مستقبل التعليم العربي وأزمة القراءة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أب لطفلين يسعى لغرس حب القراءة والتعلم في نفوس الأطفال العرب باستخدام قوة تأثير التكنولوجيا والترفيه.

وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة «ذا آني إي. كاسي»، فإن أهم سنة في تعليم الطفل هي عندما يكون في عمر الثامنة أو في الصف الثالث. وقد وجدت المؤسسة، التي تركز على تحسين رفاهية الطفل الأمريكي، أن هذه هي مرحلة النمو التي ينتقل خلالها الأطفال من «تعلم القراءة» إلى «القراءة للتعلم»، كما أثبتت الدراسة أن طلاب الصف الثالث غير المتمكنين من مهارة القراءة قد ترتفع نسب تسربهم من التعليم في المرحلة الثانوية إلى أربعة أضعاف.

وقد دفعت الأهمية البالغة لهذه النقطة المحورية في تنمية مهارات الطفولة المبكرة بدر ورد، المدير التنفيذي لتطبيق التعليم الترفيهي باللغة العربية «لمسة»، إلى الاستمرار في تطوير طرق مبتكرة لتحفيز الأطفال في العالم العربي على القراءة والتعلم بلغتهم العربية.

ويقول ورد: «إذا لم نشجع الأطفال على القراءة في هذه المرحلة العمرية، فنحن نُعرضهم لخطر كبير في حياتهم يتمثل في عدم قدرتهم على مواكبة ركب العلم والتطور».

وبما أن الأطفال يقضون بالفعل أوقاتاً طويلة على الإنترنت، فإنه ورد لديه القناعة بأن التعليم الترفيهي (الوسائط المصممة للتعلم من خلال الترفيه والتسلية) هو أفضل طريقة لاستثمار هذه الأوقات في أنشطة «مفيدة وذات مغزى».

انطلق تطبيق «لمسة» في المملكة العربية السعودية في 2012 كمنصة تعليم ترفيهية خالية من الإعلانات، ويتميز التطبيق باعتماده على القصص المُصورة والأناشيد وأغاني الأطفال والألعاب التفاعلية والفيديوهات التعليمية باللغة العربية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 8 سنوات.

ويؤكد: «يجب علينا مواجهة واقعنا الحالي، فأنظمة التعليم الموجودة حالياً حول العالم هي أنظمة قد عفا عليها الزمن، وسواء أحببنا ذلك الأمر أم لا فقد غيرت التكنولوجيا طريقة حصولنا على المعلومات، فأطفال اليوم يتعاملون مع الأجهزة الإلكترونية منذ نعومة أظفارهم، لذا فإنه لازماً علينا أن نهتم بتشجيعهم على حب التعلم والقراءة، سواءً كانت هذه القراءة باستخدام الكتب الورقية أو الإلكترونية أو بسرد القصص التفاعلية».

ويوضح ورد أن الأمر يشبه إلى حد كبير أثر المعلم المحبوب في زيادة حب واهتمام الأطفال بالمادة التي يُدرسها، كذلك فإن التعليم الترفيهي له «أثر بالغ» في إثارة فضول الأطفال حول موضوع ما. 

صاغ بدر ورد الشخصيات في تطبيقه لتحاكي ابنته جوري وابنه آدم، بعد أن دفعه عدم اهتمامهما بالقراءة إلى الإسراع في إطلاق تطبيقه التعليمي الجديد «لمسة». 

وطلب ورد المشورة من صديقه ليونارد ماركوس، المؤلف والمؤرخ والخبير في الأدب الإنجليزي للأطفال، وقد نصحه ماركوس بأن يأخذ الأطفال في نزهة إلى متجر كتب مُصورة ويعطيهم فرصة الاستكشاف دون إجبارهم على شراء أي شيء. 

ويقول بدر ورد: «قمت بذلك بالفعل، فقد ذهبنا إلى متجر الكتب المصورة، وسمحت لهم بالتجول، وكانوا منبهرين ومفتونين بالصور»، ثم سأل أطفاله عما إذا كانوا يريدون أي شيء، فقالوا إنهم يرغبون في شراء بعض الكتب المصورة.

يتذكر الأب قائلاً: «وجدت أطفالي يطالعون هذه الكتب المصورة في المساء، وقد ارتسمت على وجوههم البسمات، ومنذ زيارتنا لمتجر الكتب التي قد مر عليها ثلاث سنوات وهم قد ارتبطوا بالكتب وأصبحت جزءاً لا يمكنهم الاستغناء عنه في حياتهم اليومية».

ويضيف أنه قد رسخ إيمانه ويقينه بفعالية استخدام الصور لجذب اهتمام الأطفال، بعد أن لاحظ التأثير القوي للصور والرسومات التوضيحية في تجربته الشخصية مع أطفاله.

ويشير بدر ورد إلى التحديات الحالية المتمثلة في ركاكة المواد التعليمية وضعف ارتباطها بالثقافة العربية، ولهذا السبب تم تطوير محتوى مكتبة «لمسة» لنشر العربية ليس فقط بوصفها لغة، ولكن بوصفها لغة تجسد الثقافة والتراث والأدب والموسيقى والمطبخ العربي. وتحقيقاً لهذا الهدف يتعاون فريق عمل التطبيق مع مجموعة من المؤلفين والرسامين والمؤسسات العربية. 

ويؤكد  على فكرته بقوله إن «اللغة العربية أكثر من مجرد لغة، فإن فهم الأطفال للغة العربية في سياقها الثقافي هو شيء جوهري للمساعدة في تكوين قيم ومعتقدات وهوية الطفل العربي في كل مكان».

ويواصل ورد الحديث قائلاً: «من المهم للغاية عند نمو الطفل وتطوير مهاراته أن يكون لديه فهم واضح لجذوره الثقافية، بمعنى أنه عليك أولاً أن تبدأ بالتعرف على ثقافتك، ومن ثَم تنطلق لفهم وإدراك الثقافات الأخرى لكي تتعايش معها وتتعلم التسامح، وذلك أمر أصيل لغرس الثقة ومعرفة قيم الهوية والتراث».

وأوضح الرئيس التنفيذي لتطبيق «لمسة» أنه تلقى ردود فعل إيجابية للغاية من الشرق الأوسط والجاليات العربية في الغرب، مسجلاً أكثر من 16 مليون عملية تنزيل للتطبيق. 

ويشير إلى أن هناك أكثر من 400 مليون شخص يتحدثون اللغة العربية على ظهر هذا الكوكب، يبلغ متوسط عمر ثُلثهم، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي، أقل من 13 عاماً، كما تُصنف المنطقة من بين أعلى المناطق استخداماً للهاتف المحمول للاتصال بالإنترنت، وبالتالي فإن الحاجة إلى تقديم محتوى آمن وهادف يظل أمراً جوهرياً في تكوين مستقبل هذه الأجيال الناشئة. 

ويختتم بدر ورد: «عندما نأخذ بأيدي هذه الأجيال للمُضي قدماً نحو عالم مليء بالخيال والفضول والطموح والأحلام، نكون حينها قد قمنا بدورنا وواجباتنا سواءً كآباء أو كمجتمع».

كلمات دالة:
  • القراءة،
  • التعليم،
  • العالم العربي ،
  • الشرق الأوسط
Email