تطبيق منخفض الكُلفة لمساعدة المكفوفين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمكن المهندس الجزائري البارع إسلام منوشي من ابتكار برنامج قد يغير حياة 17 مليون شخص من المكفوفين وضعاف البصر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يُعتبر التنقل من أهم التحديات التي يواجهها المكفوفون، وهو المشكلة التي يعاني منها المهندس الشاب البالغ من العمر 26 سنة، والتي يعتقدُ أنه يستطيع المساعدة في إيجاد حل لها، وذلك من خلال تطبيق «دليل» الذي يقوم على الذكاء الاصطناعي.

وفقاً لمجموعة من الأكاديميين في جامعة المنستير التونسية فإن هناك ما يقدر بـ 3.12 ملايين شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصابين بالعمى، بينما يعاني 13.7 مليون شخص آخرين من ضعف بصري معتدل إلى حاد، وهو ما يعادل حوالي 5.6% من سكان المنطقة.

وفي هذا السياق، يقول منوشي من داخل شركته «دليل تكنولوجي» والتي يديرها في الجزائر مع أربعة مهندسي برمجيات آخرين «كنا نرغب في استغلال مهاراتنا الهندسية التقنية، واستخدامها في حل هذه المشكلة الاجتماعية، وأن نساهم في مساعدة الأشخاص المعاقين بصرياً لينعموا بحياة أسهل».

يستخدم التطبيق الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لتقديم تعريف للأجسام في وقت آنِي. حيث يقوم المستخدمون بحملِ هواتفهم المحمولة أمامهم. ويستخدم التطبيق كاميرا الهاتف لتحليل المنطقة المحيطة، ثم يمنح المستخدمَ تعليمات عن الأماكن التي تتواجد بها الأجسام، وعن المسافة التي تفصلها عن المستخدم.

يُعتبر النموذج الأولي للتطبيق جاهزاً، حيث تستعد الشركة لترتيب مراحل التجارب الأولية في كندا، من أجل الحصول على موافقة الجهات التنظيمية. وبمجرد تلقيها الموافقة، سيتم البدء في طرح تطبيق - دليل- للبيع في الأسواق العالمية، بداية بمتجر تطبيقات أجهزة أندرويد، ثم بعد فترة وجيزة في متجر تطبيقات أجهزة الآيفون.

وبخصوص المشاكل التي صادفت فريق منوشي، يقول الأخير «لقد واجهتنا بعض الصعوبات الفنية، كتدريب النظام على التعرف على أكبر عدد ممكن من الأجسام، حيث يتطلب الأمر الكثير من القدرات الحسابية».

ثم أضاف: «لقد بدأنا فقط باكتشاف أجسام قائمة بذاتها، فلنفترض أنك وجّهت هاتفك في اتجاه معين، فسيخبرك مثلاً بوجود طاولة، تلفزيون، أو خزانة كتب. أما المرحلة التالية فهي لربط الأشياء معاً، بحيث يستطيع التطبيق على سبيل المثال، أن يقول:»خلف شجرة، هناك سيارة تتحرك على طول الشارع«،وهذا أمر صعب أيضاً».

وتعتزم الشركة إطلاق التطبيق للتسويق التجاري، أواخر الصيف. حيث سيكون متاحاً بثلاث لغات، وهي الانجليزية، العربية، والفرنسية، بالإضافة إلى إمكانية تنزيله بشكل مجاني، مع مطالبة المستخدمين بدفع اشتراك شهري بقيمة 3 دولارات.

وعن مسألة الأسعار أفاد منوشي قائلاً: «مقارنة بالتطبيقات المنافسة فأسعارنا معقولة جداً، في التطبيقات الأخرى التي تقدم ميزات مشابهة، تعتبرُ أكثر تكلفة». وأردف «يكمن دور التطبيقات الأخرى باكتشاف الجسم المستقل فقط، حيث لا تقوم بشرح مكان الجسم بالنسبة إلى أماكن الأجسام الأخرى. بينما يعتبر منتجنا فريداً من نوعه، من حيث وصف المشهد بالكامل، بحيث يمكن للأشخاص المعاقين بصرياً، تكوين صورة ذهنية أكثر تفصيلاً ودقة، عن المحيط الذي يتواجدون به».

ولِد منوشي الذي يعاني من ضعف البصر في ولاية قسنطينة، والتي توجد على مسافة 400 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة. وجاءت فكرة «دليل» أثناء دراسته الماجستير في علوم الكمبيوتر والشبكات والنظُم الموزعة.

وفي هذا الجانب، يقول صاحب المشروع الذي بدأ البرمجة الحاسوبية في سنّ الرابعة عشرة: تعاونت بعد ذلك، مع بعض الأصدقاء لإنشاء «دليل».

وبعد تخرجه في عام 2017، انتقل إلى كندا العام الماضي للمشاركة في برنامج زمالة لمدة خمسة أشهر، مع Digital Media Zone وهي حاضنة أعمال للشركات الناشئة، حيث ظل هناك من أجل تطوير شركة «دليل»، في الوقت الذي يعمل فيه ثلاثة من شركاء الشركة الآخرين من الجزائر.

يعمل منوشي أيضا في الاستشارات الهندسية الأمنية والأمن المعلوماتي، وذلك بدوام جزئي، في حين أنه يكرس بقية وقته لشركة «دليل»، والتي تشارك في برنامج حاضنة الشركات الناشئة في جامعة رايرسون في تورنتو. وقد ساعد وجوده في أمريكا الشمالية على تعزيز حضور الشركة وتلميع صورتها، حيث حازت سلسلة من الجوائز، من بينها جائزة مؤتمر هارفارد لإدارة الأعمال في أفريقيا أفضل 15 شركة ناشئة على مستوى العالم، وجائزة السنة لـTotal Startupper لأفضل 10 شركات ناشئة، بالإضافة إلى جائزة الفائز الجزائري لمسابقة سيد ستارز العالمية.

حصلت الشركة على إعانات ومنحٍ من شركة الاتصالات الجزائرية جيزي، وحاضنة الأعمال سيد ستارز، بلغ مجموعها حوالي 30،000 دولار، ورغم توفرها على المال الكافي لإطلاق التطبيق، إلا أن الشركة تسعى للحصول على تمويل بقيمة 2 مليون دولار بهدف تطوير نظارات عالية التقنية، ومن شأن هذه الميزات أن توفر أجهزة استشعار أكثر لإعطاء معلومات توجيهية، بالإضافة إلى قياسات أكثر دقة للمسافات، ما يعني انعدام الحاجة لحمل المستخدمين لهواتفهم أمامهم، كما يذكر أن الشركة تجري محادثات مع مستثمر كندي.

واختتم مونشي كلامه قائلاً: «لقد منحتني عائلتي كل الدعم والمساندة، فهم معجبون بما نقوم به لمساعدة المحتاجين».

Email