صالونات الحلاقة العراقية تتحول إلى غرف ثرثرة إعلامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس غرة صفر 1424 هـ الموافق 3 ابريل 2003 تشهد صالونات الحلاقة في بغداد حركة غير اعتيادية منذ اندلاع الحرب، حيث يتهافت عليها السكان لتبادل الاخبار والاسترخاء او لمجرد قص شعرهم، وكأنهم يسعون من خلال هذه الامور اليومية لاقناع انفسهم بأن الحياة لا تزال مستمرة رغم القصف ما جعل هذه الصالونات تتحول الى ما يشبه «الغرف الاعلامية» حيث يتبادل الجميع آخر الاخبار. وقال قيس الشاري «لقد جازفت وفتحت محلي منذ اليوم الاول من الحرب، وفوجئت بعدد الزبائن الكبير. انني استقبل كل يوم 16 زبونا، وهو ضعف عدد زبائني قبل بدء الحرب». وفي محله الابيض الناصع في ساحة الفردوس بوسط المدينة، يجلس عسكري ومتقاعد وطالب ينتظرون دورهم في حين يقوم هو بقص شعر رجل اعمال. ويدور الحديث بين زبائن الصالون، فيتطرقون الى اسعار الخضار واللحوم وعمليات القصف الليلية ويطلقون تكهنات حول القصف المقبل وينددون «بالغزاة» او يكتفون بتبادل اخبار جيرانهم. يقول الشاري وهو يضحك «يذهب الناس عند الحلاق لانه افضل مكان لمعرفة ما يجري». فتجدون فيه مدنيين وعسكريين، شبانا ورجالا اكبر سنا وحين يسأل «هل يمكن القول انه اشبه «بغرفة اعلامية» لا يتردد في الاجابة «نعم». يقبع فايز فتح الله في كرسيه في انتظار ان ينتهي الحلاق من قص شعره. ويروي الرجل الخمسيني الانيق المظهر «بما انني لا ادري ما يخفيه الغد، رأيت هذا الصالون مفتوحا ودخلت لدي كل الوقت لان جميع المكاتب مغلقة». وفي حي الكرادة التجاري، يمرر ابو محمد بمهارة وثقة آلة الحلاقة على رأس صدام (عشر سنوات) بعد ان قص شعر شقيقه احمد (13 سنة) ويعرف هذا الحلاق عن نفسه بأنه حلاق السفارات. يروي والد الطفلين الشرطي عيسى يحيى النعيمي «اصرا على الخروج من المنزل، فقررت ان اصطحبهما الى هنا للترويح عنهما بعض الشيء». ويشعر الاطفال بقدر من الملل في المنازل بعد ان اقفلت المدارس ابوابها منذ اليوم الاول من الحرب. ويقول ابو محمد ان العديد من زبائنهم يأتون طلبا للاستجمام اكثر منه لقص شعرهم ويوضح انه «من الصعب للغاية ان يجد الواحد نفسه فجأة بدون عمل في المنزل مع الزوجة والاولاد ويخيل اليهم حين يأتون الى هنا انهم يقومون بشيء مفيد». ويضيف ان «البعض يأتون فقط للحلاقة في حين كانوا يحلقون بأنفسهم قبل الحرب». ويوضح طبيب شاب ينتظر دوره انه لم يأت الى صالون الحلاقة للاسباب ذاتها اذ انه لا يعاني من نقص في العمل، بل على العكس. ويقول الطبيب ابرا بولينا «ينبغي ان تستمر الحياة كما قبل الحرب هذا هو التحدي الذي وضعته لنفسي واغتنمت لحظة راحة للقدوم الى هنا». وفي شارع الرشيد، اقدم شوارع المدينة، تكتظ الصالونات الستة التي تبعد عن بعضها البعض بضع عشرات الامتار فقط بالزبائن. ويعمل الحلاقون الستة في صالون بنزرت بدون توقف. ويقول احدهم «اعتقد فعلا انه لم يسبق ان استقبلنا هذا العدد من الزبائن وزملائي يعملون مثلي تماما». ا. ف. ب

Email