منصة إعلامية رائدة خاصة بالنساء

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حياة رائدة الأعمال ليست سهلة بل يجب التفكير بالجانب المالي والاجتماعي وبذل ضعف المجهود قبل الغوص فيها.

في أحد مقاهي دبي، التقيت بمشال وقار، المؤسسة الشريكة ومديرة التكنولوجيا التنفيذية لموقع «ذي تيمبست»، منصة إعلامية مكرّسة للشابات للحديث مفصّلاً عن مسيرتها كرائدة أعمال نالت العديد من الجوائز والتكريم وللغوص أكثر في تفاصيل هذه الرحلة التي لم تخلُ من المطبات.

«لم أكن أكيدة أن اسمي ورد على القائمة. لم أتلقَ بريداً الكترونياً لتأكيد فوزي. وفي أحد الأيام، كنت أتصفّح انستغرام ورأيت أن القائمة نُشرت. انتابني الخوف لكنني زرت موقعهم ورأيت صورتي بين الصور الأخرى. صرخت وقلت لنفسي "هذا جنون!" وبدأت بالبكاء لأنني لم أكن أصدق ما أرى وكأن الأمر غير حقيقي»، بهذه الكلمات تخبرنا مشال وقار، متحمسة وكأنها تعيش اللحظة مجدداً، عن اكتشافها أنها على قائمة فوربز الشرق الأوسط لأبرز ثلاثين شخصية تحت عمر الثلاثين في المنطقة.

خبر حقيقي يأتي لتتويج مسيرة هذه الشابة الباكستانية التي ولدت وترعرعت في المملكة العربية السعودية والتي تعيش حالياً في دبي والتي نجحت، على الرغم من صغر سنها (24 عاماً)، في تحقيق الكثير.

باختصار، تعرّف مشال عن نفسها على أنها متخصصة بالتكنولوجيا تحوّلت إلى رائدة أعمال في مجال الإعلام. ولكن، كيف استطاعت، بوقت قصير، أن تصبح المؤسسة الشريكة ومديرة التكنولوجيا التنفيذية لموقع «ذي تيمبست»؟

هنا تخبرنا «وقعت صدفة على أحد المقالات على الموقع وذهلت لأنني لم أقرأ يوماً محتوى مماثلاً. وأتذكر أنني أمضيت ثلاث ساعات أقرأ المقال تلو الآخر وأنا في حالة ذهول لأنني لم أصدق أنني لم أكن أعرف هذه المنصة حيث تشارك نساء من مختلف أنحاء العالم تجاربهن وقصصهنّ. وقعت في غرام "ذي تيمبست" وأهداف محتواها ألا وهي أن المرأة لديها صوت ومنصة لإيصاله».

علاقة الحب لم تقف عند هذا الحد لا.. بل أرادت مشال أن تستغلّ حياتها في الخليج حيث عاشت في السعودية حتى عمر الـ 17 وتعيش في دبي منذ 6 سنوات للكتابة عن النساء والتكنولوجيا. فمن كاتبة في صيف 2016 إلى مؤسسة شريكة عام 2017.

وتكشف لنا «عندما اقترحت علي ليلى "المؤسسة الشريكة" المنصب لم أصدق أذني. كان يفترض بي أن أتولى منصباً في شركة أو أن أتابع مساري في الشركات الناشئة إلا أنني قررت، رغم نقص خبرتي في الإعلام، أن أقبل الوظيفة لأنني شعرت أنني أعيش أفضل لحظة في حياتي».

أفضل لحظة تلتها الكثير من المطبات التي كانت لتُحبط عزيمة كثيرين. وتكشف لنا مشال «عندما بدأت، صراحةً لم أكن أعرف ما هي مهام المؤسس الشريك.

ظننت أنني سأتولى أموراً تقنية وأبني منصة وأدواتها إلا أن المهام أكبر بكثير وتعلمتها بالطريقة الصعبة مثل الجانب المالي، سواء التمويل أو الاستثمارات أو العائدات». إضافة إلى أن كثيرين لم يأخذوا مشال على محمل الجد بسبب عمرها. وتخبرنا «عندما أجتمع بأفراد يكبرونني بـ 10 أو 15 سنة، عليّ أن أعمل جاهدةً ليصغوا إليّ».

مشال التي تصف نفسها بالانطوائية اضطرت أيضاً للعمل والمثابرة لأنها لم تكن تتقن فن التحدث أمام الجمهور؛ مهارة أدركت سريعاً أهميتها من أجل الكشف عن الحقيقة ألا وهي أنّ ما أنجزته اليوم مع منصة «ذي تيمبست» والجوائز التي فازت بها لم تحصل عليها على طبق من فضة.

فحياة رائد الأعمال ليست سهلة لا بل يجب التفكير بالجانب المالي والاجتماعي وبذل ضعف المجهود قبل الغوص فيها. وهنا تخبرنا «في بعض اللحظات، تساءلت ما فائدة كل ذلك؟ مررنا بأوقات صعبة حيث لم نكن نتقاضى أنا وليلى راتباً واضطررت للعمل بدوام جزئي لدفع الإيجار». وتتابع «أتذكر أنني كنت أعود إلى المنزل وأبكي وأشعر بأن الأمور لن تتحسّن إلى أن حصلنا على أكبر زبون لنا وانقلبت الأمور رأساً على عقب».

ولكن، في هذه الأوقات الصعبة، كانت مشال دائماً تفكّر بالقضايا الأحب إلى قلبها والتي من أجلها قررت العمل في «ذي تيمبست» وهي إيصال صوت النساء؛ قضية بدأت الاهتمام بها منذ نعومة أظافرها حيث إنها أدركت أهمية الاستقلالية المالية وعملت للحصول عليها بعد تخرجها.

ومنذ ذلك الحين، تعيش مشال التغييرات التي تظهر في أوضاع النساء في المنطقة حتى لو أن الكثير ما زال ناقصاً. فتقول «أتعرفين أن 3 % فقط من رائدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحصلن على تمويل؟»

ولا يتوقف اهتمام مشال بقضايا النساء بل تسعى أيضاً لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة حيث تشير «هناك 1.3 مليار شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة إلا أنهم لا يملكون النفاذ إلى المحتوى الالكتروني. نادراً ما نهتم بالمستخدمين الصم أو المكفوفين وباحتياجاتهم» وتريد مشال إيجاد حل لهذه المشكلة من خلال توفير محتوى متأقلم مع أوضاعهم.

لا تكتفي مشال وقار بما أنجزته حتى الآن رغم صغر سنها. ولا شك أن النجاح سيبقى حليفها لاسيما أنها لم تُصب بـ (جنون العظمة) فهي تفاجئك بتواضعها وبتوقها للتعلّم والتعلّم باستمرار. وكيف لا ونصيحتها هي.. أستطيع أن أقول لك شيئًا واحدًا، أحد أهم الدروس التي تعلمتها هو أنك لا تعرف شيئاً على الإطلاق وهناك دائمًا أمر يمكنك تعلمه من شخص آخر.

باميلا كسرواني - باحثة اجتماعية

Email