الرئيس الأميركي: الوقت المتاح أمام إذعان بغداد محدود، مجلس النواب يفوض بوش ضرب العراق، واشنطن منزعجة من باريس وموسكو تتجه للموافقة على القرار الأميركي البريطاني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 26 رجب 1423 هـ الموافق 3 أكتوبر 2002 حصل جورج بوش الرئيس الاميركي على تفويض زعماء مجلس النواب باعلان الحرب على العراق بعد عدة اسابيع من المساومات تم التوصل في نهايتها إلى اتفاق يجيز للرئيس الاميركي استخدام القوة عبر الامم المتحدة لاجبار العراق على التطبيق السريع والدقيق لجميع القرارات السابقة الصادرة عن مجلس الامن الذي يناقش الآن مشروع قرار اميركي بريطاني يضيف شروطاً تعجيزية جديدة ضد العراق لمحت روسيا امس في مؤشر واضح على تراجع موقفها لامكانية دراسة مشروع القرار البريطاني الاميركي، وغازلت واشنطن باريس لتمرير مشروع القرار رغم تأكيدها انها منزعجة من الموقف الفرنسي، في حين انضمت لندن كما هو متوقع إلى واشنطن في رفض اتفاق العراق مع الامم المتحدة بعودة مفتشي الاسلحة قبل صدور قرار جديد جدد العراق رفضه التعامل معه، ورد بوش امس بالقول ان نزع السلاح هو الخيار الوحيد المتاح أمام العراق لتجنب الحرب وعليه أن يفعل ذلك بسرعة لان الوقت المتاح امامه محدود. ويجيز القرار حول العراق الذي وافق عليه مجلس النواب الاميركي لبوش استخدام القوة ضد العراق بالطريقة «الضرورية والمناسبة» لصيانة امن الولايات المتحدة، بحسب نص القرار. ويتعين عرض نص القرار على مجلس الشيوخ الذي يمكنه تعديله قبل الموافقة عليه. ويمثل الحزب الجمهوري الغالبية في مجلس النواب، في حين تمثل المعارضة الديمقراطية الغالبية في مجلس الشيوخ. وبحسب نص القرار، «يسمح للرئيس باستخدام القوات المسلحة الاميركية اذا ما اعتبر الامر ضروريا ومناسبا لمواجهة التهديد الناتج عن العراق ومن اجل تطبيق جميع قرارات مجلس الامن الدولي بشأن العراق». ويذكر النص ان «الكونغرس يدعم جهود الرئيس الرامية الى التطبيق الصارم عبر الامم المتحدة لجميع قرارات مجلس الامن ويشجعه في جهوده هذه». ويتعين على بوش بحسب نص القرار «الحصول على تحرك سريع وحاسم من مجلس الامن لضمان تخلي العراق عن استراتيجية المماطلة والتهرب وعدم الالتزام (بالقرارات)، وامتثاله السريع والدقيق لجميع القرارات الصادرة عن مجلس الامن بشأنه». كما سيتحتم على الرئيس رفع تقرير الى الكونغرس كل ستين يوما حول المواضيع التي نص عليها القرار. ويطلب النص ايضا من الرئيس في حال اتخاذه قرارا باللجوء الى القوة، ان يبلغ بدوافع قراره قبل اتخاذه ان امكن الامر، او في غضون 48 ساعة من ذلك. وسيتحتم عليه ان يوضح الاسباب التي جعلت الدبلوماسية او السبل السلمية الاخرى غير كافية لصيانة امن الولايات المتحدة في مواجهة التهديد العراقي وضمان تطبيق قرارات مجلس الامن. ويلزم نص القرار بوش بأن يثبت امام الكونغرس ان التحركات التي يقوم بها ضد العراق، بما فيها العسكرية، مطابقة لضرورات الحملة التي اطلقتها «الولايات المتحدة وغيرها من الدول ضد الارهابيين والمنظمات الارهابية، بما في ذلك الدول والمنظمات والاشخاص الذين سمحوا او ارتكبوا او ساعدوا على ارتكاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001». وقال الناطق باسم البيت الابيض اري فلايشر ان «الرئيس مرتاح اذ ان القرار يمنحه الادوات الضرورية لمواجهة تهديد صدام حسين بدون تكبيل يديه». اعلن بوش امس ان الخيار الوحيد امام النظام العراقي هو الامتثال لقرارات الامم المتحدة حول نزع السلاح، بعد توصله إلى اتفاق مع مجلس النواب يسمح له باللجوء إلى القوة ضد بغداد. وقال بوش في مؤتمر صحفي عقده في حديقة البيت الأبيض ان «الامتثال التام لجميع مطالب الامم المتحدة على الصعيد الامني هو الخيار الوحيد والوقت المتبقي للقيام بهذا الخيار محدود». واشاد بوش بقرار ايده زعماء مجلس النواب وبعض اعضاء مجلس الشيوخ يفوضه باستخدام القوة ضد العراق قائلا انه اظهار مهم للوحدة امام الحلفاء والعراق ايضاً. وقال بوش الذي وقف على جانبيه بعض اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب واضاف «يتعين على صدام ان ينزع اسلحته. انتهى الحديث واذا اختار رغم ذلك ان يفعل اي شيء آخر واذا استمر في تحديه فان استخدام القوة قد يصبح لا مفر منه». وكان مفتشو الامم المتحدة قد ابرموا اتفاقا مع العراق في اليوم الثاني من محادثات في فيينا امس الاول حيث وافق العراق على التفتيش وفق ما جاء في القرارات الحالية لمجلس الامن . الا ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو اعتبر الاتفاق لا يغير من الحاجة الى قرار جديد يتيح حرية مطلقة للمفتشين في الدخول الى مختلف المواقع العراقية. وقال «ليس ثمة احد يمكن ان يخالجه ادنى شك في ان اي تحرك من جانب العراق انما هو نتيجة ضغط من الامم المتحدة والتهديد الجاد باستخدام القوة». ومضى يقول «ارحب بعمل (رئيس فريق التفيش على الاسلحة التابع للامم المتحدة) هانز بليكس وزملائه. لكن هذا العمل ليس بديلا للاولوية القصوى التي نوليها لاصدار قرار جديد واشد صرامة في مجلس الامن». وجاءت تصريحات سترو بعدما رفض وزير الخارجية الاميركي كولن باول امس الاول استئناف فرق التفتيش عملها قبل قرار جديد من مجلس الامن. وقال باول «ستواصل الولايات المتحدة السعي من اجل اقرار قرار جديد من الامم المتحدة. لن يرضينا انصاف حقائق من العراق او حلول وسط او جهود عراقية لاعادتنا الى المستنقع نفسه». وسيؤجل مشروع القرار الذي تريد واشنطن ان يتبناه مجلس الامن عودة المفتشين حتى تقدم بغداد قائمة بأي اسلحة نووية او جرثومية او كيماوية او اي مواد تتعلق بها. ويخول مشروع القرار الذي اطلعت رويترز على نسخة منه توجيه ضربة عسكرية للعراق. وهو يخضع للمناقشة الان من جانب الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن التي تملك حق الفيتو. ورفض العراق اساسا مشروع القرار الاميركي وقال امس ان اي قرار جديد غير مقبول وان الولايات المتحدة جعلت من الواضح انها ستتحرك ضد الرئيس العراقي صدام حسين بقرار من مجلس الامن او بدونه. ورحب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى قائلاً « نجاح مهمة المفتشين كما يرتبط بتعاون الحكومة العراقية فانه يرتبط ايضا بمدى الدعم الذي سيحصل عليه فريق التفتيش من المجتمع الدولي من خلال عدم اتخاذ اية مواقف من شأنها تعويق عملية التفتيش في اشارة الى الضغوط الاميركية والبريطانية لاستصدار قرار متشدد من مجلس الامن. وفي المقابل جاء رد الفعل الروسي مرتبكاً باعطاء اشارات متناقضة وفي احدث فقرات هذا الارتباك. اعلن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان موسكو مستعدة لدرس قرار جديد «حول عمل المفتشين» الدوليين في العراق في حال تبين ان ذلك «ضروري» بعد التقرير الذي سيرفعه اليوم كبير المفتشين هانس بليكس. وقال الوزير الروسي للصحافيين «انه من المبكر جدا» الحديث اليوم عن موافقة روسيا على اعتماد قرار جديد. واضاف «يجب الاستماع اولا الى تقرير بليكس ثم نقرر ما اذا كان الامر يتطلب ام لا اصدار قرار جديد». واوضح ايفانوف الذي كان يتحدث في ختام محادثات مع نظيرته النمساوية بينيتا فيريرو فالدنر «اذا كانت قرارات جديدة ضرورية لضمان فعالية عمل المفتشين فاننا بالطبع مستعدون لدراستها». وتناقضت هذه التصريحات مع تصريحات اخرى لايفانوف نفسه الذي قال في مقابلة نشرت امس ان روسيا لا تدعم مطالب الولايات المتحدة وبريطانيا باصدار قرار أشد من قبل الامم المتحدة بشأن العراق. وكانت روسيا رحبت في وقت سابق امس باتفاق استئناف عمليات التفتيش. وقال الكسندر ياكوفينكو المتحدث باسم الخارجية الروسية في بيان ان قرار العراق «يفتح فرصا حقيقية امام عمل المفتشين». واضاف «هذا سيوفر ردودا على تساؤلات بشأن البرامج العراقية المحظورة لانتاج اسلحة دمار شامل وسبل اطلاقها». وفي بيان صادر عن الخارجية الروسية نشر امس نددت موسكو بـ «الاستراتيجيات» الرامية الى «الالتفاف حول مجلس الامن الدولي» في اشارة الى حديث واشنطن عن توجيه ضربة محتملة ضد العراق دون موافقة الامم المتحدة. وفي البيان الوزاري اعلن مساعد وزير الخارجية الروسي غورغي ماميدوف ان روسيا «قلقة بعد ان ظهرت في الاونة الاخيرة «استراتيجيات» مختلفة و«عقائد» تسعى الى فرض مبدأ القوة على القانون الدولي وتبرير تدخل عسكري منفرد بالالتفاف حول مجلس الامن الدولي».

Email