«جسور» تفتح أبواب التعليم للشباب السوري

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«التعليم في الصغر كالنقش في الحجر»، مقولة لم تكن يوماً محقة كأيامنا هذه لاسيما بالنسبة للشباب السوري؛ سواء كان هذا الشباب يعيش داخل الأراضي السورية التي ترزح تحت وطأة الحرب أم أنه يعيش لاجئاً أو مغترباً في إحدى الدول المضيفة.

كثيرة هي الجمعيات التي كرّست نشاطاتها ومهماتها من أجل توفير أبسط أساسيات التعليم للشباب السوري اللاجئ تحديداً في المخيمات أو الدول المضيفة مثل لبنان والأردن وتركيا إلا أن جمعية «جسور» قررت أن تبلور برامجها العديدة من أجل خدمة الشباب السوري، في الداخل والخارج، للحصول على أفضل تعليم بغض النظر ما إذا كان لاجئاً أم لا.

وخلال لقائنا بدانيا إسماعيل، أحد أعضاء مجلس الإدارة المؤسسين ومديرة برنامج جسور لريادة الأعمال، تخبرنا أن الجمعية غير الحكومية «تأسست بفضل مغتربين سوريين وتسعى إلى خلق فرص للشباب السوري»، مضيفة «إذا استثمرنا في هذا الجيل اليوم، ستقطف سوريا الثمار لاحقاً. نحتاج إلى جيل من الأفراد المثقفين ليعودوا ويكونوا جزءاً من عملية إعادة بناء المجتمع المدني وليس البنى التحتية السياسية فحسب».

قصة تأسيس منظمة «جسور» تستحق التوقف عندها. التقى الأعضاء المؤسسون الأربعة صدفة في سوريا حين كانت الأوضاع مستقرة هناك، حاملين كلا منهم حلماً أو فكرة لتطوير البلاد. ولكن، سرعان ما تدهورت الأوضاع، ليتواصل الأعضاء مجدداً. وهنا تخبرنا إسماعيل «حينها، وجدنا، أن أكثر من أي وقت مضى، لا بد من إطلاق مبادرة تربط بين الجاليات والمغتربين السوريين لمساعدة الشباب السوريين. وتوصلنا إلى فكرة جوهرها أن يتعاون المغتربون السوريون ويربطوا شبكة معارفهم ويبنوا على خبرتهم وتعليمهم، ويتواصلوا مع الشباب السوري في الداخل لخلق الفرص لهم، سواء كانت فرصاً تعليمية أو لتطوير حياتهم المهنية، وروح المبادرة».

وبعد عدد من اللقاءات الافتراضية وانخراط المزيد من المغتربين السوريين الذين تطوعوا بغية وضع خطة عمل وبلورتها مجاناً، أطلقت الجمعية نشاطاتها مع برنامج إرشادي. وتخبرنا إسماعيل «كان التواصل مع مختلف السوريين سهلاً جداً. طلبنا من كل من يملك الوقت ويريد التطوع أن يساعد السوريين الشباب الذي يريدون الالتحاق بجامعات في الخارج في تقديم طلبات الانتساب لاسيما أن كثيرين منهم كانوا يجهلون العملية التي يجب اتباعها».

انطلقت إذا «جسور» مع 30 طالباً ليصل اليوم عدد الطلاب الذي تم إرشادهم لدخول الجامعات إلى 600. وتطورت جمعية «جسور»، سواء في برامجها أو شبكة متطوعيها وأعضائها الذين فاق عددهم الـ 120 ألف شخص.

ولكن، سؤال يطرح نفسه: لماذا اختيار مجال التعليم؟ تجيبنا إسماعيل «كان الأمر الأكثر منطقاً بالنسبة لنا حيث شعرنا بوجود فجوة كبيرة ويمكن تحقيق الكثير. ودعونا لا ننسى أن تعليمك سيجلب لك وظيفة ويكسبك خبرة وسيساعدك على بناء شخص آخر والشخص الآخر سيكون جزءاً من المجتمع في المستقبل».

إضافة إلى برنامج الإرشاد الأكاديمي، طوّرت «جسور» باقة من البرامج لتلبية حاجات أكبر عدد من الشباب السوري. فأطلقت برنامج منح جسور الدراسية حيث تشرح لنا إسماعيل «أبرمنا شراكات مع عدد من المنظمات وأكثر من 12 جامعة حول العالم (الولايات المتحدة، كندا، أوروبا، الشرق الأوسط) من أجل توفير منح وتشارك تكاليفها». ونظمت أيضاً برنامج تعليم الأطفال اللاجئين الذي انطلق من لبنان عام 2014 ويهدف، على حد قول إسماعيل، «إلى مساعدة الطلاب على الالتحاق بالمدارس الرسمية اللبنانية إذ إن مراكز جسور هي مراكز تعليمية ولا تستبدل المدارس». وبلغ عدد الأطفال السوريين الذي درسوا في مراكز جسور الثلاثة في لبنان نحو 3500 طالب.

بعد مرور سنوات عديدة على إطلاق برامج «جسور»، ما زالت الحاجة ذاتها لا بل إن الطلب في تزايد عاماً بعد عام. وهنا تقول إسماعيل «معظم الأموال والمساعدات تُخصص للاجئين السوريين إلا أن الواقع مختلف لاسيما أن كثيرين لا يتمتعون بوضع لاجئ لكنهم يحتاجون إلى المساعدة».

ازدياد الطلب وتغييرات أخرى أيضاً نتيجة الظروف الراهنة. فتلاحظ إسماعيل فرقاً آخر في برنامج ريادة الأعمال ألا وهو أن العديد من الشركات الناشئة تعتمد على أفكار اجتماعية ولم تعد تعليمية فحسب إضافة إلى أن هناك المزيد من الطلبات من أوروبا حيث يزداد عدد اللاجئين فيها. وعلى صعيد برامج المنح، تشير لنا أن مع تغيير القانون وصعوبة الوصول إلى الولايات المتحدة، تبحث «جسور» إبرام شراكات في دول أخرى مثل كندا والمكسيك وحتى اليابان.

مساعٍ حثيثة وبرامج حالية ومستقبلية ومشاريع لا تنتهي إلا أن التأثير لتجنب «جيل مفقود» يبقى محدوداً. وهنا تقول إسماعيل «نحن كمنظمة غير حكومية صغيرة، نستطيع مساعدة نحو 1500 طالب سنوياً لا أكثر. نريد أن نتوسع من أجل خلق تأثر كبير إلا أن التغيير يأتي من الأعلى. نستطيع أن نكون جزءاً من المحادثة وتقديم المساعدة وكشف ما يحدث على الأرض إلا أن القرار بيد الحكومات».

وتتذكر إسماعيل أيضاً أول دفعة من الطلاب الحاصلين على منح في الولايات المتحدة التي أسست شبكة متخرجي «جسور» ويقومون بجمع الأموال لتوفير منحة لطالب سوري. أمثلة تؤكد أن أهداف «جسور» تتحقق إذ أنها لا تساعد الشباب السوري فحسب لا ان هذا الأخير يعمل، بالوسائل المتاحة، إلى «رد الجميل» بفضل إنجازات مهمة في المجتمع.

Ⅶ باحثة اجتماعية

Email