أزمة كلينتون بين نصيحة روس و(فرحة) نتانياهو: بقلم: هيلينا كوبان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو ان دنيس روس المنسق الامريكي لعملية السلام في الشرق الاوسط هو الفائز الوحيد من بين اعضاء النخبة الحاكمة في واشنطن الذين سعوا خلال الاسابيع الماضية للحصول على موافقة الرئيس بيل كلينتون على العديد من الامور المهمة . وقد تأكد هذا الفوز بوضوح بعد ان اصبح معروفا ان الخطة الامريكية التي اقترحها الرئيس الامريكي في لقائه مع نتانياهو وعرفات تأسست على تفكيك القائمة المطولة من المراحل التي يجب على الفلسطينيين المرور بها قبل الاقتراب من بحث قضايا الوضع النهائي. وفي الاقتراح نجد ان القضايا التي تهم تلك المرحلة لم تضف, وهو ما يعطي بلدوزرات نتانياهو مزيدا من الوقت حتى تنشأ على ارض الواقع بالضفة الغربية حقائق جديدة. وتقول مصادر عليمة ان تفضيل روس لمراحل القضمات الصغيرة كان محل انتقاد من الاخرين في الادارة مؤخرا ومن بينهم وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت نفسها ومن مساعدها مارتن انديك. وقد حاول المنتقدون حث الرئيس على تبني سياسة اكثر جرأة وصراحة تصيغ توقعات ملموسة بشكل اكبر على صعيد التحرك الحقيقي في مسيرة السلام من كلا الطرفين. فسياسة كلينتون التي تقلصت حاليا الى واحدة من القضمات الصغيرة (على الافضل) تعني انه ستكون هناك بلا أدنى شك عواقب سلبية كبيرة تحدث على الارض. وما زال الامر متأخرا جدا في هذه المرحلة لنسأل ابوعمار مرة اخرى لماذا لا يرد بشكل ايجابي على المقترحات الغامضة عن التحرك مباشرة لمحادثات المرحلة النهائية والتي صدرت في وقت سابق من معسكري نتانياهو وكلينتون؟ فهل الزعيم الفلسطيني يتلذذ حقا بفكرة قضاء السنوات العشر المقبلة في التفاوض حول قضايا مثل حقوق المرور على طول الشوارع الجانبية بالخليل قبل ان يصل الى أي مكان يقربه من نهاية المرحلة الاولى؟ ولكن اذا كان حقيقيا , كما يبدو لي, ان دنيس روس من بين كل فريق البيت الابيض هو الذي فاز بمعركة الاستحواذ على اذن الرئيس, فانه في هذه الحالة ستكون تلك الحقيقة ذات اهمية على الازمة الحامية الوطيس التي تشهدها رئاسة كلينتون حاليا. فبالنسبة لروس على عكس اولبرايت او معظم (وليس كل) الاعضاء الكبار بادارة كلينتون, فانه لا يرجع اليه أي فضل في انتصارات كلينتون الانتخابية, على العكس, فان روس بالاساس موظف سياسي من قبل ادارة بوش, ثم احتفظ به فريق كلينتون نظرا لخبرته الفنية بعد فوز كلينتون في انتخابات 92ـ1993. والان, يتعرض الرئيس لهجوم مربك ومتزايد على عدد من الجبهات الجديدة. واخطر تلك الجبهات الانباء التي تقول انه ومحاميه فيكسر فيرتون جوردان سيخضعان للتحقيق لاحتمال قيامهما بالتأثير على شاهد واعاقة العدالة فيما يتعلق بواحدة من السيدات المقرر ان تظهر كشاهدة في قضية باولا جونز. ولقد ضحك نتانياهو بالطبع على طول الطريق الى المطار بعد ان رأى ظهور تلك القصة الاخيرة في واشنطن في اعقاب اجتماعه مع كلينتون. وعلى أي حال, تمادى نتانياهو أكثر من أي رئيس وزراء اسرائيلي سابق في اظهار استعداده العلني لمواجهة رئيس الولايات المتحدة من داخل اعماق النظام السياسي الامريكي. وباجتماعه الاول في واشنطن مع الزعيم البروتستانتي اليميني جيري فالويل وهو من أشد المنتقدين لكلينتون, يكون نتانياهو قد ازال تماما الاداب الدبلوماسية المعتادة لزيارة الدولة, وفي اجتماعات لاحقه مع زعيم الجمهوريين نيوت جينجريتش, اوضح نتانياهو بجلاء بأنه يفكر في امكانية استغلال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس في مواجهة اي ضغط قد تحاول الادارة الامريكية ممارسته عليه. ويا له من وقت لكلينتون ليجد نفسه يتبع نصيحة مثل هذه من دنيس روس, ولكن ذلك كما اعتقد هو نقطة الفصل المنطقية التي يجد نفسه عندها بعد ان ظل متمسكا طويلا بالمنحدر الزلق بتدليله الدائم للحكومة الموجودة بالسلطة في اسرائيل وليس محاولة التمسك الامين بمعايير القانون الدولي والمصالح القوية التي يستفيد منها الشعب الامريكي مع حفاظه على تلك المعايير في جميع انحاء العالم. نعم, ولانه مثل هذه الشخصية القذرة وسيئة السمعة والذي عامل عددا من السيدات (من بينهن زوجته) بمثل هذه الطريقة الشنيعة, ولاسباب اخرى منها تملقه وتزلفه البغيض لأسوأ القوى الموجودة في المجتمع الاسرائيلي, فان الانسان وسط كل هذا ربما يجد ما يقويه على الابتهاج لكل مشاكل كلينتون الحالية. ولكن أنا فقط الحزينة, فبغض النظر عن الاشياء الاخرى, لو اصبح الرئيس ضعيفا سياسيا تحت وطأة الازمة, وربما يجد نفسه مضطرا للكفاح المضني لتأمين بقائه السياسي, فاننا جميعا سنعرف مَن مِن اطراف عملية السلام سيستفيد ومن سيعاني, ولنثبت احزمة مقاعدنا استعدادا لاضطرابات الشهور المقبلة.

Email