تقرير اخباري: قبول لحود اعتذار الحريري يكشف أزمتين دستورية وسياسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف اعتذار رفيق الحريري عن تشكيل حكومة العهد الجديد وقبول الرئيس اميل لحود لها عن ازمتين مزدوجتين, تفاعلتا في كواليس السياسة اللبنانية, احداهما ذات وجه دستوري, والاخرى حملت ندوب الممارسة السياسية . وتجمعت ثلاثة عوامل اساسية في حفر مجرى الازمتين, اول هذه العوامل وصول الخلاف ما بين الحريري ولحود الى طريق مسدود, وثانيها, مشكلة الوزراء الثابتين الذين لاتطالهم يد التغيير, وثالث هذه العوامل هو الحرص السوري على اتخاذ موقف الحياد تجاه الخلاف بين الحريري ولحود. فمنذ انطلق لحود في خطابه الرئاسي عقب اداء قسم اليمين الدستورية في مجلس النواب على قاعدة توجيه ادانة غير مباشرة لاسباب الهدر في الاموال العامة وتصريفها, نشب الخلاف بين الحريري ولحود لان الاول اعتبر انه المقصود مباشرة بهذه الادانة. وفيما يمتنع الحريري عن تحديد الحل, تردد في اروقة دارته في قريطم حديث عن مشروع اقتراح للرئيس سليم الحص يقضي بان يجري الاعلان رسميا عن حصيلة الاستشارات التي افضت الى تسمية 83 نائبا الحريري على ان يتضمن هذا الاعلان الذي هو بمثابة مرسوم التكليف, اعتبار النواب الــ 31 الذين لم يسموا مرشحا معينا في عداد الممتنعين عن التصويت, او اعتبار اصواتهم لاغيه بسبب مخالفتهم الدستور الذي يلزمهم موقفا محددا, اما بالتسمية, او الامتناع عنها, وليس كما حصل (بترك الحرية في الاختيار للرئيس) . وهنا يقول الحريري ان تلك الاستشارات ملزمة بحدين الاول بان يأخذ رئىس الجمهورية باسم من تسميه الغالبية النيابية, دون اي تدخل, تبعا لمبدأ الاستشارات النيابية الملزمة له, والثاني بألا يمتنع اي نائب عن التسمية واما في حال امتناعه فان عليه, دستوريا, عدم ترك الخيار لرئيس الجمهورية. لماذا عدم التكليف؟ لا ينطلق الحريري من فراغ في موقفه ذاك, لذا فوجيء بعدم صدور مرسوم تكليفه في اليوم الذي انهى فيه لحود استشاراته النيابية, خاصة وان ذلك يحصل, يقول الحريري, بما يخالف اتفاق الطائف من جهة, ومادرجت عليه العادة عند تشكيلة الحكومات الثلاث الاخيرة في عهد الرئيس الياس الهراوي. وماذا حصل خلال الاستشارات المتعلقة بهذه الحكومات؟ ايام الحكومة الاولى للحريري, كانت نتائج الاستشارات التي اجراها الهراوي معروفة عام 1992, فوهج (الرئيس الحريري ومراهنة الكثيرين على قدرته على اصلاح الاوضاع, وانقاذ البلاد والعباد, بدعم اقليمي ودولي واضح كان لهما تأثير واضح على نتائج التشاور: اكثرية من 110 نواب مع تكليف الحريري. فصدر مرسوم التكليف فورا. وبدأت ايام الحكومة الثانية عندما قدم الحريري استقالة حكومته في مايو 1995. انذاك جاءت الاستشارات النيابية على النحو التالي: 75 نائبا رشحوا الرئيس المستقيل, من اصل 124 نائبا, وقد ايد 12 منهم تكليف الرئيس امين الحافظ. واثنان سميا الرئىس سليم الحص فيما رفض 26 نائبا (الكشف عن اسم مرشحهم, واربعة اخرون تركوا الخيار لرئيس الجمهورية ورفض خمسة الحديث الى الصحافيين. لكن مرسوم تكليفه صدر آنذاك على الفور وحصلت الحكومة التي الفها على غالبية نيابية ساحقة في البرلمان اذ لم يعارضها سوى ثمانية نواب. انما الموقف الاكثر مدعاة للانتباه آنذاك, كان اعتراف الحريري بان ثمة خللا حصل, اذ قال حينذاك: (اذا كان العمل الحكومي في الفترة الماضية قد احيط ببعض عوامل الخلل السياسي, فان المرحلة المقبلة لن تحتمل التساهل ازاء ذلك) . ذلك (الخلل) الذي يتحدث عنه الحريري هذه الايام, تكرر كذلك ايضا عند تشكيله لحكومته الثالثة في اواخر العام 1996, فانذاك جرى تقديم (بروفة) جديدة عن (شكلية) الاستشارات النيابية, حيث ايد 74 نائبا تكليف الحريري في حينه, ويسجل عراب الطائف الرئيس حسين الحسيني موقفا يحضر في الوقت الحاضر على الساحة السياسية المحلية, حيث اكد انذاك, عند مغادرته القصر الجمهوري ان (الاستشارات النيابية ملزمة بتسمية رئيس الحكومة, وهي غير شكلية) معتبرا: (ان رئيس الدولة ليس علبة لنقل البريد) . ويصب هذا الكلام في موقف الحريري, حاليا حيث, يضيف الى ما يقوله الحسيني, ان المطلوب ان تكون الاستشارات النيابية ملزمة لكل من رئيس الجمهورية, كذلك للنواب لجهة وجوب التسمية او الامتناع نهائيا. المشكلة الثانية: الوزراء (الثابتون) تتمثل المشكلة الثانية في تجميد التكليف وبالتالي التأليف لشهود الى ما يتعلق بظاهرة (الوزراء الثوابت) وحول هذه النقطة يقول وزير شؤون المهجرين وليد جنبلاط انه اذا لم يستلم الحقيبة نفسها في الحكومة الجديدة فان (اي مهجر لن يعود الى دياره بعد الآن) . ويشدد جنبلاط على ان هذا الموقف (ليس تهديدا) بل هو حسب قوله مجرد كلام من قبيل تحصيل الحاصل. وضمن هذا الاطار يتكرر المشهد باتجاه طرح التساؤل: هل الوزراء الثابتون يشكلون احدى العقبات الاساسية امام ولادة الحكومة الجديدة؟ يبدأ الجواب منذ البدء بتشكيل الحكومات الست في عهد الهراوي, حيث تكررت اسماء الوزراء فيها على النحو التالي: ــ 6 مرات: وليد جنبلاط, محسن دلول. ــ خمس مرات: ميشال المر, فارس بويز, والياس حبيقة. ــ اربع مرات: مروان حماده, سليمان فرنجية, شوقي فاخوري, اسعد مروان, وشاهين برسوميان. ــ ثلاث مرات: نزيه البززي, جورج سعادة, علي الخليل, نبيه بري, نديم سالم, عبدالله الامين, محمد عبدالحميد بيضون, رفيق الحريري, بهيج طبارة, ميشال اده, عمر مسكاوي, نقولا فتوش, محمود ابو حمدان, فؤاد السنيورة, واغوب دمرجيان. حرص سوري اما الفترة الثالثة في تشكيل الحكومة العتيدة وتكليف رئيس يتولى تأليفها ورئاستها, انما تتمثل في حرص القيادة السورية على عدم التدخل في تلك الامور. وقد انعكس ذلك بوضوح على قلة زيارات المسؤولين اللبنانيين الى دمشق خلال الاسبوعين الماضيين, في الوقت الذي تؤكد فيها تلك القيادة على عدة مسلمات حيال الواقع اللبناني, اولها ان: لبنان في حالة, خطر اسرائيلي حقيقي في هذه المرحلة, وثانيها: ان دمشق لاتتدخل في صراعات محلية في اي مكان خارج القطر السوري, وثالثها: ان ما يربط من صداقات سورية مع اللبنانيين انما يشمل جميع الفرقاء وان كان بنسب متفاوتة. ... لذلك, وعلى ضوء تلك النقاط الثلاث تعثرت ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة. بيروت ــ وليد زهر الدين

Email