فتوى يهودية بتحريم إخلاء المستوطنات وبن اليعازر يهدد بالاستقالة، المقاومة أوفت بوعد الرد على مجازر شارون، 14 قتيلاً و48 جريحاً في عملية استشهادية بالعمق الإسرائيلي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 16 شعبان 1423 هـ الموافق 22 أكتوبر 2002 أوفت المقاومة الفلسطينية أمس بوعدها بالرد على مجازر جيش الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين ونفذت عملية استشهادية في العمق الاسرائيلي أسفرت عن مصرع 14 وإصابة 48 آخرين. وعلى الصعيد السياسي هدد بنيامين بن اليعازر وزير الحربية الاسرائيلي بالانسحاب من حكومة الارهابي ارييل شارون في أعقاب اعادة احتلال المستوطنين الصهاينة بؤرة «حفات جيلعاد» الاستيطانية والذين تلقوا دعماً من الحاخامات اليهود الذين أصدروا فتوى بتحريم إخلاء المستوطنات. وتأتي هذه التطورات وسط الكشف عن ضغوط مكثفة من اللجنة الرباعية لفرض خطة «خريطة الطرق» على شارون وإمهاله عدة أسابيع للرد عليها. وحول العملية الاستشهادية قال شهود عيان ان سيارة ملغومة انفجرت بالقرب من حافلة كانت تسير بين مدينتي العفولة والخضيرة فتمزقت على الفور وتصاعدت منها ألسنة اللهب. وأعربت الشرطة عن اعتقادها بأن تكون سيارة محملة بالمتفجرات سارت بجانب الحافلة وانفجرت. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسئولي الأمن أن عدد القتلى وصل إلى 14 شخصاً وأن 48 آخرين أصيبوا بجروح ستة منهم في حالة خطرة. وأفادت المعلومات الاولية ان الانفجار وقع عندما انفجرت سيارة كانت تحمل على ما يبدو كمية كبيرة من المتفجرات وصفائح بنزين بالقرب من حافلة بجوار مدينة برديس حنا، شمال شرق بلدة الخضيرة. ويبدو أن رجلين كانا في السيارة ذكر أنهما من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية استشهدا في الانفجار، لكن لم يتضح بعد ما إذا تم إدراجهما ضمن القتلى. وأعلن متحدث قال انه يتكلم باسم «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، مسئولية الحركة عن العملية، وذلك في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس. وأكد مسئول في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، ان «المقاومة مستمرة في كل مكان في فلسطين طالما ان العدوان الاسرائيلي متواصل على شعبنا الفلسطيني». وقال محمد الهندي، لوكالة فرانس برس تعقيبا على تبني «سرايا القدس» للعملية «ليس لدينا اي معلومات حول هذه القضايا في الجهاز السياسي ولا نستطيع ان نؤكد او ننفي. الجهة المسئولة عن هذه العملية يجب ان تصدر بيانا حولها». وأشار انه «لم يعلن اي من الفصائل الفلسطينية وقف المقاومة ولذلك فالمقاومة مستمرة طالما ان هناك اعتداءات صهيونية مكثفة ضد شعبنا». واوضح الهندي ردا على سؤال بشأن توقيت العملية التي تتزامن مع جولة للمبعوث الأميركي وليام بيرنز الى المنطقة، «لا اعتقد ان لمثل هذه العمليات علاقة بزيارة المبعوث الأميركي للمنطقة او غيره». واضاف ان «الحقيقة ان هذه التحركات الأميركية تهدف الى تحويل القوة والعنجهية الصهيونية الى مشروع سياسي يصفي القضية الفلسطينية (..) وليست هناك نية حقيقية عند أميركا او اسرائيل للانسحاب. كل هذه مسرحيات يراد بها خداع وتضليل الراي العام». وأدان ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني على الفورالعملية. وقال عرفات للصحفيين في تعقيب رسمي للقيادة الفلسطينية «انتم تعرفون ان قرار القيادة هو ضد العمليات التي تحدث ضد المدنيين الفلسطينيين والاسرائيليين ونحن نرفض مثل هذه العمليات». ورغم تصريحات عرفات، اعتبر احد مستشاري رئيس الوزراء الاسرائيلي امس ان الرئيس الفلسطيني مسئول «بصورة مباشرة او غير مباشرة» عن العملية. كما قال شيمون بيريز وزير الخارجية الاسرائيلي امس ان السلطة الفلسطينية شريكة في المسئولية عن العملية. وقال بيريز في تصريحات لتلفزيون رويترز بعد قليل من وقوع التفجير «نعرف انه قد يكون مستحيلا منع كل عمليات الارهاب لكن اقل ما نتوقعه هو ان يظهر الفلسطينيون بحق جهدا لمنعها حتى لو كانوا لم يدبروها». واضاف الوزير الاسرائيلي «لا نرى ان الفلسطينيين... (يستخدمون) القوات المتاحة لهم وهي 30 او 40 الف شرطي في محاولة منعها على الاقل... لا يقتل اناس فحسب بل وتتعرض عملية السلام للخطر». كما أدان البيت الأبيض العملية مؤكداً أنه يشجع فريق السلام ويدين جميع أعمال العنف. وعلى الصعيد السياسي باتت حكومة شارون الائتلافية في مهب الانقسامات الداخلية التي ازدادت حدتها في اعقاب عودة مئات المستوطنين الى احتلال بؤرة «حفات جيلعاد» قرب نابلس بالضفة الغربية وإعادة بناء ما كان أزاله جيش الاحتلال الليلة قبل الماضية. ولم يكتف هؤلاء بذلك بل عمدوا الى مهاجمة قرية اللبن الشرقية القريبة من هذه البؤرة وأحرقوا عدداً من المنازل والسيارات فيها فيما تصدى لهم سكانها بالحجارة في أعقاب تقارير عن استشهاد مزارع فلسطيني برصاص المتطرفين اليهود. وأتى هذا التصعيد في أعقاب «فتوى» أصدرها حاخامات المستوطنات تقضي «بتحريم» إخلاء البؤر العشوائية ودعوة جيش الاحتلال للتمرد على أوامر إزالتها. ويزيد ذلك من الضغوط التي يمارسها حزب العمل بزعامة بن اليعازر على ارييل شارون كي يختار بين الشراكة معه أو الانحياز للأحزاب اليمينية المتطرفة التي تلوح بالاستقالة حيث طالب بن اليعازر شارون بتحديد موقفه صراحة من اخلاء هذه البؤر مهدداً بالانسحاب من حكومته. وشددت سلطات أمن الاحتلال الحراسة على بن اليعازر في أعقاب تأكيده تلقي تهديدات بالاغتيال من قبل المتطرفين اليهود. وفيما كانت أوساط إسرائيلية تقول ان موقف بن اليعازر هذا لا يعدو أكثر من استعراض لزيادة فرص فوزه بانتخابات رئاسة حزب العمل، إلا أن أوساطاً أخرى أشارت الى احتمال إقدامه على خطوة انسحاب مفاجئة من الحكومة لذات الغرض. لكن شارون الذي أبقى موقفه غامضاً يتجه على ما يبدو نحو اليمين المتطرف حيث سارع جيشه امس الى اعلان تأجيل الانسحاب الشكلي والجزئي من الخليل بذريعة استكمال التنسيق الأمني مع الفلسطينيين في المدينة. وكشفت مصادر عبرية ان جيش الاحتلال يسعى لنسف هذا الانسحاب عبر اشتراط عودة الشرطة الفلسطينية الى الخليل من دون سلاح لتسهيل عمليات اقتحامها كما سيبقى جنود الاحتلال في حيي أبوسنينة والشيخ جراح. تحدث هذه التطورات قبيل بدء وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي مباحثاته مع شارون غداً حول خطة التسوية الأميركية، التي أقرتها اللجنة الرباعية الدولية (روسيا وأميركا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) في اجتماع ممثليها الأخير في العاصمة الفرنسية باريس والمسماة «خريطة الطرق». وكشفت صحيفة «هآرتس» العبرية أمس ان اللجنة الرباعية تضغط لتفادي المماطلة التي اشتهر بها شارون في تعامله مع المبادرات السياسية. وقالت الصحيفة ان واشنطن أيضاً معنية بنجاح «خريطة الطرق» لإقناع أعضاء اللجنة الرباعية بالحرب الأميركية المزمعة ضد العراق. وكشفت «هآرتس» أن ممثلي اللجنة الرباعية أبلغوا بيرنز بحزم أن عليه التوضيح لشارون بأن «الوقت المتاح أمامه للرد على خريطة الطرق كلها هو أيام قلائل أو أسابيع في الحد الأقصى. في هذه الأثناء قال شارون لويليام سافاير الكاتب البارز بصحيفة نيويورك تايمز «ليس لدى إسرائيل اهتمام بأن تكون ضمن الحملة ضد العراق. سندعم قرار أميركا وسنظهر حساسية لاحتياجات الولايات المتحدة بممارسة أقصى حالات ضبط النفس». وتابع شارون «في نفس الوقت، إذا تم الاعتداء بشكل خطير على مواطنينا - بسلاح للدمار الشامل، (سلاح) كيميائي أو بيولوجي أو عملية إرهابية هائلة الحجم - وأسفرت عن وقوع ضحايا من المدنيين، فسترد إسرائيل حينئذ». القدس ـ «البيان» والوكالات:

Email