محاولة أمريكية لإقناع الفلسطينيين بحل وسط: لقاء مرتقب بين عرفات ونتانياهو بحضور أولبرايت

ت + ت - الحجم الطبيعي

واصلت واشنطن أمس اصرارها على الانحياز السافر لاسرائيل, وألمحت لممارسة ضغوط جديدة على الفلسطينيين, بمطالبتها لهم بتقليل حجم التوقعات بشأن الانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية, وبينما أكد الرئيس الامريكي بيل كلينتون فشله مع حليفه المدلل رئيس الوزراء الاسرائيلي بينامين نتانياهو, فقد أعلن انه ينتظر النجاح في اقناع الرئيس الفلسطيني خلال لقائهما مساء امس بحل وسط أمريكي كارثي جديد.. فيما أكد عرفات انه لا يطلب القمر, وانما تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها برعاية كلينتون. مشيرا الى ان لقائه بكلينتون جاء مفيدا ومثمرا. ولكن واشنطن وتل أبيب واصلتا الحديث عن امكانية تحقيق تقدم خلال اسبوعين. وقد اعلن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات بعد اجتماع كلينتون مع عرفات ان الزعيمين سيعقدان جولة ثانية من المحادثات في البيت الابيض في الساعات الاولى من صباح اليوم. وقال عرفات عقب اجتماعه ان الاجتماع الذي جاء بعد يومين من اجتماع نتانياهو مع كلينتون (كان حارا وبناء للغاية وبالغ الاهمية (وجاء مشجعا له. ونقل عريقات عن عرفات قوله لكلينتون (انني مستعد لاتخاذ خطوة .. خطوتين.. ثلاث خطوات في مجال الامن والميثاق مادام ذلك لا يمس بالهدف الفلسطيني اقامة دولة مستقلة. ويسعى المسؤولون الامريكيون الى ترتيب لقاء بين ياسر عرفات ونتانياهو في غضون الاسبوعين المقبلين ضمن الجهود التي تبذلها الادارة الامريكية للعب دور اكبر لانعاش مسيرة السلام المتوقفة. وذكرت مصادر فلسطينية واسرائيلية في واشنطن ان لقاء مرتقبا سيعقد خلال الاسبوعين المقبلين بين عرفات ونتانياهو بوساطة وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت, وعلى الرغم من ان المسؤولين شددوا على ان ترتيبات نهائىة لم تتخذ في هذا الشأن بعد, فانهم اشاروا الى امكانية عقد مثل هذا اللقاء في دولة اوروبية. وعقب الاجتماع الذي عقده مع الرئيس الامريكي بيل كلينتون في البيت الابيض امس قال عرفات ان الفلسطينيين يستحقون ما نسبته 60 في المائة من اراضي الضفة الغربية اضافة الى ماحصلوا عليه حتى الان, تمشيا مع الاتفاقات التي توصلوا اليها مع اسرائيل. واضاف عرفات انه قدم للرئيس كلينتون قائمة بالخطوات التي اتخذها المجلس الوطني الفلسطيني بشأن الغاء بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تدعو الى تدمير (دولة اسرائيل) . واعرب عرفات عن امله في ان يتفهم رئيس الوزراء الاسرائيلي ان السلام (هو حاجة اسرائيلية وليس حاجة فلسطينية فقط) , وان يحول نتانياهو كلماته الى افعال عن طريق التقيد بالاتفاقات التي تم التوصل اليها حتى الان. وكان رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات قد حذر من المخاطر المترتبة على عدم الخروج من المأزق الذي آلت اليه علمية السلام على مدى العام الماضي, وناشد عرفات الرئيس الامريكي بيل كلينتون حث نتانياهو تنفيذ التعهدات الاسرائيلية بالانسحاب من المزيد من اراضي الضفة الغربية. وفي فترة التقاط الصور التي سبقت الاجتماع الرسمي في البيت الابيض رحب الرئيس الامريكي بعرفات في الولايات المتحدة, ووصفه بأنه (شريكنا) في عملية السلام. وشدد الرئيس الامريكي على ان (هذا وقت حاسم جدا لعملية السلام, وعلى ضرورة ان يفي الطرفان بالتزاماتهما فيها) . واكد الرئىس الامريكي في كلمته الترحيبية بالرئيس الفلسطيني قبل بدء اجتماع البيت الابيض على اسس عملية السلام مكررا (الالتزامات المتبادلة, ومبدأ الارض مقابل السلام بحيث يتمكن الاسرائيليون من العيش في امن ومعترف بهم من جميع جيرانهم, وبحيث يتمكن الفلسطينيون من تحقيق طموحاتهم في العيش كشعب حر, وقال انه (اذا تم التركيز على هذه المبادئ, فانني على ثقة بأنه سيتم احراز تقدم) . وقال كلينتون انه سيقدم للرئيس عرفات تقريرا عن محادثاته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو, الذي اجرى معه اجتماعين مطولين الثلاثاء الماضي, وعرض عليه فيهما ما يقال انها مقترحات توفيقية امريكية لجسر الهوة بين مواقف الطرفين من القضايا الخلافية المهمة بينهما التي تسببت حتى الان في تجميد عملية السلام. ومن جهته كرر الرئيس الفلسطيني عبارته التي يرددها منذ بدء ازمته الحالية مع الحكومة الاسرائيلية التي بدأت في مارس الماضي بقرار الحكومة الاسرائيلية اقامة حي استيطاني في جبل ابو غنيم في القدس العربية, انه (لا يطالب بالقمر, وان كل ما يطالب به هو تنفيذ الحكومة الاسرائيلية الاتفاقات الموقعة في البيت الابيض) . واضاف ان على الحكومة الاسرائيلية ان تنفذ الاتفاقات الموقعة بدقة وصدق. وحول الخطوة المقبلة قال الرئيس كلينتون انه سيرى بعد اجتماعه مع عرفات (مااذا كنا قد قربنا الطرفين اكثر الى احدهما الاخر, واذا ما تبين ذلك لنا فاننا سنبحث عن طريق لجسر الهوة بينهما والتوصل الى تفاهم لما ستكون عليه الخطوة المقبلة) . واردف انه (يريد فعل ذلك بسرعة, ولا نريد لهذا الامر ان يستغرق وقتا طويلا لان لدينا شعورا بالالحاحية) . وحين سئل الرئيس الفلسطيني ان كان يعتقد انه تم احراز اي تقدم في محادثات الرئيس الامريكي مع نتانياهو, فقال: (مادام هناك ضغوط وجهود يبذلها الرئيس كلينتون, فانني على ثقة تامة بانه ستتم حماية علمية السلام وانجاحها) . ولما سئل عن تصوره لما اذا كان نتانياهو سيفي بالاتفاقيات التي وقعها مع الفلسطينيين هو واسلافه من مسؤولي حكومة العمل السابقة, قال باختصار (آمل ذلك) . وفي الوقت الذي دعت فيه فرنسا اسرائيل لسحب قواتها من الضفة بدون شروط, فقد كرر الاتحاد الأوروبي مجدداً مطالبه بالاشتراك مع الولايات المتحدة في جهود تحريك السلام, الا ان السلطة الفلسطينية طالبت أوروبا بفرض عقوبات اوروبية على اسرائيل. فقد قللت وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت امس من حجم التقدم الذي احرزته المباحثات الامريكية الاسرائيلية حول انسحاب اسرائيلي مقرر من الضفة الغربية ومطالب اسرائيلية بدعم امنها بينما طالب متحدث باسم الخارجية الامريكية الفلسطينيين تقليد حجم توقعاتهم بشأن الانسحاب الاسرائيلي. وتحاشت اولبرايت في تصريحات للصحفيين وصف المحادثات بأنها احرزت تقدما, وقالت ان هناك اتفاقا مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على الحاجة لمزيد من العمل واعربت عن املها في ان تحدث انفراجة خلال اسبوعين. وقال جيمس روبن ان اولبرايت نصحت عرفات خلال لقائهما امس ان يكون واقعيا بشأن مساحة الانسحاب المقررة وان يأخذ في الاعتبار العلاقة بين الترتيبات الامنية وعملية اعادة الانتشار. وقالت مصادر قريبة من المحادثات ان كلينتون اقترح الا تطبق اسرائيل المرحلة المقبلة من الانسحاب على دفعة واحدة بل على خطوات صغيرة وفي المقابل يطبق الفلسطينيون سلسلة من الاجراءات الامنية الملموسة من بينها تبادل المعلومات وتشديد الخناق على اسلاميين متشددين. وعن اقتراح روبن قال عرفات ( انا لا اطلب القمر. انا اطلب التنفيذ بدقة وامانة لما وقعوا عليه في البيت الابيض تحت رعاية الرئيس كلينتون) . وبعد تناول الطعام مع اولبرايت من اجل الافطار من صوم يوم رمضان قال عرفات (اني سعيد جدا بهذا الاجتماع الذي جرى في جو ايجابي وبناء. تحدثنا عن الامور وكيف نحمي عملية السلام وكيف نمضي بها قدما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها منطقتنا) . وابدى كلينتون علامات على الشعور بخيبة الامل قائلا ان الاسرائيليين والفلسطينيين قد لا يريدون حقا التوصل الى سلام بينهما. وحاول كلينتون ايضا تبديد شكوك عن دفء علاقاته برئيس الوزراء الاسرائيلي الذي قضى معه اكثر من ثلاث ساعات من المباحثات. وقال في مقابلة تلفزيونية (الشيء الذي يقلقني هو ان نكتفي بمجرد الجلوس وترديد نفس الحديث القديم مرارا وتكرارا) . وسئل كلينتون هل من المحتمل انه لا احد من الجانبين يريد حقا السلام فقال (قد يكون الامر كذلك ولا ادري ماذا اقول عن هذا, واذا لم احقق أي تقدم فانني سأصارح الشعب الامريكي وبقية العالم واقول لهم انا افعل كل مافي وسعي... سنواصل السعي في هذا الطريق) . ولكن كلينتون لم يكشف عما اذا كان سيعلن عن الطرف المسؤول عن انهيار السلام ووصوله الى طريق مسدود. وقال انه سعى مع نتانياهو لتضييق هذه الخلافات.. واضاف: (لم نتمكن من القضاء على كل الخلافات ولكن احرزنا بعض التقدم.. وسوف نعمل مع عرفات من اجل تضييق الهوة) . واضاف كلينتون ان الولايات المتحدة ستسعى عقب ذلك الى عقد اجتماع بين عرفات ونتانياهو (لانه ليس امرا طيبا ان يستمرا هكذا دون احراز تقدم) . ومن جانبها ابدت مصادر الوفد الفلسطيني تشاؤما ازاء امكانية تحقيق اي تقدم يذكر في واشنطن هذا الاسبوع. وكان مسؤول في الادارة الامريكية قد ذكر في تصريحات له امس ان الغاية هي تضييق الفجوة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وان كلينتون يعتزم الاستماع الى مخاوف عرفات وان الولايات المتحدة تبحث عن (ارض وسط) لدفع الفلسطينيين والاسرائيليين الى مفاوضات الوضع النهائي (ولدينا فكرة جيدة حول ما يتطلبه استئناف تلك المفاوضات) . على صعيد آخر دعت الحكومة الفرنسية امس إسرائيل لتنفيذ انسحاب جزئي (جوهري وغير مشروط) من الضفة الغربية المحتلة. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إيف دوتريو أن باريس مصممة على متابعة جهودها التي تهدف إلى تحقيق تنفيذ الاتفاقيات التي وقعها الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني من قبل. وفي الاطار نفسه قال مفوض الاتحاد الاوروبي الخاص امس ان عملية السلام في الشرق الاوسط بحاجة الى عدة (طباخين) لكي تتقدم. وقال ميجيل موراتينوس في محاضرة ألقاها في جامعة دمشق (نحن بحاجة الى طباخين متخصصين ومؤهلين لدفع عملية السلام قدما) واضاف (ان الاتحاد الاوروبي لديه افكار ونحن نعمل جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة والاطراف الاخرى لدفع عملية السلام) . وقال إن أوروبا يجب أن تلعب دورا في عملية السلام لان ركودها أدى إلى تدهور الوضع في المنطقة (مما يجعل من الضروري والملح أن نلعب نحن وكافة مؤيدي السلام دورا أكثر فاعلية في عملية السلام) . وأكد موراتينوس أنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في الشرق الاوسط دون التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للنزاع في الشرق الاوسط وقال (إن الاتحاد الاوروبي كان ولا يزال يؤيد التأكيد على معادلة الارض مقابل السلام) . ودعا موارتينوس إسرائيل إلى سحب قواتها من كافة الاراضي المحتلة وأكد أن المسار السوري واللبناني في عملية السلام لا يمكن فصلهما. ورد مسؤول فلسطيني رفيع على حديث موراتينوس امس قائلا ان على الاتحاد الاوروبي ان يفرض عقوبات على اسرائيل لاجبارها على التخلي عن موقفها المتشدد والوفاء بالتعهدات المتضمنة في اتفاقات السلام. وينظر الفلسطينيون الى الاتحاد الاوروبي على انه سند لهم يوازن انحيازا امريكيا لاسرائيل في عملية السلام في الشرق الاوسط لكن اوروبا تفتقر الى النفوذ الذي تتمتع به واشنطن في المنطقة. وقال احمد عبدالرحمن امين مجلس الوزراء الفلسطيني (افضل وسيلة هي الوسيلة الاقتصادية. لماذا لم تجمد الشراكة الاوروبية الاسرائيلية... لماذا لم يجمد استيراد الزهور الاسرائيلية؟. (اوروبا لها سوابق تاريخية استعملت فيها السلاح الاقتصادي ضد جنوب افريقيا والعراق ويوغوسلافيا. وكان لها نتائج طيبة) . ويصل حجم الصادرات الاسرائيلية للاتحاد الاوروبي الى نحو 6.8 مليارات دولار سنويا كما ترتبط اسرائيل مع الاتحاد باتفاق للتجارة الحرة.

Email