فضائح كلينتون ونظرية المؤامرة: بقلم: جيم هوجلاند

ت + ت - الحجم الطبيعي

في وقت مبكر من الصباح تلقيت اتصالا هاتفيا من لندن وذلك من هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) والتي سعت لأخذ رأيي فيما قد يفعله الرئيس كلينتون في العراق. وبعد ساعات قليلة كانت شبكة الاذاعة الفرنسية في باريس تسألني بشأن الادعاءات عن علاقات كلينتون الغرامية وما يعنيه ذلك على صعيد القيادة الامريكية للعالم. والسؤال الخاص بالعراق كان اسهل وقد حاولت ابلاغ الفرنسيين عن السبب الذي يجعل حكايات العلاقات الغرامية والخداع والمؤامرة في البيت الابيض بمثابة اخبار, وعن السبب الذي يجعل مثل تلك الدوافع الانسانية ليست امرا محتم الحدوث ريثما نصوت للسياسيين لتولي السلطة, وسيرى العالم العاصفة النيرانية الجديدة حول كلينتون بالبيت الابيض من خلال مناظير قومية سوف يلتوي معناها ليتجه نحو اهتمامات محلية. فالمجتمعات التي لا تفهم الطبيعة المنفتحة المتكررة الحدوث بشكل تلقائي للفضيحة السياسية في امريكا لن تأخذ تلك القصة بقيمتها الاسمية, فالحيرة والارتباك لدى الفرنسيين حيال ميل الامريكيين لتفسير كل القضايا من منظور اخلاقي هي مجرد مثل واحد على ذلك. وفي العالم العربي تتبلور نظرية المؤامرة, ولن يمر الامر دون ملاحظة ان الشابة التي تدعي انها اسرت لصديقة لها عن علاقتها الغرامية مع كلينتون يبدو لقبها وكأنه يهودي. ولن يتوقف الامر عند ذلك فسيقال الكثير عن حقيقة ان القصة اندلعت في الوقت الذي حاول فيه كلينتون لي ذراع بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي فيما يتعلق بموقفه من عملية السلام. فقرب حدوث انفراجة في المسيرة السلمية وهو الامر الذي احبطته قصة مونيكا ليفينسكي سيحكى عنه الكثير بأسواق القاهرة ودمشق. ولنخمن من سيكون الملوم؟ ومن جانبهم, سيتساءل الروس ما إذا كان الاجهاز على صديق بوريس يلتسين يعني احياء الحرب الباردة. وسينظر الاسيويون في الاتجاه غير الصحي بأمريكا في تضخيم شأن الفرد فوق المجتمع. ويستطيع فيدل كاسترو وصدام حسين ان يستنتجا فقط ان كلينتون سيفعل اي شيء ليمنعهما من شغل العناوين الرئيسية للصحف لعدة ايام. ويجب على جمعية نقاد السياسة الخارجية ان تشارك كلينتون في بعض من احباطاته المنظورة مع اندلاع تلك القصة في الوقت الحالي. وفي الساعات القليلة الحالية, ومع تحول الانظار والاحاديث الامريكية تجاه الفضيحة الغرامية في واشنطن, فانه تلوح في الافق كذلك فرص للنقاد باقناع كلينتون باستغلال حديثه عن حالة الاتحاد لاتخاذ خطوات جريئة وقد لا تحظى بشعبية كبيرة فيما يتعلق بالمواجهة مع العراق ودفع مسيرة سلام الشرق الاوسط وتخفيف الحظر على إيران وكوبا فضلا عن استغلال الفائض المتوقع في الميزانية لدفع ديون الولايات المتحدة المستحقة للامم المتحدة. وتوجد كل الخطوات التي تتطلب من كلينتون الاقدام على انتهاج سياسة قوية تحظى بدعم الحزبين والقيادة الجمهورية وذلك من اجل توسيع دعوته الذكية لبوب دول للانضمام لرحلته قبل الكريسماس المنصرم للبوسنة على ان تتحول تلك الدعوة لمبادرة اكبر تعطي الجمهوريين دورا ومصداقية في السياسة الخارجية. فضم كلينتون لدول في قائمة المسافرين معه للبوسنة يجب ان يكون مصدر الهام لخطاب حالة الاتحاد وهو الخطاب الذي يجب الا يكون هدفه تأسيس شرعية كلينتون بل الاعتراف بالحاجة للمساعدة في تطوير الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع لحظة تحد خاصة ومعقدة في تاريخ العالم. وقد يعني ذلك التحول نحو جورج بوش ومستشاره للامن القومي برنت سكوكروفت من اجل النصيحة والتأييد بشأن الخليج العربي وجعل وزيرة الخارجية الامريكية مادلين أولبرايت تنفق رأس المال السياسي الذي عملت على جمعه مع السيناتور جيسي هيلمز طوال العام الماضي. وقد يعني ذلك ايضا اعطاء كل من السيناتور جون ماكين وجون وارنر وهما الاكثر جدية بين الجمهوريين فيما يتعلق بمجالات الدفاع دوراً اكبر فيما يتعلق بالعراق والبوسنة والقضايا الاخرى. وقد يعني الامر كذلك ربط كل نقاط السياسة الخارجية بطريقة رفضها كلينتون حتى الان, ويرجع ذلك في جزء منه الى ان التوجه الاجمالي قد كبل يديه بشأن القرارات الفردية التي كان مترددا في اخذها. وتحتاج كل تلك الاشياء للتنفيذ كما يحتاج الرئيس الى ان يقترب من تلك الاشياء وغيرها من مشاكل السياسة الخارجية بالتفصيل في خطاب الاتحاد. لكن تلك لحظة يستطيع فيها المرء ان يرى العربات تدور على كلا الجانبين في الممشى, مع تحول مسألة بقاء كلينتون لتصبح الموضوع رقم اي وبي وسي ودي في واشنطن وليس الحاجة الى سياسة خارجية خلاقة, فالرئيس المحاصر لن يذهب للتساهل مع الدوائر الانتخابية المحلية الرئيسية من اجل مكاسب محضة للسياسة الخارجية في هذه اللحظة, فهذا هو الثمن الذي تدفعه الديمقراطية الامريكية برضاها لكي تطلب من قادتها التحلي بالمسؤولية وبشكل ما من الامانة والصدق. وتلك المسألة تعد بالنسبة للكثيرين في الخارج الشيء الصعب فهمه بالنسبة للنظام الامريكي. كبير كتاب الواشنطن بوست *

Email