مدرب رأفت الهجان ، القاهرة شيعت قلب الأسد

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد عمر حافل بالبطولات في جهاز المخابرات المصرية, شيعت أمس جنازة بطل المخابرات المصري محمد نسيم, الذي اشتهر بلقب (نديم قلب الأسد) , وقام بتدريب البطل المصري رفعت الجمال (رأفت الهجان) الذي زرعته المخابرات المصرية في اسرائيل لفترة تصل إلى ربع قرن, كما قاد محمد نسيم ونفذ عملية الحفار الشهيرة, والتي انتهت بتفجير حفار عملاق في السنغال كان في طريقه إلى سيناء للتنقيب عن البترول بعد احتلالها في 5 يونيو عام 67, كما قام نسيم بوضع خطة تفجير المدمرة ايلات عام 1970. لم يسع نسيم إلى الشهرة رغم بطولاته العديدة التي سجلتها المخابرات المصرية في سجلها الحافل في الصراع العربي الصهيوني, لكن الشهرة هي التي سعت إليه منذ كشف جهاز المخابرات المصري عن هذه البطولات عبر المؤلفات الروائية في مجال الجاسوسية للكاتب المصري الراحل صالح مرسي, وكان بدايتها رواية رأفت الهجان التي تحولت فيما بعد إلى مسلسل تلفزيوني شهير, ثم رواية الحفار ومسلسلها التلفزيوني الشهير أيضا, نقلت هذه الأعمال جوانب فذة في شخصية محمد نسيم (نديم قلب الأسد) حيث كان الشخصية الثانية التي تعاملت مع رفعت الجمال (رأفت الهجان) بعد ان قامت المخابرات المصرية على أيدي ضابطها البطل محسن عبدالخالق (الذي اشتهر في المسلسل التلفزيوني باسم محسن ممتاز) بزرع الهجان في اسرائيل. الكثير من العمليات التي قام بها أو خطط لها كان يلجأ فيها إلى التفكير بشكل فردي, من خلال ذهابه إلى قريته ميت كنانة بمركز طوخ محافظة القليوبية وجلوسه وحيدا في وسط المزارع متأملا حتى يصل إلى خطته عن العملية التي سيقوم بها يساعده في ذلك لحظات تأمل وصمت وسط خضرة الزرع, ثم يناقشها فيما بعد مع قياداته, ويكشف في هذه النقطة نسيم انه كان دائم الاتصال بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر في شأن عملياته البطولية, يجلس معه عبدالناصر في ود أسري حميم, ويحدد له الزعيم الراحل المهمة بعد الاطمئنان عليه وعلى أسرته, ثم يلتقط قلب الأسد الفكرة لينفذها. وفي عملية الحفار التي تابع خطواتها عبدالناصر لحظة بلحظة منذ ان ولدت فكرة.. كانت مصر في تحد مع الكرامة وفي وضع تسعى فيه إلى مداواة جراحها من نكسة 67 فكانت عملية تدمير الحفار قبل قيامه بالتنقيب عن البترول في سيناء المحتلة. ومن بطولات نديم بعد الانفصال السوري عن الوحدة مع مصر عام 1961, حيث دخل المؤيدون من سوريا للوحدة ولجمال عبدالناصر السجون السورية على أيدي الانفصاليين وكان من أبرز هؤلاء عبدالحميد السراج الذي تم اعتقاله بوحشية في سجن المزة, واستطاع نسيم السفر إلى دمشق متنكرا وارتدى هناك أمام السجن ثوب أحد حراسه, وفوجئ السراج بأنه أمامه في غرفته ليخرج به إلى بيروت ثم إلى القاهرة في عملية استشاطت القيادات الانفصالية غضبا منها, حيث لم يعرف أحد منهم مصير السراج فور علمهم بهروبه, إلا بعد ان أذاعت صوت العرب خبر وجوده في القاهرة وقرار عبدالناصر بتعيينه وزيراً للتأمينات الاجتماعية. وبعد عام 1967 وفيما عرف بانحرافات المخابرات المصرية اختاره عبدالناصر مع المهندس حلمي السعيد الوزير السابق وأحد الضباط الأحرار من مجموعة عبدالناصر للتحقيق في انحرافات المخابرات والبحث فيما أشيع وقتها عن علاقات نسائية لبعض قيادتها, ورفع نسيم والسعيد تقريرا بذلك إلى عبدالناصر انتهى إلى احالة بعض القيادات إلى المحاكمة, وكان أشهرهم صلاح نصر رئيس الجهاز. ولد نسيم ـ الذي ينحدر من أصول بمحافظة القليوبية ـ في محافظة القاهرة في حي الدرب الأحمر والتحق بالكلية الحربية عام 1949 وتخرج منها عام1951 أي قبل الثورة بعام واحد ثم التحق بالجيل الأول في جهاز المخابرات المصرية مع بدء تكوينه عام 1954 على يد زكريا محيي الدين أحد قيادات ثورة يوليو وكان عمر نسيم آنذاك لا يتعدى 21 عاما وبدأ مسلسله البطولي الذي يحفظه التاريخ المصري والعربي ببياض ناصع.

Email