اشتعلت الحرب الكلامية بين الرئيس السوداني عمر البشير وحليفه السابق حسن الترابي منذرة بحدوث اجراءات وشيكة بعد ان تبادل الطرفان الاتهامات والتحذيرات الحادة. ففيما اتهم البشير الترابي بالتآمر عليه معلنا عزمه اتخاذ تدابير حاسمة قريبة ضده توقع الترابي، أن يقدم البشير على اعتقاله وحذره من الاقدام على هذه الخطوة متهما اياه بالسعي إلى اقامة ديكتاتورية عسكرية في السودان. وأعلن البشير خلال اللقاء الجماهيري الذي قاطعه الترابي ومناصروه قرارات حاسمة سيصدرها خلال الساعات المقبلة وذلك بعد أن كشف عن تحركات للترابي وسط العسكريين تهدف للاطاحة بحكمه. وشدد الرئيس السوداني على ان تجاوزات الأمين العام للحزب الحاكم كانت ستضيع الدولة والدين والحزب. ووسط هتافات عشرات الآلاف من السودانيين ارتجل البشير خطابه موضحا ان البلاد تمر بظروف دقيقة وهي مستهدفة من قبل قوى اقليمية ودولية تعاني من انفلات أمني وضائقة معيشية ونزوح قسم كبير من سكانها. وأضاف ان الشعب السوداني صبر على حكومة الانقاذ لثقته فيها, وقدم الاربعاء الماضي في الشرق 14 شهيدا من بينهم ستة (دبابين) من الطلاب. وسلط البشير الضوء الكاشف على تحركات الترابي وقال لابد انكم سمعتم بندوات جامعة الخرطوم والقرآن الكريم والجزيرة وبالمؤتمر الصحفي الذي قال فيه الأمين العام ان قوة ثالثة ستتحرك لاستلام السلطة. وبعد مقاطعة بالهتاف قال البشير: انتم جئتم لتسمعوا حديثا صريحا.. سمعنا كلنا دعوته (الترابي) للمجاهدين بالتحرك وللقوات المسلحة بالتحرك وهذا الحديث تبعه عمل داخل القوات المسلحة وعمل داخل الجيش والشرطة وقوات الامن. واستطرد الرئيس السوداني متهما حليفه السابق بالسعي للاطاحة بالحكومة قائلا: الاخ الامين العام يستدعي ليلا ضباط الجيش والشرطة والامن لتحريضهم ضد الحكومة ويعيب اليوم على رئيس المؤتمر والجمهورية ان يدعو الناس لنفرة كبرى. وعاد البشير مفندا حديث غريمه عن ضرورة الاحتكام للمؤسسية, وقال ان الترابي لا يقبل مؤسسية ان لم تكن له وانهم منذ اجتماع مجلس الشورى الاخير وحتى اليوم لم يقولوا كلمة طيبة في حق الحكومة, ونحن نقاتل في الشرق والجنوب, ويدور كل حديثهم عن السلبيات حتى أسرارنا التي أقرت هيئة الشورى عدم نشرها وزعتها الامانة العامة في كتاب على الصحفيين في اشارة إلى الوثائق الخطيرة التي أفرجت عنها الامانة العامة مؤخرا ونشرت ملخصها (البيان) . وختم البشير خطابه بشكل يؤكد ألا رجوع عن الانفصال عن الترابي, فقال اذا تقاعس الامين العام عن هذا الحشد وفضل القيام بعمل ضد الحكومة نقول له اننا قد صبرنا وكان صبرنا طويلا وفعلنا ذلك من اجل الدولة والدين ولكن من المستحيل ان يستمر هذا الوضع. وتساءل البشير لمتى سنصبر وننتظر ولأجل من ولمصلحة من نضيع البلاد فقد أصبحنا (مضحكة) وكل شعاراتنا صارت محل استهزاء وتندر لهذا نريدها نفرة تمضي للامام وبداية جديدة لثورة الانقاذ الوطني. وأعلن البشير انه سيصدر قرارات حاسمة تعطي الشعب السوداني حقه وتعصمه من الشقاق مؤكدا ألا نكوص ولا تراجع. وعقب ذلك انخرطت اللجنة القيادية للمؤتمر الوطني في اجتماع مطول ينتظر ان يصدر قرارات بتجميد الامانة العامة للمؤتمر وتشكيل غرفة عمليات لادارة الحزب خلال المرحلة المقبلة. ونقلت صحيفة (الرأي العام) السودانية الصادرة امس انه من غير المستبعد ان يوضع الترابي قيد الاقامة الجبرية. من جانبه اكد الترابي أمس في تصريح الى وكالة فرانس برس انه يتوقع ان يقدم الرئيس عمر حسن البشير على اعتقاله سريعا واتهمه بالسعي الى اقامة (ديكتاتورية عسكرية) في السودان. وقال الترابي (هناك تدابير ربما تنبئ بما قد يحصل هذا المساء لا سيما وان الولاة المعينين من قبل البشير عادوا الى ولاياتهم لتنفيذ القرارات التي اتخذت ويرجح ان يكون بينها اعتقالات اتوقع ان تشملني بالطبع) . وقال الترابي ان البشير (يسير نحو الديكتاتورية العسكرية السافرة ويستند الى القوات النظامية) , مضيفا (الا ان احدا لا يستطيع ان يفرض سلطة الطغيان في السودان وسيتحرك الشعب السوداني في ثورة شعبية رغم اننا ما كنا نريد ان نحتكم لعامة الشعب) .إلا انه عاد واستبعد أي (مواجهة عنيفة) معلنا بأنه (لن يكون البادئ بها) . الخرطوم ـ عثمان فضل الله