المياه مصدر حياة على جزيرة العرب

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

علم جديد يدمج علوم الهندسة والجيولوجيا وأبحاث المواد والتكنولوجيا بهدف تزويدنا بمصدر الحياة في المستقبل - مرحبًا بكم في «علوم المياه».

هناك تغيير يحدث في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، حيث كنا نركّز في الماضي على تجارة الحرير والتوابل الثمينة، ثم اتجه تركيزنا أخيرًا إلى تجارة البتروكيماويات، والآن فقد ابتكرنا صناعة جديدة ضخمة النطاق تلبي حاجتنا المستقبلية للمياه في المنطقة بأسرها.

لا يزال هذا الدمج بين الهندسة المدنية والجيولوجيا وأبحاث المواد وتكنولوجيا المعلومات وليدًا وحديثًا للغاية حتى أننا لم نطلق عليه اسمًا بعد. لذا، دعونا نسميه الآن «علوم المياه». ولكن بماذا تختص علوم المياه؟ وماذا تسعى إلى تقديمه لنا؟

إن هذا الاتجاه المتنامي الجديد المتمثل في علوم المياه المعنية بالجزيرة العربية ملائم ومواتٍ لعام 2018. ترتبط خلفية الصراع السياسي الأخير في سوريا بالحصول على المياه في المقام الأول، وقد ذهب كثيرون إلى ضرورة وضع مسألة احتياجات الجزيرة العربية من إمدادات المياه على قمة جدول الأعمال العالمي.

المياه قضية عربية

أشارت مؤسسة بروكينغز، وهي منظمة غير ربحية تعمل في مجال السياسة العامة، إلا أن اليوم «بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم هي أكثر البلدان شحًا في المياه على مستوى العالم، حيث يبلغ نصيب الفرد من إمدادات المياه العذبة أدنى من»خط الفقر المائي«البالغ 1000 متر مكعب سنويًا».

على سبيل المقارنة، ووفقًا لتقديرات الحكومة الأميركية، فإن كل شخص يستهلك حوالي 80-100 جالون من الماء يوميًا، حيث تبلغ سعة «حوض الاستحمام الممتلئ» حوالي 40 جالونًا، في حين تستخدم غسالة الصحون ما يصل إلى 16 جالونًا في كل دورة غسيل. كما يستهلك حمام السباحة الخاص مياه أكثر من ذلك بكل تأكيد.

لا تشيع مثل هذه الاستخدامات للمياه في المناطق النامية (وحتى بعض المناطق الغنية نسبيًا) من الشرق الأوسط. وهذه هي المناطق التي تكافح من أجل توفير مصادر مستدامة لمياه الشرب، في أماكن ترتفع فيها معدلات التبخر وتنخفض فيها معدلات هطول الأمطار.

حلقة مفرغة

كشف تقرير على موقع «ريليف ويب reliefweb» عن أن الاستغلال السيئ لإمدادات المياه الوفيرة هو الخطوة الأولى في حلقة مفرغة من الحرمان المائي. استشهادًا بالتصريحات التي أدلى بها جيرت كابالاري، المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتمثل الخطر هنا فيما يحدث عندما يُحرم الأطفال بشكل خاص من مصدرين أو أكثر من أهم ضرورات الحياة.

وتشمل هذه الضرورات البشرية كلًا من التعليم الأساسي والمسكن الآمن والطعام المغذي والرعاية الصحية المهنية والمياه النظيفة والمرافق الصحية والوصول إلى المعلومات.

يقول كابالاري: «إن فقر الأطفال ينجم عن أمور أخرى كثيرة غير دخل الأسرة، فهو مرتبط بالحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية والمنزل الآدمي ومصادر المياه الآمنة. وعندما يُحرم الأطفال من هذه الضرورات الأساسية، فإنهم يكونون عُرضة للوقوع في حلقة مفرغة من الفقر».

خطة عمل لتوفير المياه في الشرق الأوسط

يبدو ما سبق باعثًا على القلق، لكن علوم المياه تعمل جاهدةً من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا. على سبيل المثال، تبذل المملكة المغربية جهودًا على المستوى الوطني في مسألة إدارة المياه الجوفية. ويُعتبر هذا تطورًا ضروريًا نظرًا لتقييمات البنك الدولي، والتي تشير إلى أن نسبة 82% من المياه المستعملة في الشرق الأوسط لا يُعاد تدويرها.

وبالنظر إلى أمثلة أخرى، نجد أن الأردن يعمل جاهدًا لدفع عجلة الابتكار في مجال تحلية المياه من جانب القطاع الخاص المحلي ولاستغلال مصادر التمويل الجديدة لإعادة تدوير المياه المستعملة. وكذلك، تثبت مصر كفاءتها في ترسيخ أسس المساءلة المحلية الجديدة بخصوص إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي في المناطق الريفية التي تفتقر إلى الخدمات اللازمة.

ومن أهم التطورات الجارية في علوم المياه ما نشهده من إقامة شراكة بين شركة التكنولوجيا العملاقة IBM ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا لبناء مرفق تحلية مياه بالطاقة الشمسية يمكن أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 30,000 متر مكعب من المياه يوميًا لخدمة ما يصل إلى 100,000 شخص في المملكة العربية السعودية. وتقوم هذه المحطة بتحلية المياه دون استخدام العملية الكهربائية المكلفة والمتعطشة لاستهلاك الموارد التي تعتمد عليها محطات التحلية القائمة اليوم في تحلية مياه البحار.

ستستخدم محطة التحلية غشاء نانوي لتصفية الأملاح من مياه البحر. ويشبه هذا الغشاء النانوي فلتر تصفية القهوة الدقيق للغاية؛ إلا أن فلتر تصفية القهوة يعمل على التخلص من حبيبات القهوة، في حين يعمل الغشاء النانوي على تصفية المياه على المستوى الجزيئي.

باستخدام فلتر تصفية بهذه الدقة، سيكون نظريًا بإمكان علماء المياه في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا وشركة IBM التخلص من جزيئات الملح باستخدام مقدار بسيط جدًا من الطاقة مقارنة بتقنيات معالجة المياه بالتناضح العكسي والمعالجة الحرارية، وهي تقنيات تستهلك كميات ضخمة من الطاقة.

نشر الموقع الإلكتروني المتخصص في شؤون المياه Water World (عالم المياه) تعليقات الدكتور تركي آل سعود، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث، حيث يقول «تُعتبر المملكة العربية السعودية حاليًا أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، ونحن نواصل الاستثمار في طرق جديدة للحصول على المياه العذبة بتكلفة أقل».

ورغم ما يتمتع به هذا العمل من تقدم وابتكار، فحتى علوم المياه قد لا تستطيع تقديم كل الحلول لتلبية احتياجاتنا المستقبلية من المياه في منطقة الشرق الأوسط. وسيلزمنا تطوير برامج جديدة لتوفير المياه واستكشافها وإدارتها، حيث يمكن أن تأتي هذه الأفكار المبتكرة من أي شخص. وهكذا، فقد تكون الفكرة التالية من بنات أفكارك أنت، لذا احرص على التفكير بعمق في حلول لهذا المأزق وتذكّر الآخرين من حولك.

Ⅶباحث اجتماعي

Email