اسرائيل حولت شارع صلاح الدين الى ممر للموت في رفح

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 5 شعبان 1423 هـ الموافق 11 أكتوبر 2002 تدوي طلقات نارية في نهاية شارع صلاح الدين. تفر مجموعة من الاطفال هاربة، قبل ان تعود وتحتل الشارع من جديد، وكأن شيئا لم يكن. انه يوم عادي في رفح. واستشهد اربعة فتيان فلسطينيين في اقل من 24 ساعة بنيران الدبابات الاسرائيلية في هذه المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة والمحاذية لمصر بعد توغل 20 دبابة اسرائيلية تدعمها مروحيات عسكرية ليل الاربعاء الخميس الى مخيم رفح. ويعلق علي موسى مدير مستشفى رفح بمرارة على الامر قائلا «انه الشأن اليومي». يقول بحنق وهو يقلب ملفاته «لا يمضي يوم في هذه المدينة من دون ان نستقبل جرحى او شهداء. ليسوا قتلى، بل شهداء وانا مصر على هذه الكلمة». ويضيف ان «رفح هي المدينة الفلسطينية حيث تسجل اكبر نسبة من الاطفال بين ضحايا النيران الاسرائيلية». واوضح موسى ان اكثر من 40% من الجرحى اولاد وفتيان يقل عمرهم عن 15 سنة. ويطلق على شارع صلاح الدين المؤدي الى الحدود المصرية والمواقع الاسرائيلية اسم «شارع الموت». وقد دمر الجيش الاسرائيلي معظم المنازل الواقعة على الخطوط الامامية المواجهة للحدود التي يحرسها جنود اسرائيليون، تجنبا لحصول عمليات. غير ان بضع عشرات الامتار فقط تفصل ما بين المنازل الفلسطينية والمواقع الاسرائيلية. في هذا الشارع استشهدت ميساء زنون (12 عاما) الثلاثاء بنيران دبابة اسرائيلية. يروي والد الطفلة عماد «كنت اصلي وميساء تكتب فروضها في غرفة في الطابق العلوي مع اشقائها. سمعت دويا هائلا وعندما وصلت الى الغرفة، كانت تمسك بصدرها وهي تبكي وتردد لقد اصبت، لقد اصبت. وماتت». يقع منزل عماد زنون على مسافة حوالي 300 متر من الحدود. وقال الوالد ان الرصاصة التي استشهدت الفتاة بها اصطدمت بالحائط ثم اصابتها. وهو يشير للزائرين الى الثقوب التي تركها الرصاص في انحاء منزله، مرددا بشكل آلي، عاجزا عن التوقف «هناك وهناك وهناك وهناك ايضا». وتصيح الوالدة، تحيط بها مجموعة من الاولاد «اريد لشارون ان يخسر اولاده كما نخسر نحن اولادنا». تقول خديجة المرأة الستينية «نمضي وقتنا ونحن نهرول خلف الاطفال ونردد لهم الا يقتربوا (من خط الجبهة). لكن ليس هناك من مكان يمكنهم الذهاب اليه». تدوي اصوات الطلقات النارية من جديد، فيصرخ الاولاد هازئين وهم يضحكون «اننا خائفون، سنموت من الخوف،» تعلق نداء، وهي فتاة جميلة في التاسعة من العمر، بمنتهى الجدية «هذا وضع طبيعي. انظر، ها هي دبابة ورفيقاتها». تقول الفتاة انها «لم تشاهد يوما جنديا اسرائيليا». لم تر سوى الدبابات. يبتسم والدها، وهو ممرض. ويقول «هذه هي الحياة اليومية في رفح. نمضي قسطا كبيرا من وقتنا على السطح نراقب الدبابات وهي تذرع المكان ذهابا وايابا. الطلقات التي تسمعونها الان ليست بشيء مهم. نحن نسمعها ليلاً ونهارا». ورفح محاطة بالحدود المصرية جنوبا وبمستوطنات يهودية غربا وبالخط الاخضر الفاصل بين اسرائيل والاراضي الفلسطينية شرقا. ويوضح مدير المستشفى ان هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 140 الف نسمة «محاصرة ومعرضة بصورة خاصة للخطر». ويشير الى ان 175 شخصا بينهم 50 طفلا استشهدوا في رفح منذ بدء الانتفاضة في نهاية سبتمبر 2000. أ.ف.ب

Email