السعوديات ينزلن الشارع على الدراجات الهوائية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا العام، ستشهد السعودية تطبيق أمر ملكي بالسماح للنساء بقيادة السيارات، كما ستغزو النساء ثلاثة ملاعب رياضية في الرياض وجدة والدمام بعد رفع الحظر المفروض عليهنّ؛ قرارات تأتي ضمن سياسة المملكة العربية السعودية الآيلة إلى انفتاح مجتمعي أكبر، وتحديداً في ما يتعلق بالنساء.

وكانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد أعلنت، عام 2013، السماح للمرأة بقيادة الدراجات الهوائية في المنتزهات والكورنيش شرط أن تكون بكامل حشمتها مع وجود محرم يصحبها. هذا القرار كان أسعد الكثير من السعوديات والسبب؟ هنّ يعشقن ركوب الدراجات ويحاولن ممارسة هذه الهواية منذ الصغر على الرغم من كل العقبات.

هواية تمارسها نديمة أحمد أبو العينين، طالبة الثانوية في جدة والبالغة من العمر 18 سنة، منذ نعومة أظفارها وقد طوّرت حلمها اليوم من خلال تأسيس فريق «بسكليتة» في جدة، الذي بات يضم نحو 500 فتاة وسيدة يُمارسن هواياتهن في مختلف أنحاء جدة.

وتخبرنا أبو العينين في اتصال معها «منذ كنت صغيرة، أركب الدراجة وصرت أشجع أمي وأخواتي لنخرج في الحي، ونتجول على دراجاتنا ونتمرّن، ثم قلت لنفسي لماذا لا أنشر هذا الحب بين الآخرين؟ فجاءت فكرة تشكيل الفريق». وهكذا ولدت فكرة «بُسكليتة» (أي الدراجة الهوائية في لهجة أهل جدة) لتفتح أبو العينين حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتواصل مع نظيراتها من محبات هذه الهواية وتلقى حماساً كبيراً من قبلهنّ.

حماس ينعكس من خلال أعداد السيدات المشاركات أسبوعياً في تجمعات فريق «بسكليتة» للتمرين والتجوّل على الدراجات، فتقول لنا أبو العينين إن «عددنا يفوق الخمسمائة سيدة. نتمرن كل ثلاثاء في ملعب الجوهرة. ونحن سيدات من جميع الأعمار، صغار وكبار، سيدات وأمهات، تتراوح أعمارهنّ بين 15 و60 سنة».

وعن التمرين، تضيف «في كل تمرين، نحاول أن نكون أحسن. عندما ننجز 20 كيلو متراً، نحاول أن نقوم بـ 25 كم في التمرين التالي، من أجل تطوير أنفسنا على الدوام». وبالطبع تشدد «كل يوم متميز ونشعر بحماس كبير لا سيما عندما يكون عددنا كبيراً، لأننا لا نكون مجتمعات جميعاً دائماً ولكن نحو 50 سيدة، نحمّس ونشجع بعضنا البعض ونحاول أن نكون فريقاً واحداً».

سيدات لا يتخلين عن لباسهن المحتشم يشاركن في فريق «بسكليتة»، سواء لمواصلة التمرين على الدراجات الهوائية أو لتعلّم ركوبها واكتشاف هواية جديدة.

دينا محمد القثمي هي واحدة من السيدات اللواتي انضممن إلى «بسكليتة». هذه الأم لثلاثة أطفال التي تعمل مساعدة طبيب أسنان في وزارة الصحة نجحت بفضل هذا الفريق بمتابعة شغف رافقها منذ الطفولة. وتخبرنا «كان الوالد، رحمه الله، ملهمي ومشجعي الأول. عندما كنت طفلة، كان يشتري لي البسكليتة كونها هدية نجاح وكان يرافقني إلى المخططات البعيدة عن الزحمة والناس لممارسة هوايتي. وحتى عندما كنا نسافر خارج السعودية، يستأجر لي دراجة»، إلا أن الوضع اختلف عندما كبرت القثمي. وهنا تكشف لنا قائلة: «عندما كبرت، كان من الصعب ممارسة الرياضة في السعودية، وأصبحنا نتجمع كوننا أفراداً في المخططات البعيدة وفي الاستراحات خارج المدينة»، إلى أن اكتشفت عن فريق «بسكليتة» على السوشيال ميديا، وانضمت إليه على الرغم من العقبات، فمجدداً دعونا لا ننسى كما ذكرت أبو العينين والقثمي أن ممارسة الرياضة في المساحات العامة ليس سهلاً على السعوديات، فتشير القثمي «نحن مجتمع سعودي محافظ، وليس غريباً أن نواجه بعض الانتقادات أو المضايقات أو التشكيك!».

وفي هذا الصدد، تشدّد أبو العينين «بالطبع كان الأمر صعباً في البداية»، وتساءل كثيرون: كيف تؤسسون فريقاً نسائياً في السعودية؟ غير محبذين للفكرة أو حتى معارضين لها. وإضافة لردود الأفعال المعارضة، واجهت سيدات «بسكليتة» الكثير من ردود الأفعال المستغربة.

وهنا تخبرنا القثمي ضاحكة: واجهتنا العديد من المواقف الطريفة. عندما نكون مجموعة سيدات يمارسن هواية الدراجة الهوائية في مكان ما، تستوقفنا أحياناً السيارات ويُطرح علينا سؤال غريب: «هل إنتو كشافة أو بوليس سري؟».

قد تتراوح ردود الأفعال حيال فريق «بسكليتة» وسيداته، بين مؤيد أو معارض، إلا أن الأمور اختلفت كثيراً بحسب أبوالعينين والقثمي منذ إنشاء الفريق حتى اليوم، فبدأت السيدات يحظين ليس فقط على دعم ذويهن والمقربين منهن لا بل شرائح أخرى من المجتمع.

تطلعنا القثمي «على الرغم من المضايقات والمعارضين: يبقى دافُعنا للاستمرار أقوى لا سيما أننا لا نساوي شيئاً خارج القانون أو المجتمع ولا سيما أننا حصلنا أيضاً على دعم من الهيئة العامة للرياضة وسمو الأميرة ريما بنت بندر بنت سلطان من دون أن ننسى أيضاً التغييرات القانونية الجديدة».

يبقى تصميم وإصرار السعوديات على ممارسة هواياتهن، أياً كانت، أمرُ يُثنى عليه وقد بدأ يعطي ثماره وحتى لو كان متأخراً بالنسبة لكثيرين ومقارنة للدول الأخرى. وتشدد أبوالعينين «لا شك في أننا واجهنا أموراً سلبية وإيجابية إلا أنني أحب التركيز على الإيجابية؛ ستجدين دائماً أناساً يشجعونك. لم يتقبّل الكثير من الرجال الفكرة بداية الأمر وكيف نمارس هواياتنا بحرية ولكن اليوم يشجعوننا ويصفقون لنا عندما نتمرن».

تغييرات مجتمعية وقانونية وسياسية يشهدها المجتمع السعودي بكل شرائحه تُساعد الكثيرين لا سيما السعوديات إلى التمتع بالحق بالحلم والطموح؛ طموح لا يعرف حدوداً بالنسبة لفريق «بسكليتة»، حيث تقول أبو العينين «نطمح أن نسير إلى الأعلى وأن نشجع جميع النساء لممارسة رياضتهن المفضلة ونأمل أن نشارك بسباقات عدة في المستقبل».

 

Email