التطبيقات الجديدة بين النجاح والفشل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى رواد الأعمال الشباب إلى استغلال تطور التقنيات لاستحداث خدمات جديدة.. ينجح بعضها بينما لا يحظى بعضها الآخر بالنجاح المأمول.

علي بجي، أحد أعضاء الفريق المسؤول عن حملة «رويجل»، يتحدث مفصلاً عن حملة لتوفير خدمات الرجال لحماية المرأة التونسية من التحرش الجنسي وما إذا حققت أهدافها.

لربما صادفتم قصة هذه الحملة في يوليو الماضي عندما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس بفيديو يروّج لتطبيق «رويجل» رافقته عبارة «مع رويجل، نحرر المرأة التونسية». وتجدر الإشارة إلى أن «رويجل» هو تصغير لـ «رجل»، وهو كلمة رائجة الاستعمال في اللهجة التونسية.

وللتذكير، في هذا الفيديو الإعلاني ومدته دقيقة و28 ثانية، نكتشف أن التطبيق يوفر خدمات مرافقة رجال للنساء اللواتي يطلبن ذلك مقابل بدل ماليّ؛ وذلك، بهدف حمايتهن من التحرش.

هكذا بدأت الحملة التي أثارت كمّاً هائلاً من ردود الأفعال، تفاوتت بين مؤيد ومطالب بمقاطعة التطبيق المُهين للمرأة. ولكن، سرعان، ما نشر القيّمون على الحملة فيديو آخر توضيحي للتأكيد أن التطبيق غير موجود وأن الحملة تهدف إلى التوعية حيال مشكلة متفاقمة في المجتمع التونسي.

وهنا، نعود مع علي بجي وهو الذي عمِل كمسوّق ومصمم جرافيك لحملة «رويجل» إلى ولادة الفكرة في ديسمبر 2018. ويقول علي: «كل شيء بدأ عندما سمع مهدي شريف، أحد أعضاء فريقنا، أن إحدى صديقاته تعرّضت للتحرش وهي في طريقها إلى المنزل.

واعتبرنا عدم شعور المرأة بالأمان في تونس بسبب التحرش أمراً شائناً». ويتابع «لذلك، دعا عدد قليل من الناس في البداية وجمعنا فريقاً يتكوّن، بشكل أساسي، من أصدقائنا الذين قابلناهم أثناء العمل في المجتمع المدني.

لقد بدأنا العمل على الفكرة منذ ديسمبر، وقد انتهينا من تصوير الفيديو الإعلاني بحلول شهر يناير. ولكن نظراً لانشغالاتنا المختلفة، استغرق الأمر الكثير من الوقت، فأطلِقت الحملة في يوليو 2019».

وما يثير الاهتمام في هذه الحملة هو العدد الهائل من المشاهدات والمشاركات حتى في الساعات الأولى من نشر الفيديو، حيث يقول بجي «في الساعة الأولى، وصلنا إلى 60 ألف شخص على فيسبوك».

ويتابع بجي أن فريق الحملة استفاد من عمل العديد من أعضائه مع مختلف جمعيات وشبكات المجتمع المدني، مشيراً «يغطي فريق «رويجل» شبكة كبيرة جداً من الناشطين الذين يأخذون حقوق الإنسان وحقوق المرأة على محمل الجد. هؤلاء الناشطين شاركوا الفيديو مع شبكاتهم ما كان له تأثير كرة الثلج».

وعلى الرغم من اضطرار الفريق في سحب الفيديو ثم إعادة نشره بسبب خطأ ما، وصلت الحملة، في الأيام الثلاثة الأولى فقط، إلى أكثر من 1.5 مليون شخص. ويكشف لنا بجي «كنا نتوقع أن تحقق الحملة نجاحاً إلا أنها فاقت التوقعات. كنّا أعددنا مشاركات على مدار أسبوع لتبدأ الحملة في 22 يوليو وتنتهي في 28 منه، إلا أننا قررنا أن ننهيها قبل الموعد بنشر فيديو توضيحي».

هذه الأيام الثلاثة كانت كافية لتكشف ردود الأفعال عن وعي لا بأس به لدى كل من شاهدوا الفيديو. ويقول بجي «سُعدنا جداً بأن العديد من الناس دعوا للمقاطعة. ففي النهاية، «رويجل» ليست تطبيقاً والهدف الرئيسي يكمن في التوعية حيال مشكلة التحرش في تونس». ويضيف «معظم الناس اعتبروها إذلالاً للنساء وإهانة لحقوق المرأة. ونشكر الله على ذلك».

ويؤكد أن هؤلاء الأشخاص هم الذين كانوا مستهدفين من الحملة والذين أراد فريق «رويجل» إشراكهم في النقاش حول هذه المشكلة المجتمعية في تونس. ويضيف بجي، من باب المزاح، «وصلتنا بعض الرسائل من نساء أردن استخدام التطبيق ما يعكس وضع المرأة في بلادنا إضافة إلى طلبات عمل من عدد من الرجال!».

فحتى لو أن كثيرين يعتبرون أن وضع المرأة التونسية أفضل بكثير من وضع نساء أخريات في دول عربية، إلا أن مشكلة التحرش رائجة جداً في تونس والأرقام لا تكذب، بحسب بجي. ويطلعنا هذا الأخير على دراسة مصدرها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة وتشير أن 80% من التونسيات تعرضن للعنف الجنسي و90% منهن للتحرش في وسائل النقل العام.

ويشدد بجي «الموضوع الأهم الذي أردنا التطرق إليه هو أن التحرش أصبح أمراً طبيعياً ولم يعد يشكّل صدمة لأحد منذ فترة طويلة. أردنا أن نضع حداً لهذه «اللامبالاة» العامة. أردنا إعادة قضية التحرش إلى الخطوط الأمامية، بحيث يكون المزيد من الناس على دراية بها ويساعدون في حلها».

حملة صادمة وردود أفعال كثيرة ولكن، في النهاية، هل نجحت حملة «رويجل» في تحقيق مرادها؟ هنا يجيب بجي «نحن راضون تماماً عن النتائج. على الرغم من أن العديد من الأشياء لم تسِر كما هو مخطط لها، إلا أننا، حتى اليوم، نشعر بالتأثير الجوهري لحملة «رويجل» في المجتمع المدني. فالناس ما زالوا يتحدثون عنها، كما أنها حفّزت مشاريع جديدة بشأن حقوق المرأة والتحرش».

* باحثة اجتماعية

 

 

Email