الاهتمام بالبيئة في مصر وتمكين المرأة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح المصريون أكثر اهتماماً بالمشاريع البيئية وبات هذا التوجه هو السائد اليوم.

تأمل الدكتورة سالي حافظ بهجت في تحقيق الكثير، فهي تأمل أن ترى قدرًا أكبر من المساحات الخضراء في بلدها -مصر- وذلك من خلال زيادة الوعي البيئي، كما ترغب في أن تتمكن المرأة في المنطقة من تحقيق أحلامها الخاصة، وليست الأحلام التي يفرضها عليها المجتمع.

هذه طموحات كبيرة بالنسبة إلى شخص واحد، ولكن حققت سالي الكثير منها في بضع سنوات، منذ أسست مركز الواحة المجتمعي Oasis Community Center، للتوعية بالقضايا البيئية في عام 2013.

عملت سالي كطبيبة بشرية، وفقدان والدها أثناء ثورة يناير -لا علاقة لذلك بالثورة- جعلها تسعى لتحقيق هدف جديد في الحياة.

لطالما كانت سالي وعائلتها تهتم كثيرًا بالبيئة، كما كانوا يعملون على إعادة تدوير المخلفات بصورة دورية، ويهتمون كثيرًا بانبعاثات الكربون الناتجة عن تلك المخلفات.

فواحد من الأسباب وراء تأسيس مركز الواحة المجتمعي Oasis Community Center كان أن الكثيرين لا يهتمون بالبيئة كما كانت عائلة سالي تفعل، والقليل منهم كانوا يعرفون حول إعادة تدوير المخلفات، ويرون أنه من الصعب فهم مخاوف عائلتها، مما جعلها ترغب في تغيير ذلك الواقع.

منذ عام 2011، لم تدخر الحكومة المصرية جهدًا لتوعية المصريين بالمشكلات الكبيرة التي تسببها النفايات، إلى جانب الدور الكبير الذي لعبته المنظمات الشعبية مثل مركز الواحة المجتمعي Oasis Community Center.

تقول سالي، «وجدت الآخرين لا يهتمون كثيرًا بالقضايا البيئية، ولكنهم كانوا أكثر اهتمامًا بنوع الهاتف المحمول، أو السيارة التي تمتلكها»، ولكن ذلك واحد من الأمور التي شهدتها سالي تتغير بالفعل: «أصبح المصريون اليوم أكثر اهتمامًا بالبيئة، فذلك هو التوجه السائد بمصر اليوم، وهو الاهتمام بالمشروعات البيئية».

يعاني اثنان من أطفال سالي الثلاثة من الربو، كما كانت تعاني من قبل من آثار تلوث الهواء الناجم عن حرق القمامة، الأمر الذي يوضح المعاناة اليومية التي لحقت بعائلتها بسبب المشكلات البيئية.

يمكنك تحديد موقع المركز بسهولة على الخريطة باستخدام القمر الصناعي، فهو عبارة عن قطعة خضراء، خارج مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، جنوب غرب وسط القاهرة.

اليوم، تبدو الدوافع وراء ما تقوم به سالي واضحة، ولكن كانت رحلتها مليئة بالصعاب، فالكثيرون لم يفهموا ما كانت تقوم به.

تقول سالي، «كان يسألني الكثيرون، لماذا تفعلين هذا؟ لم لا تقضين بعض الوقت مع عائلتك؟» ولكنها كانت تُصِّر على موقفها، قائلةً، «لا بد أن هناك الكثيرين ممن يؤمنون بما أقوم به».

في البداية، عانت سالي كثيرًا في رحلة البحث عن طرق التدريب وتعلم مهارات المبادرة، فتقول، «لم يرغب أحد في تدريب سيدة تبلغ من العمر 40 عامًا، لذلك تقدمت بالكثير من الطلبات لمختلف المراكز حول العالم لمساعدتي، ولكني لم أتلق ردًا».

ثم أتيحت الفرصة أمام سالي، عندما كان المسؤول المحلي عن برنامج العشرة آلاف سيدة ضمن مبادرة جولدمان ساكس بالسفارة الأميركية بالقاهرة حاضرًا بواحدة من الفعاليات الخارجية التي يستضيفها المركز.

تقول سالي، «ينبغي على كل زائر للمركز زراعة شجرة، فهذا جزء مما نقوم به، لذا أصحبهم في جولة بالمركز لتوضيح ما نقوم به».

بعد الاجتماع، تلقت الدكتورة سالي دعوة للمشاركة في برنامج تدريبي حول مهارات المبادرة لمدة شهر في جامعة هارفارد، بالولايات المتحدة الأميركية، وكانت هذه نقطة تحول كبيرة في حياتها.

تقول سالي، «تغيرَّت حياتي بعد هذا البرنامج، حيث تعلمت الكثير حول كيفية توضيح أفكاري، وكيفية التحدث إلى الآخرين، وإقناعهم بوجهة نظري، وكيفية التواصل معهم بشكل جيد».

في الوقت الحالي، يستضيف المركز أطفال المدارس الخاصة والحكومية، وكذلك البالغين، لتثقيفهم حول مختلف القضايا، بداية من مصادر الطاقة المتجددة، وحتى دراسة الخلايا الضوئية (تقنيات الطاقة الشمسية)، وموازنة انبعاثات الكربون من خلال زراعة الأشجار، والبستنة العضوية.

تخطط سالي الآن لتوسعة أعمالها لتشمل مشروع يهدف إلى تمكين النوبيين الذين يعيشون في أسوان بصعيد مصر، فالنوبيون، الذين خضعوا للتهجير القسري وقت بناء السد العالي في أسوان في الفترة بين أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي، عادةً يعيشون في ظروف صعبة، لذلك تأمل سالي في الاستفادة من الخبرات التي اكتسبتها لتمكينهم من تحقيق الاستفادة القصوى من المهارات التي يتمتعون بها، على سبيل المثال، الاستفادة من مهارات المبادرة لبيع المصنوعات اليدوية.

بينما المشروع لا يزال في مرحلة التخطيط، تشعر سالي بأنها متيقنة من إعطاء الأولوية للعمل مع الأطفال والسيدات أولًا، فهذه قضية شخصية بالنسبة إليها، فهي تشعر أن العائلة تعوق المرأة، نظرًا لرغبة العائلة في أن تتزوج المرأة وترعى أطفالها، خاصةً في القرى الصغيرة.

تقول سالي، «تتعرض المرأة لسؤال مُلِّح، «متى ستتزوجين وتجعليننا سعداء؟ قريباتك جميعهن تزوجن بالفعل، ويعشن حياة سعيدة، ولا يمكنك السفر وحدك، فهذا يدل على أنك غير مهذبة، ولن تتزوجي قط».

في برنامج العشرة آلاف سيدة، كنت أجلس إلى جوار سيدة من أحد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتساءلت: «ماذا يمكنني أن أفعل إن لم يُسمح لي بالسفر وحدي كعزباء، أو كسيدة متزوجة؟ ماذا يمكنني أن أفعل إن كنت فقط أتمتع ببضع حريات لكوني امرأة؟».

المرأة ترغب فقط في أن تكون قادرة على تحقيق أحلامها. تقول سالي، «أرغب في أن تتمكن الفتيات، والسيدات بشكل عام من تحقيق أحلامهن الخاصة، وليست تلك الأحلام التي يفرضها عليهن المجتمع».

الأمر نفسه ينطبق على المساحات الخضراء في مصر. تقول سالي، «حلمي هو توعية المصريين بأهمية المساحات الخضراء، كما آمل أن تصبح مصر مليئة بالمساحات الخضراء، وأن تكون هناك ثلاثة صناديق للقمامة في كل منزل للفصل بين أنواع القمامة لإعادة تدويرها، وأن تصبح تلك عادة يومية لدى المصريين».

فريق حوار الشرق الأوسط *

 

Email