أمريكا تتزعم حملة دولية لفرض عقوبات .. وروسيا وفرنسا تعارضان: باكستان ترد على الهند بخمسة تفجيرات نووية، اسلام اباد تعلن حالة الطوارئ وتحذر الهند من أي اعتداء

ت + ت - الحجم الطبيعي

ردت باكستان على تفجيرات الهند النووية أمس بإجراء خمسة تفجيرات مماثلة في صحراء شاجاي بمنطقة بلوشستان الحدودية مع أفغانستان, بعد اسبوعين من تفجيرات بوخران الهندية. وأثارت التفجيرات النووية الباكستانية غير المفاجئة, والتي رصدت أقمار التجسس الأمريكية استعداداتها أمس الأول, ردود فعل متباينة اقليميا ودولياً . ففي نيودلهي اعتبرها رئيس الوزراء أنال بهاريا فاجبايي مبرراً ودليلاً على صواب سياسة الهند النووية, وسط هرج ومرج ساد قاعة البرلمان, واتهامات من المعارضة للحكومة الهندية بإشعال السباق النووي في شبه القارة الهندية. وفي باكستان عمت مشاعر الفرح والفخر الشارع الباكستاني, وأعلنت بنازير بوتو زعيمة المعارضة تأييدها لخطوة حكومة نواز شريف خصمها اللدود, واعتبرت التفجيرات حدثاً وطنياً هاما, ودعت إلى موقف موحد لمواجهة مخاطر العقوبات الدولية, واتخاذ اجراءات لاحتواء التهديدات. وبعد ساعات من اجراء التفجيرات الخمسة اعلن الرئيس الباكستاني رفيق ترار حالة الطوارئ في البلاد بسبب خطر (عدوان خارجي) يستهدف أمن البلاد على حد قوله, ورغم ان وكالة الانباء الرسمية التي نقلت النبأ لم تشر الى طرف بعينه إلا ان إسلام اباد كانت قد اتهمت نيودلهي باطلاق تهديدات تستهدف منشآتها النووية, وردت على ذلك بتهديد الهند بانتقام شامل في المقابل. من جانبه جدد رئيس وزراء باكستان نواز شريف عرضا بتوقيع اتفاقية عدم اعتداء مع الهند (على أساس تسوية عادلة) لنزاع البلدين على اقليم كشمير. وقال في مؤتمر صحفي بعد ان اعلن ان اسلام أباد اجرت خمس تجارب نووية ردا على خمس تجارب مماثلة اجرتها الهند في وقت سابق هذا الشهر (باكستان عرضت بالفعل اتفاقية عدم اعتداء على الهند على أساس تسوية عادلة للنزاع على كشمير, اريد أن أجدد هذا العرض) . وقال نواز شريف ان الأسلحة النووية التي اختبرتها بلاده لن تستخدم إلا للدفاع عن النفس, ولن تنقلها الى دول اخرى, وأضاف (اريد أن أؤكد لكم مرة أخرى ان نظم الأسلحة النووية هدفها فقط هو الدفاع عن النفس) . وتابع ان باكستان تؤيد منع الانتشار النووي وانها مستعدة لاجراء (حوار بناء) مع دول اخرى خاصة القوى الكبرى. ورفضت باكستان من قبل توقيع معاهدة منع الانتشار النووي والاتفاقية الشاملة لحظر التجارب النووية حتى توقع عليهما الهند. وقال شريف ان باكستان مستعدة كذلك لاستئناف محادثات السلام المتوقفة مع الهند لمناقشة كافة القضايا المهمة ومنها نزاع البلدين على منطقة كشمير بجبال الهيمالايا. وفي واشنطن اعلن الرئيس بيل كلينتون بوجه متجهم ان الولايات المتحدة ستفرض عقوبات اقتصادية على باكستان بسبب تجاهلها المناشدات الامريكية بأن تمتنع عن اجراء تجارب نووية, وقال كلينتون (ليس لدينا خيار سوى فرض عقوبات) . واضاف (استنكر القرار) وقال كلينتون ان باكستان اضاعت بصدها واشنطن (فرصة لا تقدر بثمن فعلاً) لتلقي مساعدة امنية واقتصادية امريكية. غير ان روسيا وفرنسا عارضتا فرض أية عقوبات انتقامية ضد اسلام اباد. واعلن وزير الخارجية الروسي يفجيني بريماكوف معارضة بلاده لفرض عقوبات على باكستان. فيما استبعد نظيره الفرنسي هوبير فيدرين هذا الاحتمال. وقال بريماكوف على هامش جلسة وزارية لحلف الاطلسي في لوكسمبورج اننا نتعامل مع دولتين كبيرتين (الهند وباكستان) ينبغي التعامل معهما كشركاء حتى لو اننا نعتبر انهما اختارتا الطريق الخاطئ) . واكد بريماكوف (لا للحصار . ونحن متحفظون جداً) , واضاف يتعين اتخاذ تدابير جذرية لحمل الهند وباكستان على توقيع معاهدة انتشار الأسلحة النووية, وحظر التجارب والقضاء على أي خطر باندلاع نزاع بين البلدين. وقال بريماكوف ان الاعضاء الخمسة في النادي النووي الممثلين في مجلس الأمن تعلموا التصرف بشكل جيد ولا تهديدات فيما بينهم ولا يمكننا قول الشيء نفسه عن القوتين النوويتين الجديدتين الهند وباكستان المختلفتين على مسائل حدودية. م ن جانبه اوضح وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين انه إذا ما قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات فذلك لأن ثمة قانوناً أمريكياً ملزماً يجبرها على ذلك. وندد خافيير سولانا الامين العام لحلف شمال الاطلسي بالتفجيرات النووية الباكستانية وطلب من اسلام اباد ونيودلهي التحلي بأقصى درجات ضبط النفس, كما قال مسؤول رفيع في الحلف ان باكستان تواجه بذلك فرض عقوبات اقتصادية بعد ان تحدت تحذيرات من المجتمع الدولي من القيام بالتفجيرات رداً على التجارب التي اجرتها الهند في وقت سابق من هذا الشهر. وادانت فرنسا قرار باكستان وحثتها على عدم القيام بالمزيد من التجارب النووية. وقوبلت التجارب النووية الباكستانية بالترحيب من جانب افراد الشعب الباكستاني. وتزعمت الولايات المتحدة الامريكية حملة دولية لفرض عقوبات اقتصادية في معظمها ضد اسلام أباد وانضمت اليها لاحقاً كل من اليابان والمانيا والسويد, فيما اكتفت روسيا وفرنسا وبريطانيا بالتنديد بالتجارب لكن دون ان تقرن ذلك بالاعلان عن معاقبة باكستان. وفي وقت توعد حلف الاطلسي باكستان بعقوبات قاسية حملت بكين حليفة اسلام اباد نيودلهي مسؤولية اندلاع سباق التسلح في منطقة جنوب اسيا. ودعت وزيرة الخارجية الامريكية حلفاء الولايات المتحدة الى اتخاذ (خطوات قوية) ضد باكستان بعد التجارب النووية الخمس التي اجرتها امس. ونددت اولبرايت في تصريح صحافي بهذه الخطوة الباكستانية ووصفتها بأنها (خطأ جسيم) وحضت اسلام اباد ونيودلهي على (الامتناع عن القيام بتجارب جديدة وتوقيع المعاهدات) التي تحظر التجارب النووية وانتشار الاسلحة النووية, كما دعت البلدين الى (اتخاذ اجراءات فورية لخفض التوتر) بينهما. وقالت ان الهند وباكستان (فقدتا مكانتهما) واصبحت (اقل احتراما بكثير) . وسئلت عن الاسباب التي حدت بباكستان الى الاقدام على هذه الخطوة رغم النداءات التي وجهتها اليها واشنطن, فاعتبرت ان السبب هو مزيج من (الضغوط الداخلية الهائلة والدينامية الاقليمية) . لكنها رفضت في الوقت نفسه اعتبار ذلك فشلا للدبلوماسية الامريكية. وفي نيويورك اعلن السفير الباكستاني لدى الامم المتحدة احمد كمال ان باكستان لا تخطط لاى تجارب نووية جديدة. وقال السفير (لا علم لي بأى مشروعات لاجراء تجارب نووية جديدة فى باكستان) . وبرر كمال التجارب الباكستانية أمس بما وصفه بالخطر (الداهم) من الهند لضرب وتدمير القدرات النووية الباكستانية. وعرض كوفي عنان سكرتير الامم المتحدة وساطة بين اسلام اباد ونيودلهي. وفي القاهرة اعرب الامين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبد المجيد عن اسفه أمس للتجارب النووية التي اجرتها باكستان والتي تشكل كما قال (مرحلة خطيرة) في السباق الى التسلح. وفي تصريح له قال عبد المجيد ان (التجارب الباكستانية رد على التجارب الهندية, وكان هذا متوقعا وهي تشكل مرحلة خطيرة) موضحا ان هذا التصعيد (ينسف الاستقرار الاقليمي ويساهم في السباق الى التسلح وهو خطير جدا) . واضاف الامين العام للجامعة العربية ان (الدول العربية دعت مرارا الى جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية وهذا للأسف ما رفضته اسرائيل) . وفي بيان صدر أمس قبل الاعلان عن التجارب النووية الباكستانية دعا عبد المجيد (المجتمع الدولي الى اجبار اسرائيل على الانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية واخضاع كافة مرافقها النووية لنظام التفتيش الدولي وذلك حرصا على تجنيب منطقة الشرق الاوسط لسباق تسلح يزيد من التوتر ويهدد الموارد والطاقات في وقت تدمر الحكومة الاسرائيلية كافة المبادرات والفرص الرامية الى اقرار السلام العادل والشامل في المنطقة. وحذر وزير الخارجية المصري عمرو موسى من أن معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية أصبحت (في مهب الريح) في ظل تداعيات التفجيرات المتبادلة في جنوب آسيا بين الهند وباكستان. وأكد موسى في تصريح للصحفيين أنه قد حان الوقت لاعمال مبادرة الرئيس المصري حسني مبارك الخاصة باخلاء منطقة الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها الاسلحة النووية. وقال موسى أن هذا يضع منطقة جنوب آسيا في وضع خاص نتيجة لوجود قوتين نوويتين فيها وهو وضع يختلف عما هو عليه الحال في الشرق الاوسط الامر الذي يتطلب بالضرورة اعادة النظر في الوضع بالنسبة للسلاح النووي في هذه المنطقة. وأكد ضرورة اقامة منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط بانضمام اسرائيل الى معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية والا تصبح المعاهدة لا معنى لها بالنسبة لدول الشرق الاوسط. وأضاف وزير الخارجية المصري ان اقامة المنطقة الخالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط أصبحت الان أساسا لا غنى عنه للحفاظ على الامن الاقليمي حتى لا تصبح في مهب الريح مؤكدا ضرورة التزام كل الدول في المنطقة بمعاهدة منع انتشار التسليح النووي . وأشار في هذا الصدد الى مبادرة الرئيس مبارك في مطلع التسعينات والمبادرة المصرية بشأن السلاح النووي عام 1974 موضحا أن هذه المسألة أصبحت مهمة للغاية حتى لا يتحول نظام منع الانتشار النووي الى نظام غير فعال. وقال ان هذه المعاهدة لا معنى لها خصوصا أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط غير المنضمة للمعاهدة الامر الذي يهدد بتداعيات غاية في الخطورة. ـ الوكالات

Email