التكنولوجيا المالية «فينتك».. في الشرق الأوسط

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسس مركز دبي المالي العالمي مؤخراً صندوقَ تمويل بقيمة 100 مليون دولار خاصاً بأعمال التكنولوجيا المالية.

تزدهر حالياً التكنولوجيا المالية، المعروفة اختصاراً بمصطلح «فينتك»، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتنمو التكنولوجيا المالية في المنطقة بصورة سريعة دون أية مؤشرات على التباطؤ وذلك من خلال العمليات المختلفة سواء تحويل الأموال عبر تطبيقات الهواتف المحمولة أو البحث عن خدمة إقراض النظراء بصورة مباشرة عبر المنصات الإلكترونية.

استطاعت الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لتقرير حول التكنولوجيا المالية في المنطقة، أن تجمع خلال السنوات العشر الماضية تمويلاً يُقَدَّر بأكثر من 100 مليون دولار.

ومن المُتوَقَّع أن تتضاعف هذه الاستثمارات بحلول عام 2020، ومن المُتوَقَّع كذلك وفقا للتقرير نفسه أن يتضاعف عدد الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية ليصل إلى 250 شركة بحلول عام 2020.

وعلى الرغم من صعود هذه التكنولوجيا المبتكرة، لا يزال 86% من الأفراد البالغين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يمتلكون حسابات مصرفية، وهذا يعني أن هناك شريحة كبيرة من السكان مستثناة من الخدمات المالية، ويمثل ذلك في حد ذاته فرصة كبيرة لنمو التكنولوجيا المالية في المنطقة.

يُعَد الشمول المالي محركاً مهماً للنمو الاقتصادي.

ويرى موسى بيدس، الشريك المؤسس لشركة «بريدج»، وهي شركة تكنولوجيا مالية في دبي توفر منصة للدفع عبر الهاتف المحمول تربط بين التجار والعملاء من خلال هواتفهم الذكية والبلوتوث، أن التكنولوجيا المالية يمكن أن تُساعِد في الوصول إلى المزيد من الأفراد وخلق بيئة تتسم بالشمول المالي.

ويقول بيدس: «ستكون التكنولوجيا المالية هي الوسيلة لتمكين الأفراد، إنها تمثل الجسر بين الأهداف التي ترغب الحكومات في رؤيتها تتحقق في بلادها واقتصاداتها، وما يحتاج إليه السكان».

وأضاف قائلاً: «ترغب الحكومات في الابتعاد عن المعاملات النقدية المباشرة، ولكن هذا التحول ليس بالأمر اليسير، وتستطيع التكنولوجيا المالية تحديد ما يجب القيام به على وجه الدقة لتمكين مجتمع لا يعتمد على التعاملات النقدية المباشرة، في الوقت الذي تميل فيه البنوك والمؤسسات التجارية الكُبرى إلى اتباع نهج واحد في التعامل مع الجميع بسبب حجمها وطريقة عملها».

وفقاً لرؤية محمد عبد المطلب، مؤسسة شركة إكس باي، التي توفر تطبيقاً للهواتف المحمولة في مصر يتيح للمستخدمين إجراء عمليات دفع رسوم الأنشطة المجتمعية مثل: مصروفات المدارس واشتراكات الأندية وصالات الألعاب الرياضية ومراكز الأنشطة، فإن التكنولوجيا المالية ستساعد الأفراد الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية على فتح حسابات والتعامل مع البنوك.

ويوضح عبد المطلب قائلاً: «إن فتح حساب مصرفي ليس بالأمر السهل، حيث إن هناك تكلفة لفتح الحساب واستيفاء الأوراق المطلوبة من البنوك لمعرفة تفاصيل هوية العملاء، علاوة على معرفة فروع فتح الحساب».

وأضاف عبد المطلب: «تتغلب التكنولوجيا المالية على هذا الأمر عن طريق دعوة الأفراد للاشتراك عبر الإنترنت والتعامل مع عملية تحديد هوية العملاء بطريقة أبسط كثيراً».

ومع بزوغ الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في السنوات القليلة الماضية، أصبح الناس يُقبلون الآن على رقمنة الخدمات المالية، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن إخفاء هويتهم.

ويعود بيدس للحديث فيقول: «من خلال الرقمنة، تصبح هويتك أقل إخفاءً، ومع ذلك أتوقع إقبال المزيد من الأفراد على رقمنة تعاملاتهم المالية النقدية المباشرة لأنهم سيحصلون على المزيد من القيمة المضافة من التكنولوجيا المالية».

على الرغم من النمو السريع لمجال التكنولوجيا المالية، فإنها لا تزال فكرة جديدة نسبياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عندما أطلق بيدس تطبيق بريدج في عام 2015، كان التحدي الأكبر بالنسبة له هو محاولة تثقيف العاملين في المجال، ولا سيِّما أصحاب رؤوس الأموال المجازفة، بشأن أهمية التكنولوجيا المالية في بيئة عمل تتسم بالنضج.

ويقول موسى: «قال لنا بعض الأشخاص بأنه علينا الانتقال بهذه الفكرة إلى مكان آخر تكون فيه بيئة العمل أكثر نضجاً وأكثر قدرة على التكيف مع الأفكار الجديدة، لكننا كنا نلبي حاجة لا يستطيع هؤلاء الأشخاص الحصول عليها في أي مكان آخر».

ويمكن القول إن المنطقة أصبحت جاهزة لاستيعاب التكنولوجيا المالية، وتتأهب دبي لتكون مركزاً للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقام مركز دبي المالي العالمي مؤخراً بتدشين صندوق تمويل بقيمة 100 مليون دولار خاص بأعمال التكنولوجيا المالية بهدف تسريع عملية تطويرها، وأبرمت سلطة دبي للخدمات المالية منذ بضعة أشهر اتفاقية مع اليابان لتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا المالية.

ومن ناحية أخرى، تحاول مصر توسيع قاعدة اقتصادها الرسمي لدمج الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومن المُتوَقَّع أن يشهد قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة دمج شركات تحقق عوائد تقل عن 500 ألف جنيه مصري لتنخفض معدلات ضريبة القيمة المضافة لها إلى 1% فقط.

وتجري أيضاً محادثات حول إنشاء صندوق تمويل التكنولوجيا المالية للشركات الناشئة بقيمة 57 مليون دولار أمريكي لتطوير هذا المجال بصورة أكبر.

ومع كل ذلك، فإن تحقيق المزيد من النمو في هذا المجال يتطلب استعداد المزيد من أصاحب رؤوس الأموال المجازفة للاستثمار في التكنولوجيا المالية.

وعلى الرغم من أن عبد المطلب كان قادراً على جمع الأموال من خلال المستثمرين الملائكة الداعمين للمشروعات الناشئة في تدشين إكس باي، فإنه عانى كثيراً لجذب أصحاب رؤوس الأموال المجازفة.

ويشير إلى هذه النقطة قائلاً: «مثل هذه الوضعية ليست مثالية، ليس فقط بسبب الحاجة إلى المال، ولكن بسبب ما يسهم به أصحاب رؤوس الأموال المجازفة من خبرات».

ويوافقه موسى الرأي قائلاً: «من أجل تحقيق هذه الأرقام التي يتوقعها هؤلاء الخبراء بحلول عام 2020، يجب أن تحدث الكثير من التغييرات وأن يدخل المزيد من اللاعبين الجدد، لا سيما فيما يتعلق بمسألة رؤوس الأموال المجازفة، التي لا يجب أن ينصبّ تركيز أصحابها فقط على الفكرة أو حالة النمو، ولكن على المرحلة الوسطى، لأن هذه هي المرحلة التي تحتاج خلالها الشركات الناشئة إلى ضخ أموال كي تعمل».

 باحثة اجتماعية

 

 

Email