شغف زراعة غذاء أخضر نظيف

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كانت هناك طريقة لتحديد الفارق بين أن تكون رائد أعمال وألا تكون رائد أعمال، قد تكون هي أن رائد الأعمال يكتشف المشكلة، وبدلًا من تجاهلها والمضي قدمًا، يقرر أن يحلها.

ينطبق ذلك بالتأكيد على سارة كريستينا هانيج نور، التي - في أثناء انتقالها من سويسرا إلى مصر وبسبب افتقادها إلى المنتجات الغذائية الطازجة التي كانت متاحة لها بوفرة- قررت أن تزرع هذه المنتجات بنفسها.

وقالت سارة: «عندما أتيت إلى مصر، وجدت أن هناك كمية كبيرة من المحاصيل الغذائية تُزرع هنا، لكنني أدركت أنه رغم أن الكثير منها يبدو رائعًا، أنها ليست صحية كما نعتقد».

وتعد سارة صاحبة فكرة مشروعات سارة للغذاء العضوي وسلات سارة ولارا، ولارا للمنتجات الممتازة. ونتجت هذه المشروعات من اكتشاف سارة عدم وجود اتصال بين ما كان يمكن زراعته في مصر - بعض من أفضل المنتجات في العالم في رأيها- وما كان يتم بيعه بالفعل للمستهلكين في مصر.

وقطعت أعمال سارة التجارية شوطًا طويلًا منذ أن انتقلت إلى مصر لأول مرة وبدأت بيع منتجاتها منذ ست سنوات ماضية.

وفي عام 2017، كانت سارة هي الفائزة عن منطقة الشرق الأوسط بجائزة مبادرة النساء من كارتييه، التي كانت نقطة تحوّل بالنسبة لها. ومنحت هذه المبادرة، التي تمثل تعاونًا بين دار كارتييه العالمية للمجوهرات وشركة ماكينزي العالمية للاستشارات الإدارية والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد)، الفرصة لسارة للتعرف على تجارب وخبرات رائدات الأعمال الأخريات من جميع أنحاء العالم، وقدمت لها التدريب اللازم لمساعدتها في صياغة وتنفيذ خطط أعمالها، ومساعدتها في حل المشكلات، مثل تلك التي كانت تواجهها في الخدمات اللوجستية.

وفي العام الجاري، تتطلع سارة إلى بدء تصدير منتجاتها وإرسال الفواكه، بما في ذلك المانجو والرمان والعنب، إلى أوروبا أملًا في تحقيق حلمها برؤية منتجاتها على رفوف متجرها المحلي السابق في سويسرا.

وقالت سارة: «أعتقد أننا نزرع بعض أفضل الفواكه في العالم».

وتشمل خططها الأخرى التوسع لتوزيع المزيد من منتجاتها على المستهلكين والمتاجر والفنادق والمطاعم في جميع أنحاء مصر.

وقالت سارة: «لا يتعلق الأمر فقط بتناول غذاء صحي، بل بكيفية إنتاجه أيضًا. سواء تم نقله عبر المحيط أو تم رشه بمواد كيميائية لإبقائه طازجًا لفترة أطول».

واستشهدت سارة بتقرير للأمم المتحدة يوضح أنه في الدول النامية يموت 200 ألف شخص سنويًا بسبب التسمم المرتبط بالمبيدات الحشرية - كأحد الأسباب العديدة التي تجعل من المهم معرفة أصل الغذاء الذي نتناوله.

على سبيل المثال، قد يكون هناك منتج ما يُصنف أنه عضوي، في حين أنه لا يتوافق مع المعايير المطلوبة في واقع الأمر.

وعندما أدركت سارة أنها ليست الشخص الوحيد الذي يهتم حيال هذا الأمر، بدأت أصول أعمالها التجارية تتشكل.

زراعة منتجات صديقة للبيئة

ومن خلال فرصة استغلال 1000 فدان من الأراضي المملوكة لعائلتها، وجدت سارة إمكانية بدء شركتها الخاصة لزراعة المنتجات العضوية. وتبيع سارة الآن الفواكه والخضروات والبيض والمنتجات ذات القيمة المضافة مثل المعلبات، من خلال شركة سلات سارة ولارا، وهي شركة لبيع المنتجات من المزرعة إلى المنزل حيث يمكن للزبائن إجراء طلباتهم من خلال الاتصال الهاتفي أو عبر الإنترنت؛ ليحصلوا على سلة من المنتجات الموسمية الطازجة يتم توصيلها حتى باب المنزل.

وتأتي السلات في أحجام صغيرة ومتوسطة وكبيرة، ويمكن للزبائن إما اختيار المنتجات الموسمية المختارة بواسطة فريق الشركة وإما اختيار تشكيلتهم الخاصة من المنتجات المتاحة، كما أنها قابلة لإعادة الاستخدام ويتم تسليم المنتجات في السلة لخفض كمية النفايات الهائلة الناتجة عن شراء المنتجات المعبأة والمغلفة.

وتُعد منتجات سارة خالية من المبيدات الحشرية، وتُزرع في مزارع مجاورة للمزارع التي تُزرع بها المحاصيل العضوية، التي تبعد مسافة ساعة واحدة عن العاصمة المصرية القاهرة. وتعكس هذه المنتجات رسالة سارة لمساعدة المستهلكين في مصر للحصول على أفضل المنتجات المحلية.

وقالت سارة: «أعمل مع مزارعين محليين من أجل الحصول على منتجات ممتازة. في مصر، تجد أن المزارعين يميلون إلى تصدير الكثير من منتجاتهم الممتازة».

وبعيدًا عن كونها خالية من المبيدات الحشرية، تُزرع المحاصيل في مزرعة سارة باستخدام مياه من خزان مياه جوفية بدلًا من مياه النيل؛ لأن مياه النهر ملوثة إلى حد أن الفاكهة والخضروات التي تُروى بها لا يمكن أن تكون منتجات عضوية معتمدة. ومع وضع ندرة المياه في مصر في الاعتبار، تستخدم المزرعة طريقة الري بالتنقيط للمساعدة في الحفاظ عليها.

التعليم

هناك مشروع آخر وهو المساحة الإبداعية للمزرعة، التي أُسست عام 2016، التي تسمح للزوار وخاصةً من أطفال المدارس بالذهاب إلى المزرعة واكتشاف المزيد عن كيفية إنتاج الغذاء الذي يتناولونه. على سبيل المثال، اكتشاف كيفية إنتاج واحد من أشهر الأطباق في مصر، وهو الفول.

وقالت سارة: «يعرف معظم الأطفال الفول من خلال تناوله من عبوة، وعندما يأتون إلى هنا لرؤيته يُزرع في قرونٍ، فأنهم يحبون ذلك النوع من التجارب. في الواقع شعرت أن القاهرة كانت في حاجة إلى منشأة من هذا النوع، حيث يمكن للأطفال بصفة خاصة تعلم المزيد عن كيفية زراعة الغذاء الذي يتناولونه».

واستضافت هذه المساحة الإبداعية، التي تعد أيضًا مكانًا لتربية الخيول والحمير التي تم تبنيها من ملاجئ الحيوانات المحلية، 1500 طفلًا حتى الآن خلال العام الجاري.

وقالت سارة إنها منذ أن بدأت عملها، بدأت بالفعل رؤية تغيير في الطريقة التي يفكر بها الأشخاص الذين تقابلهم بشأن غذائهم، مع اهتمام المزيد منهم بمعرفة المكان الذي يأتي منه الغذاء وكيفية إنتاجه.

وحتى الآن، ومن أصل 1000 فدان من الأراضي المتاحة لها، تزرع سارة 600 فدان فقط؛ وبالتالي هناك مجال للتوسع. وتظل سارة متحمسة للحصول على أفضل المنتجات المصرية وأكثرها نظافة وفائدة صحية لتقديمها لزبائنها.

وبالنسبة لمستقبلها في إنتاج الفواكه والخضروات، منذ أن انتقلت إلى مصر لأول مرة واكتشفت وجود فجوة في السوق، أصبح ذلك مهنةً لها.

وأنهت سارة حديثها قائلةً: «أعتقد أن الأمر كان مقدرًا له أن يحدث».

* كاتبة بريطانية مهتمة بمواضيع الأمن والأعمال والاقتصاد والصحة وأسلوب الحياة.

Ⅶإيموجين ليلي وايت *

Email