أميركا والعراق يتبادلان «القصف الإعلامي المكثف»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 4 صفر 1424 هـ الموافق 6 ابريل 2003 شهد اليوم السابع عشر للحرب الأميركية البريطانية على العراق أمس بدء الاشتباكات البرية الشرسة والتي وقع بعضها على أطراف بغداد، لكن ما ميّز يوم أمس، لم يكن فقط شراسة المعارك بكافة الأسلحة بل التضارب الحاد في تصريحات كل طرف بشأن الانتصارات التي حققها ونفيه القاطع لما يقوله الطرف الآخر فيما يشبه قصفاً إعلامياً ضارياً بين الجانبين. القوات المهاجمة أكدت انها دخلت جنوب ووسط العاصمة وانها مازالت تحتفظ بسيطرتها على مطار بغداد، مؤكدة انها قتلت نحو ألف جندي عراقي، معترفة بتحطم مروحية من طراز كوبرا ومقتل طياريها الاثنين، اضافة الى مقتل قائد وحدة دبابات داخل بغداد و3 جنود قرب المطار. في المقابل أكد العراق انه استعاد السيطرة على مطار صدام الدولي وذبح الأميركيين هناك وقتل مئات الجنود الآخرين على الأطراف الجنوبية للعاصمة، نافياً تقدم المهاجمين الى وسط أو جنوب بغداد ومؤكداً ان الصور التي تم بثها هي لمنطقة أبو غريب التي تبعد 35 كيلومتراً جنوب العاصمة. لكن شهوداً محايدين أكدوا ايضاً حدوث معركة طاحنة جرت في حي الدورة على بعد عشرة كيلومترات من بغداد واستغرقت حسب وصفهم «3 ساعات من الجحيم»، كما نفى مراسل غربي وجود أي أثر ظاهر لقوات أميركية وسط العاصمة، في حين قالت قوات التحالف انها استولت على الكوت وهاجمت كربلاء جنوباً، وقصفت الموصل شمالاً وضيّقت الخناق بمشاركة قوات كردية على كركوك. وخلافاً للاعلانات الأميركية المتوالية بدخولها جنوب ووسط بغداد فقد قال مراسل لوكالة الانباء الفرنسية انه لم يكن هناك أي اثر ظاهر لوجود أميركي بعد ظهر أمس في بغداد. وعاد الهدوء الى الضفة الغربية لنهر دجلة حيث توجد أغلب المباني الرسمية بعد صباح بالغ التوتر انتشر خلاله العديد من الجنود والرجال المسلحين بالأسلحة الثقيلة للتوجه نحو المطار حيث جرت اعنف المعارك. وبعد الظهر عاد كل شيء الى وضعه الطبيعي. وانتشر بعض عناصر الميليشيا المجهزين بالأسلحة الآلية في بعض تقاطعات الطرق في حين استلقى الآخر في مساحات أو مواقع حصينة. ويضيف المراسل انه وفي منطقة اليرموك جنوب غرب العاصمة لاتزال آثار المعارك بادية وخاصة السيارات التي تحطمت وأغلفة رصاص الرشاشات الثقيلة في حين انتشرت مدرعات ووحدات من الدفاعات العراقية. وانتشر عسكريون وعناصر من الميليشيا في تقاطع طرق مهم يؤدي الى أحد مداخل المدينة غير انه لم تظهر عليهم أي عصبية. وفي منطقة المأمون احدى مداخل المدينة المؤدية الى المطار كانت السيارات تسير في تؤدة ولم يسمع دوي أي انفجار. مراسل رويتر الذي تنقل في المدينة بحرية، حسب وصفه، أكد انه لم ير أي علامة على وجود قوات أميركية في احياء المدينة المتشعبة التي زارها. كما أعلنت شبكة «بي.بي.سي» البريطانية ان الوضع يكتنفه الغموض في العاصمة بسبب تناقض روايات الطرفين اللذين يهدفان لاحداث الأثر النفسي المطلوب لكل منهما. كما نفى وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف أمس ان تكون الصور التي بثتها وسائل الاعلام الأميركية عن تقدم للآليات الأميركية في احدى ضواحي بغداد قد تم تصويرها حقا في ضواحي العاصمة وذلك في حديث لفضائية الجزيرة القطرية التي نقلت هذه الصور. وقال الصحاف «اريد ان اصحح لك ما نقل. هذه الصور هي للآليات الموجودة في اطراف ابو غريب الجنوبية لا في احدى ضواحي بغداد». واضاف «هذه الصور ليست ضواحي بغداد ولا علاقة لها بها وتبعد عن ضواحي بغداد ما لا يقل عن 35 كلم». من ناحيته اوضح مذيع الجزيرة ان الصور التي بثتها محطته لمشاهد آليات تتقدم وسط دور واشجار نخيل مصدرها وكالة الاسوشيتدبرس. واضاف «رجاء ان تصححوا في ضوء هذه الحقائق لان العدو الأميركي يحاول خداع الجميع ليغطي على سحقنا له في مطار صدام الدولي وليبقي معنويات علوجه مرتفعة». وقال «لاشيء في بغداد انها آمنة ومحمية» لافتا الى ان وزارته اصطحبت الصحافيين في جولة على ضواحي بغداد باستثناء مطار صدام حسين خوفا على سلامتهم. وقبل ذلك أكد ناطق عراقي ان مئات الجنود الأميركيين قتلوا في الاشتباكات حول المطار. وقبيل النفي العراقي للرواية الأميركية سخر الكابتين اندرو فالس الناطق باسم اللواء الاول في فرقة المشاة الثالثة لاحد صحافيي وكالة فرانس برس قائلاً «عناصر الحرس الجمهوري الوحيدون الذين رايتهم هم اما قتلى او اسرى». ورفض اعطاء رقم حول عدد القوات الأميركية الموجودة بعد ظهر أمس السبت في محيط مطار صدام الدولي. لكن فرانك ثورب المتحدث في مقر القيادة في قطر أكد وجود اشتباكات متفرقة في المطار، لكنه نفى استرداد العراق له. وقال الجنرال فيكتور رينوارت الناطق باسم القيادة الأميركية الوسطى في قطر ان القوات الأميركية والبريطانية سيطرت على مطار صدام الدولي في أعقاب اعلان بغداد استرداده. وكان الجيش الأميركي طلب دعماً جوياً للمساهمة في تعزيز قواته التي كانت تشتبك مع دبابات عراقية على المشارف الشمالية لمطار صدام وفقاً لما نقلته وكالة رويترز عن مصادر عسكرية أميركية. وأعلن الكولونيل الأميركي ديفيد بيركينز ان نحو الف جندي عراقي قتلوا في معارك عنيفة جرت أمس خلال توغل للدبابات الأميركية داخل العاصمة العراقية بغداد. واوضح الكولونيل بيركينز قائد اللواء الثاني في فرقة المشاة الأميركية الثالثة ان عشرات الدبابات دخلت العاصمة العراقية لزيادة الضغط على الرئيس العراقي صدام حسين. وقالت مصادر عسكرية أميركية ان اربعة جنود أميركيين على الاقل جرحوا احدهم اصابته خطيرة في قتال دار أمس داخل بغداد وحولها. وقال مراسل رويترز «اضطرت طائرة هليكوبتر اباتشي الى نقل احد هؤلاء الجرحى. وافادت أنباء بأنه اصيب في الرأس». وقال الجيش الأميركي ان لديه معلومات مخابرات تفيد بأن العراق قد اصدر اوامره للوائين الثامن والخامس عشر من قوات الحرس الجمهوري بالتحرك من المواقع الحالية في جنوب بغداد الى وسط العاصمة. وقالت المصادر ان القوات الأميركية اسرت ضابطاً عراقياً كبيراً خلال الاشتباكات. وقال بيكر ان دبابة أميركية دمرت بقذائف صاروخية واضاف ان دبابة اخرى تركها الجنود في بغداد بسبب عطل ميكانيكي. وقال الجيش الأميركي ان مئات المدنيين العراقيين يفرون من العاصمة باتجاه الجنوب. وقال ناطق عسكري أميركي ان قوات من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) التي تتقدم باتجاه بغداد من الجنوب الشرقي، اشتبكت أمس مع فرقة من الحرس الجمهوري العراقي. وقال الكابتن فرانك ثورب ان «طلائع قوات المارينز اخترقت صفوف فرقة النداء في الحرس الجمهوري العراقي باتجاه جنوب شرق بغداد». واضاف ان الأميركيين «اخترقوا صفوف الفرقة وتوسطوها ويقومون بمهاجمتها». وكانت مصادر عسكرية ذكرت في وقت سابق ان قوات المارينز تتقدم من الجنوب الى بغداد بعد ان استولت على منطقة الكوت على بعد عشرة كيلومترات جنوب شرق العاصمة. وذكرت شبكة «سي ان ان» الاخبارية ان كتيبة المشاة الأميركية الثالثة تقدمت باتجاه قلب العاصمة بغداد وسيطرت على مقر قيادة فرقة المدينة التابعة للحرس الجمهوري بعد ان دمرت 40 دبابة تابعة لها. وقالت ان القوات الأميركية احكمت سيطرتها على مقر قيادة فرقة المدينة التابعة للحرس الجمهوري العراقي. وقال الجنرال الأميركي فيكتور رينوارت ان القوات الأميركية ستواصل التحرك الى بغداد عندما وأينما شاءت، لكنه قال ان الحرب ضد القوات العراقية لم تنته. لكن الرسالة كانت واضحة للنظام العراقي بأنه في امكان قوات التحالف الوصول الى بغداد. وخاض جنود من الجيش الأميركي معارك شوارع وسط مدينة كربلاء مع قوات عراقية غير نظامية أمس في هجوم يهدف الى حماية ظهر القوات الأميركية المتجهة الى بغداد. واحتل مقاتلون عراقيون مواقعهم فوق اسطح المنازل في الشوارع الضيقة من المدينة الشيعية وفتحوا النيران بالقذائف الصاروخية والبنادق. وردت الطائرات والقوات الأميركية باطلاق قنابل موجهة بالليزر والمدفعية ونيران الاسلحة الثقيلة. وقال جندي أميركي شاب كان ينقل لتلقي العلاج بعد ان أصيب بشظية من قنبلة يدوية «الوضع غريب هناك. الكثير من الرصاص يتطاير هنا وهناك. انه امر مخيف جدا». ـ الوكالات

Email