أحلام أبطال الكرة الفلسطينية بعد كأس آسيا

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الصعوبات اللوجستية التي يواجهونها، واعتبارهم من أضعف المشاركين بالبطولة، قلب المنتخب الفلسطيني لكرة القدم تحت 23 سنة، التوقعات، ليتأهل إلى مراحل خروج المغلوب في بطولة كأس آسيا 2018، لتعم الأفراح بين الجماهير في البلاد، وبين الفلسطينيين المهاجرين في أنحاء العالم.

بعد تأهل المنتخب الفلسطيني الأول أيضاً إلى البطولة القارية التي تُقام في يناير المقبل، ووصوله إلى أعلى مرتبة له على الإطلاق في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أصبح هناك أمل في بداية العصر الذهبي لكرة القدم الفلسطينية، ويستعد الأبطال الشباب الذين تأهلوا بشكل غير متوقع لربع نهائي كأس آسيا تحت 23 سنة هذا العام، للعب دور القيادة.

وقال محمد باسم راشد (22 سنة)، لاعب خط وسط منتخب فلسطين تحت 23 سنة، الذي شارك في جميع مباريات الفريق بالبطولة التي أقيمت في الصين يناير الماضي: «كنا سعداء لوجودنا هناك فحسب، ولم نكن نتوقع أن نصل إلى المرحلة التي وصلنا إليها. كنا نريد أن نُظهر ما يمكننا فعله في الملعب، وأن نبذل أقصى ما في وسعنا».

لكن الأمر كاد أن يكون مختلفاً تماماً، إذ كان المنتخب الفلسطيني على وشك الخروج من مرحلة التصفيات في المباراة الأخيرة، التي أقيمت الصيف الماضي في مدينة الخليل، فبعد تعادله في مباراته الأولى مع طاجيكستان بنتيجة 2-2، تأخر المنتخب الفلسطيني على ملعبه بهدفين أمام المنتخب الأردني، قبل أن يقلب تأخره إلى فوز بنتيجة 3-2، وسط دعم جماهيري كبير. وتمكن «الفرسان» من التأهل إلى النهائيات لأول مرة في تاريخهم، بعد الفوز على بنغلاديش بثلاثة أهداف نظيفة، أحرزها قائد الفريق محمود أبو وردة.

وبعد وقوعه في مجموعة واحدة مع المنتخب الياباني، أحد أقوى منتخبات القارة الآسيوية، إلى جانب منتخبي كوريا الشمالية وتايلاند، أُعيقت استعدادات المنتخب الفلسطيني للبطولة، بسبب التعنت الإسرائيلي، ومُنع لاعبون من قطاع غزة ومن المهاجرين، من الوصول إلى الضفة الغربية.

وكان لاعب واحد فقط من اللاعبين الستة المقيمين بقطاع غزة، الذين اختيروا ضمن تشكيلة المنتخب الفلسطيني، قادراً على السفر بسبب القيود الإسرائيلية. وفي قائمة اللاعبين الـ 23 النهائية، كان هناك لاعب من فلسطينيي الداخل، ولاعب من قطاع غزة، و15 لاعباً من الضفة الغربية.

وقال إسلام مشارقة، المدير الإداري للفريق: «واجهنا الكثير من العقبات المتعلقة بفرض قيود على تحركاتنا، سواء داخل أو خارج فلسطين، وبين المعسكرات التدريبية، وعبور الحدود، وخاصةً في طريقنا للعودة إلى البلاد، حيث تعرضنا لتأخير مُتعمَد لأمتعتنا، وعمليات تفتيش لا تنتهي».

إخفاق مبكر

بدأت فلسطين مشوارها في الصين، بإخفاقٍ، بعد تعرضها لهزيمة على يد اليابان بهدف نظيف، أُحرز في الدقيقة 20 من زمن المباراة. وأقر مشارقة، بأن اللاعبين عانوا من الضغط واهتمام وسائل الإعلام في أول نصف ساعة من اللقاء، لكنه قال إن الفريق استعاد تركيزه بعد وقتٍ قصيرٍ، وكانت غرفة خلع الملابس في استراحة ما بين الشوطين، مفعمة بالمرح والتفاؤل، رغم التأخر في النتيجة.

وقال مشارقة: «اكتسب اللاعبون المزيد من الثقة مع كل دقيقة مرت عليهم في ملعب المباراة. كان اللاعبون هادئين وواثقين من التسبب في صعوبات للاعبي اليابان، الذين كانوا مرهقين».

وقال باسم إن اللاعبين وجدوا مساندةً أيضاً، بعد أدائهم في الشوط الثاني، الذي حاولوا جاهدين فيه لإدراك التعادل.

وقال باسم، لاعب فريق جامعة سان فرانسيس بمدينة شيكاغو الأميركية: «شكك العديد من المشجعين في قدراتنا قبل البطولة، وخاصةً أن مجموعتنا كانت قوية للغاية، لكن بعد مباراة اليابان، بدأ المشجعون الفلسطينيون من جميع أنحاء العالم، مساندتنا ودعمنا، وأرسلوا إلينا أطيب تمنياتهم، وهو ما منحنا دفعة قوية لنلعب بشكلٍ أفضل».

وكان التعادل مع كوريا الشمالية بنتيجة 1-1، يعني أن فلسطين في حاجة إلى التغلب على تايلاند، على أمل فوز اليابان على كوريا الشمالية. كانت هذه النتائج ممكنة، لكن غير مرجحة، ورغم ذلك، كان اللاعبون متفائلين، بفضل الإدارة الحكيمة للمدرب، أيمن صندوقة، اللاعب الدولي الفلسطيني السابق، الذي اعتُقل في السجون الإسرائيلية لسنواتٍ عدةٍ.

وقال مشارقة: «يرتبط (صندوقة) بعلاقات جيدة للغاية مع الجميع، وينجح في توصيل رسالته إلى الفريق بسهولة. نعتقد أنه الرجل الذي يمكننا الاعتماد عليه في اللحظات الصعبة».

وبفضل أهداف من الدباغ وزميله في خط الهجوم محمود يوسف، ولاعب خط الوسط «المايسترو» مهند فنون، تمكن المنتخب الفلسطيني من التقدم على تايلاند برباعية نظيفة، بعد مرور 32 دقيقة فقط من زمن المباراة، التي انتهت بفوز فلسطين بخمسة أهداف مقابل هدف. وبعد إطلاق صفارة نهاية المباراة، جاءت الأخبار بفوز اليابان على كوريا الشمالية، ووصول فلسطين التاريخي إلى مراحل خروج المغلوب في أي بطولة للمرة الأولى.

وقال محمود أبو وردة، قائد المنتخب الفلسطيني، لموقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بعد الفوز على تايلاند: «أنا فخور للغاية، بكوني جزءاً من أول فريق فلسطيني يحوّل هذا الحلم إلى حقيقة».

وأضاف قائلاً: «الفريق في حالة معنوية رائعة للغاية. نحمد الله على هذه الفرصة لرسم البسمة على وجه كل فلسطيني، ووضع الكرة الفلسطينية في مصاف كبار آسيا».

وقال باسم، الذي ترعرع في مدينة رام الله بالضفة الغربية، بعد أن هاجرت أسرته من قرية فلسطينية بالقرب من القدس: «أود أن أوجه جزيل الشكر لكل من ساندنا خلال البطولة، وخاصةً المشجعين الفلسطينيين الذين ساندونا منذ بداية المشوار، ومنحونا دفعة لتحقيق نتائج أفضل».

وأضاف قائلاً: «أردنا أن نجعل بلادنا فخورة، وأن نضع اسم بلادنا على الخريطة. لقد نجحنا في ذلك، ولكننا نأمل أن يحقق فريق تحت 23 سنة القادم، نتيجة أفضل في المستقبل».

ولم يتجاوز نصف لاعبي المنتخب الفلسطيني سن العشرين، ما يعني أنه ما زال بإمكانهم المشاركة في أولمبياد 2020، حال تأهلهم، في حين سيشارك المنتخب الأول في نهائيات كأس آسيا يناير المقبل، بعد تجاوزه مرحلة التصفيات بسهولة.

وسيأمل الفريق في تقديم أداء أفضل مما قدمه خلال مشاركته الأولى بالبطولة عام 2015، حينما خرج من دور المجموعات. أقيمت تلك البطولة في أستراليا، بينما تُقام نسخة العام المقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يمكن للمنتخب الفلسطيني، الاعتماد على مساندة مئات الآلاف من الفلسطينيين المستقرين في منطقة الخليج.

وتحتل فلسطين حالياً، المركز 73 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لتقفز من المركز 131، الذي استقرت به عام 2016، ومتفوقة على منتخباتٍ مثل الإمارات والعراق وقطر.

وأضاف مشارقة قائلاً: «أظهرنا للعالم أن الكرة الفلسطينية صامدة ومستمرة، وبرهنت بطولة الصين على تطور اللاعبين والمدربين الفلسطينيين. ينبغي لمستقبلنا في كرة القدم أن يحمل الكثير من المفاجآت واللحظات السعيدة لشعبنا».

مات سميث  - باحث اجتماعي

 

Email