مبعوث أميركي يحمل «خريطة الطرق» المعدلة إلى المنطقة بعد أسبوعين، حكومة عرفات حازت الثقة وحكومة شارون تواجه السقوط

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 24 شعبان 1423 هـ الموافق 30 أكتوبر 2002 في مقابل اعلان حكومة فلسطينية تهييء الأرضية الامنية للحل السياسي المقبل يجهد ارييل شارون لتشكيل حكومة يمين متطرفة وبديلة لحكومته الحالية التي باتت على شفا الانفراط والسقوط. فقد اعلن وزراء حزب العمل انهم سيعلنون ويقدمون استقالاتهم من حكومة شارون اليوم امام وسائل الاعلام قبل تصويتهم ضد الميزانية في الكنيست، فيما تلقى ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني ثقة المجلس التشريعي لحكومته الجديدة التي ضمت اربعة وزراء جدد فقط وتعهد بأن تعمل على وقف استهداف المدنيين الاسرائيليين في انتظار الصيغة المعدلة من «خريطة الطرق» التي سيحملها المبعوث الاميركي ديفيد ساترفيلد هذه المرة الى المنطقة قريباً. وكان نواب قطاع غزة الذين منعهم الاحتلال من التنقل اضطروا لمتابعة جلسة المجلس التشريعي التي انعقدت امس في المقر الرئاسي في رام الله عبر الاقمار الصناعية. ووسط اجواء عاصفة اضطرت احمد قريع رئيس المجلس لتقليصها نحو ساعة ونصف الساعة قبيل بدء التصويت على الثقة قدم عرفات التشكيل الجديد لحكومته والذي ضم اربعة وزراء جدد. وشرح عرفات برنامج حكومته الجديدة بطرد الاحتلال واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين اضافة لحماية القدس ومواجهة الاستيطان وتخفيف معاناة الفلسطينيين وتعزيز العلاقات مع البعدين العربي والدولي. وشدد الرئيس الفلسطيني على ضرورة تعزيز الديمقراطية لكن في «اطار السلطة الواحدة». وبعد انتهاء التصويت على الثقة بالحكومة اعلن قريع رئيس المجلس «نعلن الثقة بالحكومة الفلسطينية، بعد فرز الاصوات فقد منح الثقة للحكومة «56 نائبا» وعارضها 18». وكان لافتاً تعهد الرئيس الفلسطيني في خطابه ان تبذل حكومته الجديدة «قصارى جهدها» لوقف العمليات التي تستهدف «المدنيين الاسرائيليين» مضيفاً أنه «محظور علينا ان نخدش روح كفاحنا باستهداف مدنيين حتى لا يلوث اعداء السلام المعنى النبيل والبطولي لكفاحنا وسوف تبذل الحكومة قصارى جهدها لوقف أي انحراف عن هذا الطابع من كفاحنا النبيل». وشهدت جلسة نيل الثقة انتقادات ضمنية قاسية لعرفات ووصف العضو في المجلس حسن حريشة الحكومة الجديدة بأنها اعادة انتشار للحكومة السابقة معلنا انه لن يصوت للفاسدين والمفسدين سواء عينوا بأوامر اميركية أم من انتاج محلي، مما أثار عرفات الذي رد بقوله لم يأت أحد بأوامر أميركية وانا أرفض هذه الاهانة. كما ثار عرفات لانتقادات وجهها عضو المجلس زياد ابو عمر للجمع بين المنصب الوزاري في السلطة وعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وتضم الوزارة الجديدة اربعة وزراء جدد هم هاني الحسن احد الوجوه المعروفة في حركة فتح وقد عين وزيرا للداخلية، واحمد الشيبي (فتح) للصحة، وزهير الصوراني المستقل المقرب من فتح للعدل، وهشام عبدالرزاق في وزارة شئون الاسرى والمعتقلين التي تم استحداثها. في الوقت نفسه عين سمير غوشة مسئولا عن ملف القدس. وحافظ الكادر القديم على مناصبه مثل ياسر عبدربه (الاعلام)، ونبيل شعث (التخطيط والتعاون الدولي)، وصائب عريقات (الحكم المحلي). كما ألغيت عدة حقائب مثل وزارة الشئون المدنية التي كان يتولاها جميل الطريفي ووزارة الاتصالات وكان يتولاها عماد الفالوجي ووزارة الشباب والرياضة والتي تولاها علي القواسمة، فيما بقيت حقيبة الشئون الدينية شاغرة. من جهة اخرى اعتبر عرفات حصول حكومته على الثقة من المجلس التشريعي انتصارا للديمقراطية والشفافية، متعهداً بالنضال من اجل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وكانت صحيفة «هآرتس» العبرية نقلت عن هاني الحسن تعهده باعادة الامن لاسرائيل خلال شهرين شريطة انسحابها من المناطق المصنفة (أ) و(ب)، واستئناف المفاوضات لكنه مع ذلك لا يمانع استهداف المستوطنين بعمليات المقاومة. وفي مقابل ذلك تتجه حكومة شارون للانفراط اليوم ما لم تصدق توقعات شيمون بيريز وزير الخارجية الاسرائيلي بحل ازمة الائتلاف بين حزبي الليكود والعمل في الدقيقة الأخيرة. لكن فرص هذا الحل تبدو ضئيلة جداً حيث نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية امس عن مصدر رفيع المستوى في حزب العمل قوله «اذا تحرك بنيامين بن اليعازر (زعيم الحزب) ميلمتراً واحداً عما اتفقنا عليه فانه سينهي سيرته السياسية. اننا لا نبحث عن تسوية لن تكون أية تسوية. اما ان يتراجع رئيس الحكومة (شارون) أو اننا سنستقيل». ونقلت الصحيفة نفسها عن شالوم سمحون وزير الزراعة «من العمل» قوله: «إن وزراء حزب العمل ونواب الوزراء سيقدمون استقالاتهم من الحكومة. ومن المتوقع ان يسلم رئيس حزب العمل ووزير الدفاع، بنيامين بن اليعازر، كتب الاستقالة لرئيس الحكومة، ارييل شارون، في الكنيست، أمام عدسات وسائل الاعلام. واضاف: «لن نمنح شارون متعة اقالتنا. سنقدم استقالتنا قبل ان ندلي بأصواتنا ضد الميزانية. القانون يحدد عدم التصويت ضد الحكومة. سنخط استقالتنا خلال دقيقة ونصف وسيحصل عليها رئيس الحكومة بشكل مباشر. سيكون ذلك ببث حي ومباشر». وفي المقابل اكدت مصادر مقربة من شارون اصراره على عدم التراجع امام «العمل.. فيما يخص الميزانية حيث اشارت صحيفة معاريف» الى انه يجري مشاورات لتشكيل حكومة يمينية ضيقة على أمل استمرارها الى حين انتهاء الحرب الاميركية المرتقبة ضد العراق ومن ثم يجري انتخابات داخل الليكود تمهيداً للانتخابات العامة في توقيت مريح. لكن الليكودي زئيف بريم الذي يترأس الائتلاف البرلماني حذر شارون من هذا الخيار الذي سيجعله رهينة لابتزاز المتطرفين ودعاه للتوجه الى الانتخابات المبكرة خلال ثلاثة شهور. وفي تطور لاحق نقل موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» على شبكة الانترنت عن طلب بن اليعازر من شارون اجراء الانتخابات في شهر مارس وابريل المقبلين. في غضون ذلك قالت صحيفة «هآرتس» العبرية امس ان وزارة الخارجية الاميركية تستعد لايفاد ديفيد ساترفيلد الى المنطقة بعد نحو اسبوعين حاملاً النسخة المعدلة من «خريطة الطرق» بعد الاطلاع على التحفظات الفلسطينية والاسرائيلية. واضافت الصحيفة ان الاميركيين سيعرضون في ديسمبر هذه الخريطة على اللجنة الرباعية الدولية للمصادقة عليها تمهيداً لوضعها موضع التنفيذ. القدس ـ رام الله ـ «البيان»:

Email