صدام يطلق جميع السجناء العرب والسعودية تحذره من عواقب وخيمة: كلينتون وبلير بحثا الترتيبات النهائية للعمل العسكري

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخل السباق بين الدبلوماسية والحرب لحسم الازمة العراقية طوراً حاسماً امس مع قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بحشد المزيد من القوات في الخليج ومشروع زعيميهما, بيل كلينتون وتوني بلير في بحث الترتيبات اللوجستية لضرب العراق . وعلى الجبهة الاخرى صعدت كل من روسيا والصين من لهجة التحذير من الخيار العسكري الذي ادارت فرنسا ظهرها له تماما امس بعد ان تحدثت عن تقدم نحو الحل الدبلوماسي, وطرحت صيغة جديدة لتفتيش القصور العراقية. وفيما فجرت بريطانيا مفاجأة بكشفها عن عرض عراقي لفتح 45 مقراً امام التفتيش ليوم واحد, فجر الرئيس العراقي صدام حسين مفاجأة اخرى بدوره باعلانه اطلاق سراح جميع السجناء العرب في مسعى يستهدف على ما يبدو, حشد التأييد العربي وراءه. فيما أعلنت مصادر دبلوماسية في نيقوسيا لوكالة الأنباء الفرنسية ان العراق وافق على مبدأ تفتيش جميع المواقع الرئاسية. وفي اطار السباق بين التصعيد والتهدئة استأنف وسطاء من روسيا وفرنسا وجامعة الدول العربية وتركيا مساعيهم في بغداد, في حين وصل وزير الخارجية البريطاني روبن كوك الى الكويت قادما من السعودية التي جددت تحفظها على ضرب العراق بعد زيارة كوك وقبل يومين من جولة خليجية لوزير الدفاع الامريكي وليام كوهين تقوده خصوصا الى الرياض. واعلنت البحرية الامريكية ان حاملة الطائرات الامريكية (اندبندنس) دخلت مياه الخليج امس في اطار تعزيز الانتشار العسكري الامريكي في المنطقة تحسبا لضربات محتملة ضد العراق. واكتفى ناطق باسم البحرية الامريكية بتأكيد دخول الحاملة الى الخليج لكنه لم يعط اي ايضاحات اخرى. ومع وصول (اندبندنس) ارتفع عدد الحاملات الامريكية في الخليج الى ثلاث مع الحاملة (نيميتز) والحاملة (جورج واشنطن) . وتضم الحاملة الجديدة 54 طائرة جديدة تضاف الى الاسطول الجوي الامريكي الموجود حاليا في الخليج. وتحمل (نيميتز) و(جورج واشنطن) 108 طائرات. ويرافق الحاملة (اندبندنس) طراد مجهز بصواريخ موجهة ومدمرة وغواصة هجومية مجهزة كلها بصواريخ من طراز (توماهوك) . وعلى الصعيد نفسه قال وزير الدفاع الامريكى انه يتوقع الموافقة خلال يوم او يومين على ان يتوجه مزيد من القوات والطائرات والسفن الامريكية الى منطقة الخليج. وقال كوهين لشبكة تلفزيون (سي ان ان) ان الجنرال انطوني زيني رئيس القيادة المركزية الامريكية التي لها مسؤولية عن الشرق الاوسط طلب موارد اضافية وان الرئيس كلينتون يدرس الامر الان. وقال كوهين أن (الجنرال زيني طلب موارد اضافية. والرئيس يستعرض كل ذلك الان وما يشعر انه ضروري فإنني موقن باننا سنوافق عليه. ونتوقع ذلك خلال اليوم او اليومين المقبلين) . والى جانب الحشد الامريكي, تحركت بريطانيا لتعزيز قواتها في الخليج التي تضم حاملة طائرات اضافية الى قطع اخرى, بدفع المدمرة نوتنجهام الى مياه الخليج. وبدا امس ان الدولتين حسمتا موقفيهما بشأن توجيه ضربة عسكرية للعراق حيث افاد الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان الرئيس الامريكي بيل كلينتون وبلير اللذين التقيا امس يبحثان في ترتيبات لوجستية لاي ضربة عسكرية محتملة ضد العراق. وأوضح ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني للصحافيين قبيل الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض ان (الاجتماع سيخصص في شكل اساسي للترتيبات اللوجستية) . وقال (اذا آلت الأزمة مع العراق الى استخدام القوة فعلينا ان نكون متأكدين ان ذلك سيحصل بطريقة فاعلة) . وكان بلير قد اكد قبل بدء مباحثاته مع كلينتون ان بريطانيا لا تستبعد اي خيار ولاسيما خيار الضربات العسكرية, معتبرا ان التهديد باللجوء الى القوة امر ضروري لا يهدف الى (اختبار الرجولة الدولية وانما الى (تثبيت السلام) واضاف لشبكة (سي ان ان) التلفزيونية اذا لم نوقف صدام حسين اعتقد ان ذلك سيكون تهديدا حقيقيا للسلام في العالم مشيرا الى ان الدبلوماسية لن تسير من دون التهديد باللجوء الى القوة او استخدام القوة) . وفيما كان بلير يصعد تصريحاته ضد العراق, كان وزير خارجيته روبن كوك يسعى لحشد تأييد السعودية والكويت لخيار الضربة العسكرية. وفجر كوك مفاجأة امس بكشفه عن اقتراح عراقي جديد لنزع فتيل الازمة يقضي بفتح 45 قصرا رئاسيا للتفتيش مرة واحدة ووحيدة غير ان كوك رفض الاقتراح جملة وتفصيلاً واصفا اياه بانه لا يلبي تماما المطالب الدولية. وبمجرد مغادرته السعودية اكد دبلوماسي سعودي ان بلاده لا تزال متحفظة بشان توجيه ضربة محتملة الى العراق. لكن الدبلوماسي نفسه قال ان السعودية تحمل الرئيس العراقي صدام حسين (المسؤولية عن اية عواقب وخيمة قد يتعرض لها) العراق نتيجة فشل الجهود الدبلوماسية الجارية حاليا. ونقلت وكالة فرانس برس عن الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه (ان المملكة ما زالت تتحفظ على الخيار العسكري لحل الازمة وترى ضرورة تشجيع الجهود الدبلوماسية والاستمرار ببذل كل الضغوط السياسية على الحكومة العراقية لحل الازمة واقناعها بالتعاون مع مفتشي الامم المتحدة) . واضاف انه (في حال عدم تجاوب الحكومة العراقية مع الجهود الدبلوماسية التي تستهدف تجنيب العراق ضربة عسكرية قاسية فان الرئيس صدام حسين سيتحمل المسؤولية عن اية عواقب وخيمة قد يتعرض لها) . واشار الدبلوماسي السعودي الى ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل اكد امام كوك (ضرورة التركيز حاليا على متابعة الجهود الدبلوماسية) . وكان كوك قد اشار في مؤتمر صحافي في الرياض الى ان اتفاقا ارتسم اثناء محادثاته مع الفيصل على انه (ستكون هناك نتائج خطيرة اذا لم يحترم صدام حسين قرارات مجلس الامن) . وقال كوك (لقد اتفقنا على ان صدام حسين يتحمل وحده المسؤولية) . واشار مسؤولون بريطانيون في الرياض الى ان المسؤولين السعوديين ابدوا (تفهما) ازاء الموقف الامريكي والبريطاني الداعي الى استخدام القوة في حال فشل المبادرات السلمية. وقد امتنعت المملكة العربية السعودية حتى الان عن اعلان مساندتها لضربة توجه الى العراق على الرغم من الجهود الامريكية والبريطانية الهادفة الى الحصول على تأييد الدول العربية لهذا الاحتمال. وفي اطار هذه الجهود يصل وزير الدفاع الامريكي وليام كوهين الى الرياض في اطار جولة في الدول الخليجية تبدأ الأحد المقبل. ومع تجمع غيوم الضربة فوق العراق اكثر فاكثر, صعدت روسيا والصين وفرنسا من لهجتها الرافضة للخيار العسكري, وكرر الرئيس الروسي بوريس يلتسين في هذا السياق التحذير من ان ضرب العراق سيجر الى حرب عالمية ثالثة. وقال يلتسين خلال لقاء مع صحافيين قبل توجهه الى روما عرض التلفزيون الروسي مشاهد منه (لقد اخذنا موقفا حازما: لا لخيار القوة (ضد العراق), مستحيل, سيعني ذلك الحرب العالمية) . وكانت واشنطن تعمدت امس الاول تجاهل تصريحات مشابهة للرئيس الروسي مشيرة الى ان الناطق باسمه صححها في وقت لاحق. الا ان الرئيس الامريكي عاد امس ليؤكد انه لا يعتقد بان عملية عسكرية امريكية ضد العراق يمكن ان تتسبب في اندلاع حرب عالمية كما قال الرئيس الروسي بوريس يلتسين مرتين. وردا ً على سؤال صحافي في البيت الابيض في بحضور رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اوضح (اشك في ان يحصل ذلك) . وقال يلتسين في احدث تصريحاته ان موسكو لن تقبل (في اي حال من الاحوال (بأن توجه الولايات المتحدة ضربة عسكرية الى العراق. بيد ان يلتسين لاحظ ان التوتر في شأن ازمة عمليات التفتيش مع العراق (تراجع قليلا) وأنه الى انحسار واضاف انا متفائل. الصين جددت بدورها معارضتها الشديدة لاي عمل عسكري ضد العراق خلال اتصال هاتفي تم بين وزير الخارجية الصيني كيان كيشين ونظيرته الامريكية مادلين اولبرايت. واوضح ناطق باسم وزارة الخارجية ان (وزيرة الخارجية الامريكية اتصلت بالوزير الصيني هذا الصباح, وان هذا الاخير ابلغها ان الصين تعارض استخدام القوة ضد العراق وهي قلقة جدا من تفاقم الازمة) . واوضح الناطق ان كيان نقل ايضا رسالة من الرئيس الصيني جيانج زيمين تعبر عن قلقه العميق لتدهور الوضع في العراق. اما فرنسا فقد ادارت ظهرها للخيار العسكري, حيث قال وزير خارجيتها هوبير فيدرين ان باريس لن تشارك باي عمل عسكري ضد العراق وستواصل مساعيها لايجاد حل دبلوماسي, معتبرا ان هذا هو موقف اوروبا بالكامل باستثناء بريطانيا. وطالبت فرنسا بصيغة خاصة لتفتيش قصور الرئاسة تأخذ في الاعتبار كرامة الدولة العراقية. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية انه من اجل استئناف المحادثات مع مفتشي الاسلحة الدوليين (ينبغي للعراق حسبما نرى الموافقة على السماح للجنة الخاصة للامم المتحدة يرافقها خبراء مستقلون او دبلوماسيون يتم اختيارهم بالاتفاق المشترك بدخول المواقع الرئاسية المحيطة بمقار الاقامة او القصور) . واضاف قائلا انه فيما يتصل بقصور الرئاسة (يجب تطبيق صيغ تأخذ في الاعتبار كرامة الدولة العراقية) . وعلى صعيد متصل, جددت عدد من الدول العربية اعتراضها على ضرب العراق ودعت الى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة. وفي هذا السياق, اعلن الرئيس المصري حسني مبارك امس انه دعا صدام الى التصرف (بحكمة وموضوعية) وفتح المواقع الرئاسية امام لجنة التفتيش عن الاسلحة التابعة للامم المتحدة. وقال مبارك انه وجه الى الرئيس العراقي ثلاث رسائل طالبه فيها (التصرف بحكمة وموضوعية وتفهم الخطر الذي يمكن ان يتعرض له ويلتزم بتنفيذ قرارات الامم المتحدة) لتفادي توجيه ضربة الى العراق. وتساءل الرئيس المصري (اذا لم يكن لدى العراق اسلحة جرثومية فلماذا الخوف من اتاحة الفرصة للجان التفتيش لتطبيق قرارات الامم المتحدة وبموضوعية وبعيدا عن موضوع السيادة وتجنبا لما يمكن ان يتعرض له الشعب العراقي) . وذكر التلفزيون العراقي الليلة الماضية ان الرئيس العراقي صدام حسين رحب بمبادرة الرئيس حسني مبارك والجامعة العربية من اجل التوصل الى حل سلمي للازمة بين العراق والامم المتحدة واكد خلال اجتماعه مع الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبد المجيد استعداد بلاده للتعاون مع الامين العام للجامعة في كل ما من شأنه ان يحقق المصلحة العربية المشتركة. وقال التلفزيون الذي اذاع نبأ لقاء الرئيس العراقي مع الدكتور عصمت عبد المجيد ان الدكتور عبد المجيد بصفته موفد الرئيس حسني مبارك رئيس القمة العربية اكد على اجماع الدول العربية على اعتماد الحل السياسي المتوازن للازمة الحالية بين العراق والامم المتحدة بما يحفظ سيادة العراق ورفض العدوان العسكري. وفي بيروت ذكر مصدر لبناني رسمي ان لبنان (يرفض اي ضربة عسكرية ضد العراق رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية العام 1994) بين البلدين. واكد وزير الاعلام باسم السبع بعد جلسة لمجلس الوزراء نرفض ضرب العراق وعلى غرار لبنان اكدت الحكومة اليمنية رفضها للخيار العسكري في الازمة العراقية وشددت على ضرورة السعي للحل عبر الحوار السلمي. وذكر بيان لوزارة الخارجية اليمنية ان الحكومة اليمنية تتابع بقلق بالغ تطورات الازمة الراهنة حول العراق واجواء التصعيد العسكري في المنطقة. وفي هذه الاثناء واصل مبعوثون من روسيا وتركيا والجامعة العربية مساعي وساطة في بغداد, في حين غادر المبعوث الفرنسي العراق الى القاهـرة ثم دمشق بعد ان تحدث عن تقدم نحو حل دبلوماسي للازمة. واجتمع المبعوث الفرنسي مع الرئيس العراقي كما التقى الامين العام للجامعة العربية الذي اجتمع في وقت لاحق مع المبعوثين الروسي والفلسطيني. واجتمع عبدالمجيد عند المساء مع صدام الذي اعلن اثر اللقاء الافراج عن جميع السجناء العرب في العراق. وقالت وكالة الانباء العراقية ان قرار صدام الذي سينفذ على الفور يشمل جميع السجناء والمحتجزين بتهم في انتظار المحاكمة. ولم يكن من الواضح عدد السجناء الذين يشملهم القرار. الى ذلك اجتمع صدام مع وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم لمدة ساعة ونصف الساعة. وسلم جيم صدام رسالة من الرئيس التركي سليمان ديميريل طلب منه فيها احترام قرارات الامم المتحدة والتقى جيم مرتين نظيره العراقي محمد سعيد الصحاف ونائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز. ـ الوكالات

Email