانبه، يقول الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية البحرين خالد حميدان:«قِيل إن العالم العربي تخلف عن ركب الثورات الصناعية الأولى والثانية والثالثة. ولكن، أصبحت الفرصة سانحة أمامنا الآن لنكون في طليعة الصفوف خلال الثورة الصناعية الرابعة. ولكن يمكن القول إن الثورة الصناعية الرابعة هي أكثر من مجرد تطبيقات عملية للتكنولوجيات. إننا نشهد تحولاً كبيراً في الطريقة التي تدار بها المجتمعات ككل».

البحرين هي واحدة من العديد من دول الشرق الأوسط، التي تسارع إلى بناء نُظم عمل متوافقة مع الثورة الصناعية الرابعة وتعمل على تحفيز إرساء أنواع جديدة من المشروعات. وقد قامت كل من الإمارات والبحرين والسعودية بدمج تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في سياساتها الوطنية، واتخاذ خطوات سباقة في مجالات مثل الاتصالات المتوافقة مع الجيل الخامس، وتشجيع الشركات الناشئة بصورة كبيرة من خلال حاضنات ومسرعات الأعمال.

يقول المدير التنفيذي لمنصات المستقبل في مؤسسة دبي للمستقبل سعيد الفلاسي إن برنامج مسرعّات دبي المستقبل التابع للمؤسسة اجتذب أكثر من 220 شركة ناشئة، كلها تعمل في مجالات تبحث عن إيجاد حلول عبر قطاعات مختلفة بداية من التعليم والرعاية الصحية وصولاً إلى الزراعة وسلاسل الكتل.

ويتابع سعيد الفلاسي الحديث بقوله: «اختصاراً الثورة الصناعية الرابعة تعني ظهور مجموعة هائلة وغير مسبوقة من الفرص. وتفتح الطريق أمام ظهور قطاعات جديدة في السوق يمكن استثمارها والعمل فيها بداية من تبسيط وأتمتة العمليات التجارية وصولاً إلى تسريع مهام إدارة الموارد البشرية».

وتتميز تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بقابليتها للتطبيق في أي مكان. وبالاستفادة من هذه التقنيات يمكن تحويل البيانات إلى رؤى قابلة للتنفيذ مثل الاستعانة بتقنيات التعلم الآلي، وبنفس الطريقة يمكن للواقع الافتراضي عمل تصميم هندسي ثلاثي الأبعاد.

ويمكن للشركات الناشئة كذلك التغلب على العقبات الاجتماعية بفضل الإنترنت، فنجد أن النساء اللاتي ينتمين إلى عائلات محافظة في المنطقة العربية يستطعن القيام بمهام العمل من المنزل مثل إدارة شركات خدمات مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام تطبيقات التداول الإلكتروني في إدارة الوساطة المالية.

هناك أيضا سُبل وطرق أخرى للاستفادة من الفرص الجديدة التي جاءت في ركب الثورة الصناعية الرابعة، حيث تعمل شركة ديستربيوتيد إينيرجي، وهي شركة ناشئة روشير بنجابي أحد مؤسسيها، على مساعدة المستثمرين على إرساء المشروعات في مجالات الطاقة الجديدة.

ويوضح روشير عمل الشركة بصورة أكبر قائلاً: «إننا نعمل حالياً على إطلاع المستثمرين على مشروعات الطاقة الشمسية في العالم النامي. وصلت مشروعات تصنيع الألواح الشمسية إلى مرحلة أصبحت فيه تكلفة الكيلو وات أقل من مصادر الطاقة التقليدية. لقد قدمنا مشروعاً ابتكارياً بتكلفة مادية مناسبة يهدف للإسراع في نشر الطاقة المتجددة بأسعار مناسبة في كل من الهند وإفريقيا والشرق الأوسط».

ومع التركيز الكبير على التكنولوجيا في هذا العالم الجديد بآفاقه المتعددة، هناك سؤال مهم: هل يحتاج رائد الأعمال اليوم للحصول على درجة علمية في البرمجيات لاختراق صناعة ما؟ يُجيب روشير بالنفي على هذا السؤال.

ويوضح روشير رأيه قائلاً:«من المهم للغاية أن نطرح أسئلة أساسية بدلاً من محاولة فهم آليات عمل التكنولوجيا.ومن ثم، سينصب الحديث حول كيفية تأثير التكنولوجيا على أنماط الأعمال وأين يمكن استيعاب التكنولوجيا. وعلى الرغم من أن التعمق في التكنولوجيا ليس بالأمر السيئ، إلا أن ما يهم في نهاية أي مشروع هو النتيجة النهائية».

ويوافق خالد حميدان على الرأي القائل بأنه سيكون هناك طلب غير مسبوق في المنطقة على أصحاب المهارات التقنية، لكنه يعتقد في الوقت نفسه أن توافر فكرة عظيمة مع العمل الدؤوب والتفكير الذكي يمكن أن تكون عناصر كافية للنجاح.

ويختتم حميدان الحديث بقوله:«يحتاج رائد الأعمال للمثابرة والالتزام قبل أي شيء. لابد من توافر رؤية سليمة عن المنتج أو الحل المبتكر».

 

 

Email