إطلاق صاروخين طائشين على البصرة: واشنطن تهدد بالفيتو لابقاء العقوبات على العراق

ت + ت - الحجم الطبيعي

هددت واشنطن باستخدام حق النقض (الفيتو) داخل مجلس الأمن ضد أية محاولة لتقويض يونسكوم أو رفع العقوبات المفروضة على العراق في وقت روجت باريس لمقترحاتها الأربعة للتعامل مع الأزمة العراقية على ضوء آثار ونتائج عملية (ثعلب الصحراء) ومن أجل استثمارها سياسيا باتجاه رفع الحظر النفطي سريعا واعادة دور مجلس الأمن في الأزمة كاملا. وتزامن التهديد الامريكي بالفيتو مع اعلان العراق أمس ان طائرات غربية انتهكت مجاله الجوي مرتين وأطلقت صاروخين طائشين على مدينة البصرة وهو ما نفت كل من واشنطن ولندن مسؤوليتهما عنه. وازاء تصاعد الدعوات لرفع الحصار عن العراق لوح البيت الابيض بورقة الفيتو في وجه جهود مكثفة تقودها فرنسا وروسيا والصين للتعامل مع المعطيات الجديدة للاوضاع تضمن رفع الحظر النفطي على الاقل واعادة النظر بيونسكوم. واعلن الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت ردا على سؤال حول تأييد اعضاء مجلس الامن الدولي لرفع العقوبات المفروضة على العراق منذ ثماني سنوات (نحن نعتقد ان العقوبات يجب ان تبقى قائمة) . وقال (نحن نعارض اي جهود تهدف الى الغاء العقوبات واذا اقتضى الامر ان نستخدم حق النقض فسنفعل ذلك) . من جهة اخرى, اكد لوكهارت مجددا دعم واشنطن للجنة الامم المتحدة الخاصة المكلفة نزع اسلحة العراق (يونسكوم). وقال (اننا نعتقد ان يونسكوم هي افضل وسيلة لاحتواء قدرات (الرئيس العراقي) صدام حسين على انتاج اسلحة الدمار الشامل) . وبلورت باريس اربعة مقترحات محددة بدأت بالترويج لها بالفعل وطالبت الولايات المتحدة باعلان نتيجة القصف الذي شنته على العراق حتى يتسنى طرح مقترحات جديدة خاصة بنزع السلاح العراقي. ومن جانبها انضمت المانيا إلى الدعوات المطالبة برفع الحظر المضروب على العراق تدريجيا في وقت يسعى مجلس الامن مجددا إلى رأب الانقسامات في صفوف اعضائه. العراق الذي اكد مجددا امس انه لن يتعاون مع الامم المتحدة الا بعد رفع الحصار, أعلن في بيان بثته وكالة الانباء العراقية ان (تشكيلات من طائرات معادية) قامت بـ (خرق اجواء العراق) مرتين, الاولى في الساعة التاسعة والربع صباحا بالتوقيت المحلي (06,15 بتوقيت جرينيتش) والثانية في الساعة الثانية وسبع عشرة دقيقة من بعد الظهر (9,17. بتوقيت جرينيتش) واطلقت (صاروخين طائشين قبل ان تولي هاربة من حيث اتت) . واوضح ناطق عسكري ان عملية الخرق الاولى قامت بها اربعة تشكيلات من الطائرات (في قاطع الدفاع الجوي الثالث) من المنطقة المنزوعة السلاح على جانبي الحدود الكويتية العراقية. اما عملية الخرق الثانية فشاركت فيها خمسة تشكيلات قامت بخرق اجواء المنطقة نفسها (وتقربت الى شمال البصرة بعيدا عن مدى اسلحتنا واطلقت صاروخين طائشين قبل ان تولي هاربة من حيث اتت) . واكد الناطق العسكري العراقي ان (عملية الخرق هذه تأتي ضمن خطة ايذاء العراق وشعبه) . وهذا هو اول حادث يعلن عنه العراق منذ انتهاء الغارات الامريكية البريطانية التي تعرض لها طوال اربع ليال والتي انتهت ليل السبت الاحد الماضي. وقد سارعت واشنطن ولندن الى نفي اتهام بغداد وقال اللفتنانت جنرال البحري بات سيفيجني المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية لرويترز (ليس هذا صحيحا. لم تطلق اي طائرة امريكية صواريخ فوق العراق) . وفي الكويت قالت القوات الجوية البريطانية المرابطة في الكويت ان طائراتها وهي من طراز تورنادو لم تقم بمهام في جنوب العراق امس. واذ نفى سيفيجني اطلاق اي صواريخ شدد على ان الولايات المتحدة وحلفاءها يقومون باعمال الدورية في منطقتي حظر الطيران فوق جنوب العراق وشماله. وفي هذه الاثناء انخرطت موسكو وباريس وبكين في جهود دبلوماسية نشطة لاستثمار أثار عملية ثعلب الصحراء سياسيا. وفي باريس التي أكدت ان على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان انه (لا بد من اعادة دور مجلس الامن الدولي كاملا) في قضية العراق قائلا ان (البعض يميل الى تجاوز هذا الدور او تجاهله) في اشارة الى الضربات العسكرية الامريكية والبريطانية التي وجهت الاسبوع الماضي الى هذا البلد. وذكر جوسبان امام الجمعية الوطنية بالمقترحات الفرنسية للخروج من الازمة وهي: اجراء تنظيم جديد واعتماد وسيلة جديدة لمراقبة التسلح العراقي والبحث في رفع الحظر النفطي مع فرض رقابة مالية للطريقة التي تستخدم فيها بغداد عائدات مبيعاتها النفطية وتحسين ظروف العراقيين المعيشية. واعتبر جوسبان ان هذا الطرح (يتطابق مع الاهداف التي تريد الامم المتحدة تحقيقها) مؤكدا ان فرنسا تعتزم الاستمرار في العمل بــ (تعاون وثيق مع شركائها في مجلس الامن الدولي) . وفي تكرار لذات الموقف قال هوبير فيدرين وزير الخارجية امام الجمعية الوطنية (على مجلس الامن ان يتحمل مسؤولياته لملاءمة نظام الرقابة على السلاح العراقي مع عمل بعيد الامد للسير باتجاه الشروط التي ستسمح باستئناف قضية الحظر على اساس مختلف) . وبعد ان شدد على (مفهوم اعادة بناء سلطة مجلس الامن) اعرب فيدرين مرة اخرى عن اسفه لان هذه الهيئة (اهينت في كثير من الاحيان او تم تجاوزها) . واضاف (لذلك كانت جميع القرارات التي قدمتها فرنسا للتمهيد للخروج من الازمة, بانتظار نهاية الماساة, تدور حول القرارات التي يجب ان يتخذها المجلس) . وفي السياق ذاته أجرى فيدرين اتصالات بوزيري خارجية مصر والسعودية والولايات المتحدة علاوة على نظرائه في الاتحاد الأوروبي لتقييم الوضع. من ناحية أخرى قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية للصحفيين (على الولايات المتحدة الافصاح عن نتائج القصف لانه في الوقت الراهن لا يوجد لدينا كشف حساب محدد) . واضافت ان مثل هذه الخطوة تساعد في صياغة خطوط عريضة للتحكم في تسليح العراق (لاننا لن نسمح باي حال للعراق بان يشكل مرة اخرى تهديدا لجيرانه) . واضافت المتحدثة (بمجرد الوصول الى مستوى مرض ومستمر من السيطرة فان بامكاننا الانتقال نحو رفع العقوبات) المفروضة على العراق. واوضحت انه من المحتمل عقد اجتماع قريب في واشنطن يضم 23 ممثلا للدول المختلفة ومن بينها الدول الاعضاء في اللجنة الخاصة للامم المتحدة المكلفة بنزع اسلحة العراق (يونسكوم) لبحث طرق مراقبة برامج الاسلحة العراقية وتطورها مشيرة الى اهمية المراقبة المستمرة والطويلة الامد لهذه البرامج لضمان عدم تشكيل العراق لخطورة على جيرانه والامن في المنطقة. وانضمت ألمانيا إلى الدعوات المطالبة برفع الحظر عن العراق, واقترح وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر ان تخفف الامم المتحدة تدريجيا العقوبات الدولية المفروضة على العراق. وابلغ فيشر محطة تلفزيون (ايه0ار0دي) في ساعة متأخرة امس الأول انه يعتقد ان من المهم ايجاد سبيل للخروج من الوضع الحالي (الذي لم ينتصر فيه احد) . واضاف ان من الواضح انه لن يسمح للعراق بالحصول على اسلحة الدمار الشامل. وقال (يتراءى لي ان الحل الامثل سيكون عدم السماح بان يكون بحوزة صدام حسين اسلحة للدمار الشامل من ناحية ومن ناحية اخرى ايجاد حل بعيد عن العمل العسكري لربط عملية نزع السلاح القائمة بتدابير انسانية ورفع العقوبات شيئا فشيئا) . واستدرك فيشر قائلا (ولكن هذا بحاجة الى موافقة الجهات المعنية في مجلس الامن) . وفي السياق ذاته أجرى فيدرين اتصالات بوزراء خارجية مصر والسعودية والولايات المتحدة علاوة على نظرائه في الاتحاد الاوروبي لتقييم الوضع. من جانبه حاول مجلس الأمن الدولي مرة أخرى أمس تضييق الفجوة بين وجهات نظر العراق عن محنته وما تتوقع دول أخرى منه قبل رفع الحصار عن اقتصاده. لكن دبلوماسيين أكدوا ان العملية ستستغرق أسابيع ولن تبدأ في السير قدما حتى تتوصل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى اتفاق فيما بينها ثم توسع التشاور ليشمل الصين وروسيا. وجميع هذه الدول أعضاء دائمون في مجلس الأمن. ــ الوكالات

Email