تحليل اخباري: شكوك وعدم ارتياح في امريكا من الحرب ضد الصرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن الرئيس الامريكي بيل كلينتون أن استخدام القوة العسكرية ضد صربيا لانهاء مأساة كوسوفو يعتبر واجبا أخلاقيا . وفي بادئ الامر, قارن كلينتون الزعيم اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش بأدولف هتلر زعيم ألمانيا النازية. ويصف الرئيس الامريكي ميلوسيفيتش الان بأنه ديكتاتور ويقول لمواطنيه بأن ثمة حرب إبادة تدور رحاها الان في وسط أوربا. وبالرغم من كل ما يقوله كلينتون لمواطنيه بشأن قضية كوسوفو, فان الكثيرين منهم لا يؤيد هذه الحرب غير المرغوب فيها التي تورطت فيها الولايات المتحدة بسبب القتال العرقي في كوسوفو. وتتنامى الان في الكونجرس وبين الامريكيين عامة المشاعر بالشكوك وعدم الارتياح إزاء هذا التورط غير الواضح الابعاد لقوة عظمى في صراع آخذ في التفاقم. ورغم أن الكونجرس لم يترك الفرصة لخلق أي نوع من الشك إزاء تأييده لمشاركة القوات الامريكية في عمل عسكري ضد المواقع الصربية, فإن مناقشات الرأي العام حول الضربات الجوية ما تلبث أن تتحول دائما في معظمها إلى التذكرة بشبح حرب فيتنام. والسؤال المألوف الذي لم يجد إجابة له بعد سواء من جانب كلينتون أو مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية أو وزير الدفاع وليام كوهين هو: ماذا لو لم يستسلم الرجل القوي في بلجراد ويتخلى عن عناده؟ ولماذا بدأ القصف دون استراتيجية واضحة للخروج منه؟ وبدا أن كلينتون قد التزم الصمت عندما سأله ماسيما داليما رئيس الوزراء الايطالي مؤخرا عما سيكون عليه رد الولايات المتحدة إذا رفضت بلجراد التراجع عن موقفها المتعنت. وانبرى صمويل بيرجر مستشار الامن القومي لكلينتون للاجابة على داليما فقال : (إننا حينئذ سنواصل قصف الصرب إذا رفضوا الاذعان) . الجدير بالذكر أنه رغم كافة تطمينات الحكومة الامريكية بأنها لا تعتزم الزج بالجنود الامريكيين في حرب برية دامية محتملة الوقوع, فإنه من غير المحتمل أن تؤدي هذه التأكيدات إلى تهدئة مخاوف المعارضين والمتشككين في الولايات المتحدة. وكانت صحيفة واشنطن بوست قد أعربت عن رأيها أن الصراع تتوافر فيه كل عناصر (الفشل الامريكي) , وأنه يتعين على الرئيس كلينتون إما أن يتراجع أو يبدأ مغامرة تحمل في طياتها الكثير من إراقة الدماء. وليس مسؤولو البنتاجون هم وحدهم الذين يساورهم القلق بشأن الرحلة التي تكتنفها الظلمة إلى البلقان ما لم تحقق الضربات الجوية النتائج المنشودة. وفي غمرة كل ذلك الجدل الدائر حول ضربات الناتو ضد صربيا, لم يوجه البيت الابيض أدنى اهتمام إلى علاقات أمريكا المتدهورة مع روسيا متكئا على حقيقة إن روسيا تحتاج إلى الغرب لاسباب مالية. ويركز ساندي بيرجر مستشار الامن القومى الامريكي اهتمامه على الوقت الذي يحقق فيه الناتو أهدافه العسكرية ويتمكن عندئذ من إيقاف الضربات. ولم تعد الولايات المتحدة تصر على أن الضربات ستتوقف فقط عندما يوقع ميلوسيفيتش على اتفاق السلام الذي تم التفاوض بشأنه في وقت سابق من الشهر الحالى ووقعه الالبان العرقيون, بل أن بيرجر أشار إلى أن الاتفاق يمكن تعديله. وكان كلينتون قد حذر في كلمته التي وجهها للشعب الامريكي بعد بدء العمليات العسكرية والتي بثها التليفزيون من ان التردد في البلقان لن يؤدى إلا إلى المزيد من إراقة الدماء. غير أنه ليس من الواضح لكل من البيت الابيض والكونجرس إن تدخلهما العسكري في البلقان هو الشر الاصغر. وبعد إخفاق الدبلوماسية, فإن أصعب الاهداف وربما أبعدها عن التحقق في البلقان هو عودة الامور إلى طبيعتها بدون أن يكون هناك رابح. محدد. ويدرك مخططو الاستراتيجية الامريكيون أن هدفهم هو إنقاذ مصداقية الناتو بدون خلق دولة مستقلة في كوسوفو. ـ (د. ب. ا)

Email