واشنطن تؤكد ان كل الخيارات قائمة وأنقرة أغلقت حدودها: وسطاء من روسيا وفرنسا وتركيا الى بغداد لنزع فتيل الأزمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حصلت الدبلوماسية على فرصة جديدة بهدف احتواء ضربة امريكية تبدو وشيكة ضد العراق, على الرغم من اتساع المعارضة العربية والدولية لها . ووصل المبعوث الروسي فيكتور بوسوفاليوك الى بغداد لثاني مرة, غداة الاعلان عن زيارة وشيكة سيقوم بها الى بغداد كل من وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم وموفد فرنسي رفيع المستوى بهدف نزع فتيل الازمة. ومع تدفق المبعوثين على بغداد, احنت واشنطن رأسها (للعاصفة الدبلوماسية) قائلة انها ستواصل السعي لحل دبلوماسي, بيد انها اكدت ان (كل الخيارات قائمة) وانها مستعدة لاستخدام قوة كبيرة ضد العراق. ووسط هذا التجاذب بين الحرب والدبلوماسية اغلقت تركيا حدودها مع العراق, في حين ميزت فرنسا موقفها من الضربة العسكرية قائلة انها لن تشارك فيها اذا تمت, وحملت على واشنطن بعنف, واصفة سياساتها تجاه العراق (حمقاء) ودعت لرفع الحظر عن هذا البلد. ومن المنتظر ان يبدأ المبعوث الروسي بوسوفاليوك محادثاته في بغداد اليوم الاثنين في مسعى جديد لاحتواء الازمة المتفاقمة بين امريكا والعراق. وامر الرئيس الروسى بوريس يلتسين بوسوفاليوك وهو نائب لوزير الخارجية بالتوجه الى بغداد للمرة الثانية خلال اسبوع بهدف الحيلولة دون توجيه ضربة عسكرية امريكية للعراق. وابلغ بوسوفاليوك محطة تلفزيون روسية حكومية ان مهمته ستكون بالغة الصعوبة. وقال ان العراقيين (قدموا مقترحات معينة. ويجب ان نحاول الحصول على تنازلات اخرى منهم حتى يمكننا اعداد مجموعة من المقترحات تساعد على حل المشكلة. وكان بوسوفاليوك توقف في الاردن حيث اجتمع بولي عهده الامير حسن لمدة 45 دقيقة قبل ان يتجه الى بغداد برا. وفي موازاة الوساطة الروسية, اعلنت تركيا عن مسعى من جانبها لنزع فتيل الازمة. واعلن مكتب رئيس الوزراء التركي مسعود يلماظ ان وزير خارجية تركيا اسماعيل جيم سيتوجه الى بغداد (في الايام المقبلة) . وجاء في بيان صدر في اعقاب اجتماع عدد من الوزراء مع عدد من كبار المسؤولين العسكريين نقلته وكالة انباء الاناضول ان تركيا ترغب في لعب دور الوسيط للتوصل الى حل سلمي. وافاد البيان ان (زيارة وزير الخارجية الى بغداد في الايام المقبلة تشكل خطوة اولى) . وكان جيم اعلن في وقت سابق على هامش منتدى دافوس (سويسرا) الاقتصادي ان تركيا اتخذت (مبادرة) عرضت على العراق وعلى الام المتحدة لايجاد حل للازمة العراقية وتجنب مواجهة مسلحة, موضحا ان بغداد ستعطي ردها على المبادرة اليوم. وقال الوزير التركي ان (فكرتي هي في جمع جيران العراق اذا امكن ذلك, والا فان تركيا ستعمل بمفردها لايجاد حل سلمي وتجنب مواجهة عسكرية) . وطبقا لمصادر فان الوزير عرض على وزراء خارجية السعودية وسوريا والاردن وايران مرافقته الى بغداد الا ان هؤلاء رفضوا العرض. واوضح وزير الخارجية ان المبادرة التركية تستهدف تحقيق اربعة اهداف: ـ عودة العراق عن موقفه وتطبيق قرارات مجلس الامن حول نزع سلاحه. ـ تجنب اي نزاع مسلح. ـ يجب اتخاذ اجراءات لتعزيز الاقتصاد العراقي الذي عانى كثيرا والتخفيف عن كاهل السكان المدنيين. ـ يجب احترام سلامة ووحدة الاراضي العراقية. وكان نائب رئيس الوزراء التركي بلوند اجاويد اعرب عن استعداده للذهاب الى بغداد والاجتماع مع الرئيس العراقي صدام حسين لاقناعه باتخاذ موقف مرن في الازمة الراهنة مع الولايات المتحدة. ونسبت صحيفة (يني يوزيل) التركية الى اجاويد قوله ان السياسة الامريكية في المنطقة افلست وانه لم يعد واضحا ماذا تريد الولايات المتحدة من المنطقة منذ اكثر من عام. وقد افادت مصادر تركية في منطقة ديار بكر ان تركيا اقفلت امس حدودها مع العراق. وقالت المصادر المحلية لوكالة فرانس برس ان الحدود البرية مع العراق عند مركز الخابور قرب مدينة سيلوبي اقفلت صباح امس, ولم يصدر اى اعلان رسمي عن انقرة بهذا الخصوص. واوضحت ان سبب هذا الاجراء هو ان العراق جمد مجددا تجارته النفطية مع تركيا. وفي باريس ذكرت مصادر دبلوماسية وصحفية فرنسية ان فرنسا قد تقوم بتحرك آخر يهدف الى حل دبلوماسي للازمة وارسال مبعوث رفيع المستوى الى بغداد خلال الساعات المقبلة. وذكرت المصادر ان موفدا فرنسيا رفيع المستوى يستعد للقيام بزيارة (وشيكة) الى بغداد. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قال امس الاول ان (السلطات الفرنسية ستوجه للعراق رسالة شديدة الحزم كي يحسب عواقب رفضه التعاون مع الامم المتحدة) . غير ان فرنسا وفي تناقض مع تقارير افادت بأنها في خندق واحد مع امريكا, قالت بوضوح امس انها لن تشارك. قال وزير الداخلية الفرنسي جان بيار شوفنمان انه (من غير المعقول ان تشارك فرنسا) في ضربة عسكرية محتملة للعراق بمبادرة من الولايات المتحدة. واكد وزير الداخلية الفرنسي في مدينة اراس بشمال فرنسا حيث يقام المؤتمر الوطني لـ(حركة المواطنين) التي يرأسها ان العراق لم يعد يشكل تهديدا عسكريا لاحد. وقال ان وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت (ليست صاحبة القرار) وان التحالف مع الولايات المتحدة لا يعني (هيمنة) وانما (احتراما متبادلا يأخذ في الاعتبار مصالح كل الاطراف) . وتابع شوفنمان يقول ان تدهور عملية السلام في الشرق الاوسط وتوجيه ضربة عسكرية الى العراق من شأنهما ان يحركا (آتون الاصولية) . وكان شوفنمان انتقد بشدة سياسة الولايات المتحدة ازاء بغداد وقال ان واشنطن (اسيرة سياسة حمقاء) تعمل على تصوير العراق (شيطانا) . وردا على سؤال في مقابلة تلفزيونية قال شوفنمان (من الواضح ان العراق لم يعد يشكل اليوم تهديدا عسكريا لاي كان في هذه المنطقة, ان النفط يلعب الدور الاساسي, والاستراتيجية الامريكية هي اسيرة نهج احمق عمره سبع او ثماني سنوات يقوم على تصوير العراق شيطانا) على كل المستويات. وطالب شوفنمان برفع الحظر عن العراق ووصف تصريحات ريتشاد باتلر رئيس اللجنة الخاصة المكلفة نزع اسلحته بشأن تدمير تل ابيب بأنها (سخيفة) . وفي موازاة ذلك, قالت وزيرة الخارجية الامريكية التي تقوم بزيارة الى الاراضي المحتلة ان الولايات المتحدة ستنتهج السبل الدبلوماسية لتسوية الازمة مع العراق ولكن (كل الخيارات قائمة) . وقالت للصحفيين بعد اجتماعها مع عرفات (ناقشنا المرحلة الحرجة التى نحن فيها مع العراق وابلغته بأننا سننتهج السبل الدبلوماسية ولكن كل الخيارات قائمة) . وكررت القول ان العمل العسكري الذي تعتزم واشنطن القيام به, في حال فشلت الجهود الدبلوماسية, سيكون (نوعيا وسريعا وقويا) . وقالت (مازلنا نفضل الحل الدبلوماسي ونعتقد انه الطريق الافضل. لكن اذا لم تؤد هذه الطريق الى اي نتيجة فاننا نحتفظ بحقنا في استخدام القوة) . واضافت تقول (اذا اخترنا ذلك, فانها (الضربة العسكرية) ستكون نوعية وموجهة الى اهداف ومنشآت تطوير اسلحة الدمار الشامل التي تهدد جيران) العراق. وتابعت (ان ردنا سيكون سريعا وقويا, ويجب ألا يكون (لدى العراق) اي شك في ذلك) . واكدت الوزيرة الامريكية ان الولايات المتحدة ستقف الى جانب اسرائيل في حال تعرض امنها لاي خطر من جانب العراق, مشددة على انه ليس هناك اي شىء يمكن ان يزعزع الالتزام الثابت للولايات المتحدة عندما يتعلق الامر بأمن اسرائيل. على صعيد متصل, قال المندوب الامريكي لدى الامم المتحدة بيل ريتشاردسون ان امريكا ليست وحدها التي ستقوم بضرب العراق, مشيرا في مؤتمر صحافي في دافوس ان دولتين اخريين اضافة الى بريطانيا عرضتا مساندة اية ضربة. ورفض ريتشاردسون تسمية الدولتين, لكنه قال انه فوجىء بتأييد لم يتوقعه للضربة خلال محادثاته في دافوس على هامش المؤتمر الاقتصادي. وقد كررت بريطانيا أمس استعدادها لمشاركة الولايات المتحدة في أي عمل عسكري ضد العراق. وصرح وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون بأن لدى بريطانيا والولايات المتحدة (عزما مطلقا) على ابقاء خيار استخدام القوة ضد العراق مطروحا اذا لم يمتثل صدام لقرارات الامم المتحدة. وقال روبرتسون (يجب ان ندعه يحزر وكل ما ينبغي أن يعرفه هو أن هناك عزما مطلقا على أنه اذا لم يمتثل لقرارات مجلس الامن فان القوة احد الخيارات وهي الخيار الذي سيستخدم في أسوأ الظروف) . وبالمقابل, قالت وكالة اسوشيتد برس ان مسؤولا سعوديا رفيعا ابلغها بأن السعودية لن تسمح لأمريكا باستخدام اراضيها لضرب العراق. ونقلت الوكالة عن المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه القول ان أمريكا ترغب (في تعاون كامل من دول المنطقة لكن السعودية لن تتعاون) . وأشارت (ا.ب) الى ان هذا الرفض يؤثر على نحو اربعة الاف جندي وعشرات الطائرات الامريكية المتمركزة بالسعودية. وفي هذه الاثناء, صدرت دعوات جديدة من عدد من الدول العربية والعالمية لعدم استخدام القوة ضد العراق. ودعا وزير الخارجية المصري عمرو موسى الى استخدام الدبلوماسية وليس العمل العسكري لحل الازمة بشأن اعمال التفتيش عن اسلحة العراق المحظورة. وقال موسى (نأمل ان تكون هناك تهدئة وليس تصعيدا وان تستخدم الجهود الدبلوماسية والسياسية... وليس الخيار العسكري. وحث الرئيس الايراني محمد خاتمي الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي على العمل على تفادي توجيه ضربة عسكرية للعراق. وبعث خاتمي برسالة الى الامين العام للمنظمة عز الدين العراقي يطلب منه فيها (بذل جهود لمنع وقوع صراع عسكري في المنطقة وحل الازمة العراقية بالوسائل الدبلوماسية) . وعلى الاثر, اعربت منظمة المؤتمر الاسلامي عن قلقها ازاء مخاطر توجيه ضربة عسكرية امريكية الى العراق ودعت الى مواصلة الجهود الدبلوماسية لحل الازمة. ووزعت المنظمة نص رسالة بعث بها الامين العام للمنظمة الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان جاء فيها ان تفاقم التوتر في منطقة الخليج اثر تدهور العلاقات بين العراق واللجنة الخاصة للامم المتحدة المكلفة نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية وكذلك احتمال عمل عسكري ضد العراق يشكلان (مصدر قلق عميق للعالم الاسلامي) . الى ذلك, حذر رئيس وزراء الهند أندر كومار جوجرال من أن أي هجوم عسكري ضد العراق سيؤدي الى عرقلة مسيرة السلام في الشرق الاوسط. ومن جانبه قال نواز شريف رئيس وزراء باكستان انه من الضروري ايجاد حل دبلوماسي للأزمة. وأعرب عن تأييده للجهود الروسية التي ترمي الى التوصل الى تسوية سلمية. وفي بغداد, اجتمع خبراء صواريخ تابعون للامم المتحدة مع مسؤولين عراقيين في بداية سلسلة محادثات يأمل العراق ان تظهر انه لم يعد لديه أي من اسلحة الدمار الشامل. وبدأ خبير الصواريخ الروسي المخضرم نيكيتا سميدوفيتش عضو اللجنة الخاصة التابعة للامم المتحدة ووزير النفط العراقي عامر محمد رشيد خمسة أيام من المباحثات حول ما تبقى لدى العراق من (الرؤوس الحربية) القادرة على حمل شحنات بيولوجية ونووية. ولليوم الثالث على التوالي, نظم العراق زيارة دبلوماسيين عرب واجانب الى احد المواقع الرئاسية. وصرح دبلوماسي عربي بالعراق بأن دبلوماسيين عربا واجانب قاموا امس بزيارة لاحد المواقع الرئاسية العراقية (نظمتها لهم وزارة الخارجية العراقية لليوم الثالث على التوالي) . وصرح دبلوماسي عربي طلب عدم الكشف عنه انه قام واقرانه من الدبلوماسيين العرب والاجانب المعتمدين بالعراق بزيارة القصر الجمهوري الواقع بوسط العاصمة بغداد حيث تجولوا لمدة ساعتين بالقصر واطلعوا خلالها على منشآته ومحتوياته. ـ الوكالات واشنطن ـ البيان

Email