السينما تفرض الاحكام العرفية على نيويورك:(الحصار)فيلم تهرب من المسؤولية بتشويه صورة العرب والمسلمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الدعايات المكثفة التي صاحبت العرض الاول لفيلم(الحصار)الجمعة 6 نوفمبرفي دور السينما في نيويورك, فان الفيلم يصدق عليه المثل العربي القديم :(تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) . فالملاحظ أولاً أن الفيلم لم يكن موضع اقبال من حشود جماهيرية كثيفة كما هي العادة مع أفلام الاكشن الحافلة بالحركة والإثارة والعنف, فضلا عن تقديمه اثنين من ابرز الممثلين هما دانزل واشنطن الزنجي وبروس ويليس بطل افلام المغامرات العنيفة. ورغم ان مخرج الفيلم لجأ الى الوصفة المجربة والشائعة في هوليوود فجعل الكاميرا تنتقل بين حشود كثيفة وسط ناطحات السحاب في نيويورك وبيوت العرب الفقيرة والتعيسة أحياناً في ضاحية بروكلين جنوبي المدينة الامريكية ناهيك عن حبكة الفيلم التي قدمت احدى عميلات المخابرات الامريكية في صورة امرأة جميلة ومدربة بل وخبيرة ــ فوق البيعة بأحوال الشرق الاوسط (الممثلة انيت بننغ) وكأنها ماتا هاري التسعينات كما وصفها النقّاد في حياتها وسلوكها بأنها ألغاز وطلاسم ما بين علاقاتها السياسية بالمعارضة العراقية وعلاقات العشق التي تربطها بشاب فلسطيني يعيش اهله في مخيمات اللجوء ــ ورغم ان الفيلم تعرض ايضا لصراع على السلطة بين جنرال من الجيش الامريكي فرض على نيويورك الاحكام العرفية, وبين مسؤول في مكتب المباحث الفيدرالي اختار الوقوف مع القانون والدستور إضافة الى مندوبة الـ (سي. آي. ايه) . الا ان هذا كله لم يشفع للفيلم, لا عند النقاد الذين لم يمنحوه سوى نجمتين فقط من مقياس الاجادة الفني الذي يصل الى خمسة نجوم للفيلم الناجح المرشح لجوائز التفوق, ولا عند جماهير المشاهدين الذين تعاملوا مع الفيلم الجديد بصورة عادية اقرب الى الفتور, ولعلهم ــ كما نتصور ــ اختاروا ان يبقوا بعيداً عن دور السينما وشبابيك التذاكر بعد ان سمعوا عن التظاهرات الاحتجاجية التي قام بها العرب والمسلمون الامريكيون, ولا كان الفيلم يحوز بداهة أي قبول من جانب عرب ومسلمي امريكا الذين صرح الناطق باسمهم (حسين ابين) من لجنة مناهضة التمييز العربية الامريكية بأن الفيلم يسىء الى العرب والمسلمين في امريكا عن سبق اصرار لم نشهده من قبل. وقد تنجم عنه جرائم بُغْض وتحرشات بحق العرب والمسلمين. من ناحية أخرى, لم يشفع لسيناريو الفيلم تلك العبارات التي عمد واضعوه الى بثها في هذا المشهد أو ذاك اتقاء لما توقعوه من غضبة العرب وسخط المسلمين في الولايات المتحدة, عبارات تقول بأن معظم مواطني امريكا من العرب او المسلمين هم مواطنون صالحون يحترمون القانون أو تقول بمعاناة المعيشة في المخيمات بالشرق الأوسط... الخ ولا شفعت ايضا تصريحات ادوارد زويك المخرج الذي دافع عن فيلمه بأنه يحمل رسالة لنبذ العنف حين يصور معاناة المسلمين في امريكا الذين لا تقابل معتقداتهم الدينية سوى بالتحيز والقمع. وفي هذا السياق يرد (ابراهيم هوبر) الناطق باسم مجلس العلاقات الامريكية ــ الاسلامية قائلاً : ان صانعي الافلام يتحملون مسؤولية اخلاقية خاصة عندما يتعاملون مع قضايا حساسة مثل الارهاب أو المعتقدات الدينية. وفيلم (الحصار) تهرّب من هذه المسؤولية عندما قدم الاسلام في صورة سطحية اميل الى الطرافة والغرابة وليس الجدية اللائقة بالاسلام والمسلمين وهي صورة لا تستند الى الواقع بأي حال. واضاف ابراهيم هوبر قائلا: ان الواقع يقول ان الستة ملايين مسلم من مواطني امريكا يدفعون الضرائب ويحترمون القانون ويذهبون الى المدارس ويحرصون على المشاركة في بناء المجتمع وليس في تفجير مبانيه. ومن هنا يحق للناقد الامريكي (ديفيد ستيريت) ان يصف الفيلم قائلا: ان من اجزاء هذا الفيلم ما يعمد بالتأكيد الى استغلال الافكار والتصورات الخطرة التي تدور حول جالية عربية تقيم في أمريكا ولكنها حاشدة بالمتطرفين المجبولين على العنف والمتطلعين الى الموت من اجل افكار يتعصبون لها. نيويورك ــ البيان

Email