تقنية رقمية للمياه الجوفية في الوطن العربي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمنحنا التقنيات الرقمية طرقًا جديدة لقياس وتقييم ومقارنة ما يجري في العالم من حولنا، وقد ظهر علم جديد يجمع بين مختلف أنواع البيانات لرسم صور جديدة أخّاذة لعالمنا.

تبحث دول الشرق الأوسط قاطبةً وتستكشف وتبتكر منذ قرون وسائل وطرقاً وأساليب جديدة لتخزين الموارد المائية. وقد تطوّرت هذه الجهود، من الأفلاج التقليدية وحتى الخزانات الحديثة، ليصبح التوجّه حاليًا نحو توظيف تكنولوجيا المعلومات لتساعدنا في استغلال احتياطات جديدة وتطوير عمليات تحلية أكثر تقدمًا وصولًا إلى تحسين قدراتنا على إدارة المياه بوجهٍ عام.

يعتبر مركز محمد بن راشد للفضاء رائدًا في هذا المجال، إذ حقّق إضافات جديدة على عملية نطلق عليها «دمج البيانات»، وهي ببساطة عملية تكامل مصادر متعددة من المعلومات بغرض إنتاج مجموعة أكثر اتساقًا ودقة من البيانات التي تسلط ضوءاً جديدًا على موضوع معيّن.

مقدمة عن الجيومورفولوجيا

ما أهمية دمج البيانات بالنسبة لإدارة المياه في الشرق الأوسط؟ لأننا إن بدأنا باستخدام بيانات الأقمار الصناعية التي تبحث في خصائص الأرض ودمجنا هذه البيانات مع غيرها من البيانات المتعلقة بالموارد المائية، يمكننا أن نشكل صورة ذكية حقًا تبيّن مواضع ارتفاع وانخفاض مستويات المياه.

يُمكننا حتى أن نستخدم هذه الطريقة لتحديد مواقع مستودعات المياه الجوفية والطبقات الأرضية من الصخور النفاذية والمحملة بالمياه غير المكتشفة التي يمكن الوصول إليها باستخدام آلات الحفر المعاصرة.

لكننا قلنا دمج البيانات... ما يعني أن عددها هائل. إذا عاينا بيانات مستويات المياه ثمّ جمعناها مع بيانات استهلاك موارد المياه البشرية، يمكننا دمج تدفقات البيانات هذه مع خرائط ليدار (اكتشاف وتحديد المدى) عالية الوضوح التي تحوي بيانات الجيومورفولوجيا (علم شكل الأرض) وبيانات الزلازل والفيزياء الجوية الخاصة بمنطقة محددة.

اجمع كل هذه التدفقات من البيانات واربطها بصور فوتوغرافية يومية ملتقطة بوساطة طائرات بلا طيار... ستلحظ حينها مدى التطوّر الممكن والقريب في قدرتنا على تعقب مصادر المياه في الوطن العربي.

كاميرا ويب للكوكب بأكمله

ليست هناك حدود أبدًا للتطوّر في هذا المجال. فقد شهدت السنة الماضية إطلاق شركة مراقبة الكواكب الأميركية «بلانيت» لآخر أقمارها الصناعية الصغيرة من طراز «دوف» البالغ عددها 149 قمرًا، وهي أكبر مجموعة من الأقمار الصناعية المترابطة تدور حول كوكبنا على الإطلاق.

تعمل هذه «الكوكبة» من الأقمار الصناعية على نظام مراقبة بعثات مؤتمت صمّمته الشركة خصيصًا لهذا الغرض، وتولّد كميةً ضخمة من البيانات قادرة على معالجة عدد هائل من الصور الملتقطة. يمكنك أن تشبّهها بكاميرا ويب مصمّمة للكوكب بأكمله، وأنه يُمكن دمج جميع البيانات التي تُولّدها واستغلالها في بحثنا عن الموارد المائية هنا في الشرق الأوسط.

يُفيد روبي شينغلر، أحد مؤسسي «بلانيت» والرئيس التنفيذي للاستراتيجية قائلًا: «لقد طورنا منصة برمجية تتيح للعملاء والباحثين والحكومات والمنظمات غير الربحية إمكانية الوصول إلى الصور [الأرضية] بسرعة. وفي عام 2011، تحدينا أنفسنا بمهمة جريئة تتمثل في تصوير كامل سطح الأرض كل يوم، لأننا مقتنعون بقدرة البشرية على إحداث تغيير إيجابي ملموس على العديد من التحديات العالمية بفضل هذه البيانات».

الأقمار الصناعية العربية

هناك قدرة مشابهة لرسم الخرائط في أي مكان على الأرض من السماء يدعمها تجمع «بانجيو»، وهو تحالف عالمي لمشغلي الأقمار الصناعية لتصوير الأرض أسّسه مركز محمد بن راشد للفضاء. وإلى جانب تقديمها صورًا ذات دقة ووضوح أعلى من الصور التي تلقطها أقمار شركة بلانيت الصناعية، فإن تحالف بانجيو يوفّر أيضًا قدرات دعم إضافية، الأمر الذي يُتيح لتقنيات دمج البيانات أن تسلّط ضوءاً جديدًا على مشكلات ماضية.

تكمن إحدى هذه المشكلات في البحث عن الماء وتحليل استخدامنا لمواردنا المائية المتوفرة حاليًا. يستطيع محللو المركز استخدام قدرات التصوير بالأقمار الصناعية المتوفرة لديهم لوصف استخدام الأرض وتحليل كثافة النباتات في المناطق الحضرية وتحديد مواطن التنمية الحضرية الجديدة ناهيك من عدّ أشجار النخيل. وقد باتوا الآن يستخدمون مصادر بيانات متنوعة لتقديم حلول جديدة، نذكر منها استعمال التصوير عبر الأقمار الصناعية لتعيين مهام الطائرات بدون طيار من أجل تطوير قدرات جديدة لمراقبة إمدادات المياه.

عندما «ندمج البيانات» ونجمع كل تدفقات هذه المعلومات معًا ونشارك «البيانات المفتوحة» علنًا، من الممكن أن نصل إلى مرحلة جديدة من الذكاء الجماعي المتشارك.

لابد أن هذا الأمر يستحق كوبًا من الماء العذب، نتمنى كل التوفيق والصحة لنا جميعًا!

Ⅶباحث اجتماعي

Email