لغز يحير العلماء:الطاقة الحركية تؤدي إلى تفاعل كيمائي في اليابان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من الشائع أن تستخدم كلمة (غامض) أو (عجيب) في المحادثات التي تدور بين علماء الكيمياء لكن من الواضح انهم أصبحوا يستخدمون هذه المفردات كثيرا هذه الأيام وذلك لوصف طريقة جديدة لفصل جزيئات الماء إلى أوكسجين وهيدروجين في درجة حرارة طبيعية وباستخدام وسيط كيميائي بسيط، ويقول الباحثون اليابانيون انه يمكن الحصول على الطاقة الكافية لتفكيك الروابط الكيميائية بين جزيئات ذرات الماء وذلك عن طريق تحريك السائل. وعندما أعلن كازونادي دومن وزملاؤه من معهد التكنولوجيا في طوكيو انهم تمكنوا من تفكيك الماء باستخدام مسحوق أكسيد النحاس كوسيط كيميائي كان الخبر بمثابة صدمة كبيرة لعلماء الكيمياء في العالم، حيث يجري هذا التفاعل عادة بدرجة حرارة تبلغ 3000ْ وبمساعدة أشعة الضوء، وإذا تمكن العلم فعلا من تحسين ظروف هذا التفاعل فإن الهيدروجين سيجتذب اليه الأنظار على أنه يصلح لأن يكون وقودا رخيصا ونظيفا. وكان دومن في بادئ الأمر يعتقد بأن الطاقة التي تدفع هذا التفاعل الكيميائي الذي يجري في درجات حرارة منخفضة هي طاقة مستمدة من الضوء الشيء الذي تعوّد عليه علماء الكيمياء وألفوه تماما، إلا ان دومن يقول الآن ان هذا التفاعل يمكن أن يستمر لمئات الساعات في الظلام، ويضيف دومن انه كلما تم تحريك الإناء الذي يحتوي على السائل بسرعة أكبر، كلما ازداد انتاج الأوكسجين والهيدروجين. ويعتقد دومن ان الطاقة الحركية تتحول في هذا التفاعل الى طاقة كيميائية من دون المرور بمرحلة الطاقة الحرارية ولكنه لا يستطيع أن يفسر كيفية حدوث هذا التحول. ويرى معظم علماء الكيمياء ان هذا التفاعل مجرد بدعة جديدة أو هرطقة حيث ان فكرة انتاج وقود من طريق آلية لا يستطيع أحد تفسيرها تعيد للأذهان اسطورة الانصهار البارد التي طرحت عام 1989 لكن العلماء كانوا قد راجعوا النتائج التي توصل اليها دومن بعناية قبل أن تنشر، كما ان دومن تجنب التنبؤ بأي تطبيقات عملية لهذا التفاعل. ويقول ميشيل جريتسيل أحد أعضاء المعهد الفيدرالي السويسري للتقنيات في مدينة »لاوسان« ان كثيرا من زملائه لم يصدقوا الخبر ولكنه شخصيا يعتقد بأن لومن عالم جاد ورزين. ويحاول جريتسيل أن يضع تفسيرات معقولة لما يحدث حيث يقول انه من المحتمل أن يكون الاحتكاك بين الإناء الزجاجي والمادة الوسيطة يؤدي الى تراكم شحنات كهربائية تتحول إلى شرارات قادرة على تفكيك بعض جزيئات الماء ويضيف ان عملية اضافة الأملاح المعدنية في الماء تزيد من ناقليته للشحنات الكهربائية. الا ان آرثر نوزيك أحد علماء الكيمياء في المختبر الوطني للطاقة في الكولورادو يشكك في صحة الافتراض القائل ان المادة الوسيطة هي التي تحفز هذا التفاعل ويقوم بدوره باقتراح تفسير آخر حيث يقول انه يعتقد ان اكسيد النحاس يمكن أن يتفاعل مع الماء محررا كميات من الهيدروجين بينما ينطلق الأوكسجين من كميات الغاز المنحلة في الماء. ويقول دومن ان عملية انقسام جزيئات الماء تستفيد من نسبة لا تتجاوز 5% من اجمالي الطاقة الناتجة عن التحريك ولذلك فإن كميات الأكسجين والهيدروجين المنبعثة تكون قليلة وجدا، ولكنه يضيف انه سيتمكن من تحسين مستوى انتاج هذين الغازين، وذلك في حال استطاع ان يكتشف كيفية حدوث هذا التفاعل، وعندها سيكون من الممكن الحديث عن التطبيقات العملية لهذا التفاعل. ويقول سين مكوادي من معهد كينج في لندن »ان غرابة هذا التفاعل تكمن وبكل بساطة في كونه جديداً« ويشبه مكوادي هذه الحالة بالاكتشاف الذي توصل اليه العلماء في العقد الماضي والذي يفيد بأن الصوت يمكن أن ينشط التفاعلات الكيميائية، حيث أدى هذا الاكتشاف الى ازدهار ما يسمى اليوم بـ »الكيمياء الصوتية«. ويختم مكوادي حديثه بقوله: »عندما تظهر هذه الأشياء لأول مرة، فإنها تشكل تحديا للمفهوم السائد حول كيفية تحول الطاقة الى تفاعلات كيميائية وإن مثل هذه المواضيع تحتاج بعض الوقت لتثبت صحتها أو زيفها.

Email