الشرق الأوسط بحاجة إلى «بلوك تشين»

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اشتهر السومريون والمصريون القدامى قبل أكثر من 4 آلاف عام باستخدام أشكال بدائية من العدادات، كآلية خاصة بهم للعد، وهو ما يتوافق مع مرحلة التبني والتطوير المبكرة لتقنية بلوك تشين، التي تحدث اليوم في الشرق الأوسط.

جاء ابتكار تقنية بلوك تشين في بادئ الأمر لتكون بمثابة نظام دفتر الحسابات أو دفتر الأستاذ العام للعملة الافتراضية المشفرة بيتكوين، ويمكن وصفها بأبسط العبارات بأنها سجل إلكتروني لتسجيل المعاملات الجارية بين طرفين أو أكثر.

وتكمن السمة الوظيفية الخاصة لبلوك تشين بديمومتها (أو ثباتها كما اعتدنا وصفها) بالإضافة إلى إمكانية التحقق من صحة بياناتها دون الحاجة لطرف ثالث، من خلال اعتمادها لنموذج الأنظمة الموزعة (أي بكونها مخزنة على أكثر من جهاز حاسوب واحد).

وطالما أن تقنية بلوك تشين تمثل مجموعة من أنظمة الحسابات الخاصة بعالم الأعمال الإلكتروني والشركات العربية العاملة عبر الإنترنت، فإن بإمكان الحكومات والمؤسسات المحلية الناشطة في السوق أن تستخدمها مثل أي جهة أخرى في العالم.

يحتمل السؤال كلتا الإجابتين، نعم ولا؛ فعلى سبيل المثال تشبه تقنية بلوك تشين الموجودة في مسقط إلى حدٍ كبير تقنية بلوك تشين المستخدمة في مومباي؛ إلا أنها لا تحقق إمكاناتها بمفردها إلى أن يتم التحقق من صحتها وربطها بنجاح مع الأنظمة التي تستخدمها الشركات المحلية.

أريبيان تشين هي شركة تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، تهدف إلى المساعدة في تصميم تقنية بلوك تشين ليتم استخدامها في السوق المحلية العربية. وقد طورت الشركة نسختها الخاصة من توصيلات البرمجيات والمعروفة باسم واجهة برمجة التطبيقات (ApIs) لمساعدة الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الربط بين تقنية بلوك تشين وأنظمتها المؤسسية.

ووفقًا لما ذكره المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أريبيان تشين، محمد السهلي، فإنه بدلاً من تزويد المستخدمين بمجموعة من التعليمات المحددة مسبقاً، (كما هو الحال مع بيتكوين)، فإن تقنية أريبيان تشين توفر لمستخدمي السوق العربية فرصة ابتكار ووضع تعليماتهم الخاصة بهم، وتحديد مستوى التعقيد الذي يرغبون به لهذه التعليمات، التي من شأنها أن تنظم الطريقة التي تُنسج فيها البيانات الرقمية مع بعضها لتُشكل تقنية (بلوك تشين).

وتتمثل النظرية في أنه طالما أن بإمكاننا تحديد شكل خدمات تقنية بلوك تشين الخاصة بنا في الشرق الأوسط (بدلاً من استيراد أنظمة جاهزة من أماكن أخرى)، فإن بمقدورنا تصميم نسختنا العربية من بلوك تشين على نحو يناسب سمات وخصوصيات وتفضيلات الأعمال في المنطقة. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل من ذلك أمراً مهماً، ومنها أن الممارسات المصرفية الإسلامية ليست منتشرة أو شائعة خارج الشرق الأوسط.

تتعهد شركة أريبيان تشين بألا يقتصر استخدام تقنيتها على العملات المشفرة، إذ يُمكن للشركات العربية استخدام هذه البرمجية المحلية كمنصة لبناء تطبيقات برمجية لامركزية منتشرة على عدد من أجهزة الحاسوب وشبكاتها.

ويمكن لهذا التطبيق اللامركزي أن يساعد في إعداد وصياغة عقود ذكية ذاتية التنفيذ ومتاحة للاستخدام على نطاق عالمي. هذا يعني أن الشركات في الشرق الأوسط ستتمكن من إنشاء تطبيقات برمجية لمعالجة مدفوعات العملاء الذين يستخدمون العملات الرقمية، والتي يمكن تحويلها وتعقبها وحمايتها ضمن شبكة مكونة من آلاف الأجهزة المترابطة والموزعة.

ومنذ إطلاقها في أبريل 2017، عملت أربيان تشين مع شركات عالمية، ومنها شركة مايكروسوفت وديل-إي إم سي وإيركسون وأوراكل. وقد استخدمها المتداولون الماليون الذين يتعاملون مع العملة المُشفرة «دبي كوين» (DBIX) في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت.

وسبق أن نقل موقع «Entrepeneur.com» عن السهلي قوله إن «بلوك تشين تقنية حديثة ناشئة تعمل على تحويل طريقة عملنا في مختلف القطاعات، وتطورت لتحويل مجالات الأعمال مثل المعاملات وتخزين القيمة والتعاقد وإدارة البيانات والأمن والاتصالات، وغيرها الكثير. وفي الحقيقة، تصل تقنية بلوك تشين في أهميتها إلى أهمية الإنترنت ذاته، وتدرك معظم الشركات العالمية الكبرى قدرات هذه التقنية جيداً».

ويبقى السؤال المشروع: ما أهمية كل ذلك؟ لأن العالم ينتقل إلى الأنظمة القائمة على التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية التي تتميز بشكل كبير بطبقات الخدمات المرتبطة بها، فإننا نريد أن نكون قادرين على استخدام هذه التقنيات هنا في منطقتنا العربية.

ويتطلب استخدام تقنية بلوك تشين لبناء الحقبة المقبلة من الأعمال الذكية في الشرق الأوسط عملية تطوير وتخصيص محلية، لكن على مستوى يتوافق مع تقنيات التحقق من الرموز الرسمية دولياً لضمان أعلى درجات الجودة والأمن، ولن يتسنى لنا تحقيق ذلك، إلا إذا قمنا بباء النظام هنا.

 

 

Email