كيم يعود إلى الواجهة

كينت هارينجتون - مُحلل سابق في وكالة المخابرات المركزية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثل الشخصية الرئيسية في مسلسل تلفزيوني طويل، بدأ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الأزمة الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية بمسرحيات مألوفة. بعد قطع جميع الاتصالات مع كوريا الجنوبية في وقت سابق من هذا الشهر، قصف نظام كيم المبنى الذي كان يستضيف فيه دبلوماسيين كوريين جنوبيين.

وقد أعاد نشر القوات في مناطق حدودية منزوعة السلاح وأصدر تهديدات مُتجددة بالعنف ضد الجنوب. وتلت خطب التهديد الرنانة أداء كيم الذي سرق الأضواء في مايو، عندما أعلن أن كوريا الشمالية ستعزز استثمارها في «ردع الحرب النووية».

من جانبها، تجاهلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحداث الأخيرة لسبب وجيه. فبعد عامين، أصبح كيم مقتنعًا بأن قصة الدراما قد استنفدت نفسها، وأن الرواية القديمة ستحافظ على زيادة شعبيته.

بعد فصل مكاسبه السياسية عن سياسات غيره، يؤكد كيم الآن بشكل لا لبس فيه على مكانة كوريا الشمالية كقوة نووية. لتعزيز هذه النقطة، قام بترقية الجنرال المسؤول عن البرنامج النووي ليعمل نائبًا لرئيس اللجنة العسكرية المركزية، مع مكافأة 69 جنرالاً آخرين ساهموا في النجاح الاستراتيجي للبلاد في السنوات الأخيرة.

منذ القمة النووية الفاشلة في هانوي في فبراير 2019، كان كيم واثقًا من حيث القول والفعل. من الواضح أن حملة «الضغط الأقصى» التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخنق مصادر الدخل والتجارة السرية لكوريا الشمالية لم تنجح في تغيير مسار البرامج النووية والصاروخية للنظام.

وقد اعترف المسؤولون الأمريكيون بما حدث في الشهر الماضي عندما وجهت وزارة العدل الأمريكية الاتهام إلى 28 من المسؤولين والمصرفيين في كوريا الشمالية وخمسة من المسؤولين الصينيين بالتحايل بنجاح على نظام العقوبات.

تزعم لائحة الاتهام أنه منذ عام 2014، قامت شبكة شركات الجبهة العالمية في الشمال - بمساعدة الصين - بإنفاق 2.5 مليار دولار على برامج الأسلحة النووية والصواريخ وبرامج ذات التقنية العالية الخاصة بكيم.

لم يكن كيم أقل اتساقًا في توسيع القدرة العسكرية التقليدية الضخمة لكوريا الشمالية. في حين تظل أجهزته العسكرية أدنى بكثير من المدرعات والطائرات التي توفرها الولايات المتحدة عبر الحدود، إلا أن الشمال تمكن من تعزيز دقة أسلحته ومدى انتشارها.

وهذا لا يعني أن كيم لديه خُطط مستقبلية واضحة. نظرًا للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، والإنتاج الغذائي المحدود، والعديد من إخفاقات الإصلاح، تواجه كوريا الشمالية تحديات هائلة. بعد خطاب في الجلسة العامة السنوية لحزب العمال الكوري في ديسمبر 2019، تُشير الملاحظات العامة التي أصدرها كيم في فبراير وأبريل إلى أنه ربما قضى النصف الأول من هذا العام يركز على الأولويات المحلية.

عقب فرض إغلاق الحدود الصينية، ألحقت جائحة كوفيد 19 ضررًا كبيرًا باقتصاد الشمال المُتعثر. كما تُشير الحقيقة التي مفادها أن كيم فرض رقابة أكثر صرامة على تنفيذ إصلاحاته الاقتصادية السابقة إلى المزيد من المشاكل المحلية الوشيكة.

في ظل المشاكل الاقتصادية أو بدونها، فمن غير المرجح تخلي كيم عن تقاليد عائلته الراسخة. مثل الإنجازات السابقة لوالده وجده، سيتميز تاريخه بالتهديدات بالعنف، والاستفزازات المُثيرة، وحتى الحوادث العسكرية المُحتملة مثل قصف جزر كوريا الجنوبية قبل عقد من الزمان. تُشير جميع الدلائل إلى المزيد من سياسات الشمال الفاشلة. قد تكون الشخصية الرئيسية في الدراما النفسية الطويلة الأمد التي تعيشها شبه الجزيرة الكورية جديدة، لكن المسرحية تبقى كما هي.


 

Email