«كورونا» والدولار

ستيفن س روش - عضو في هيئة التدريس في جامعة يال .

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن زمن جائحة (كوفيد 19) يمضي بسرعة كبيرة، والكلام نفسه ينطبق على معدل العدوى والجهود العلمية غير المسبوقة لإيجاد لقاح، كما ينطبق كذلك على التطورات الكبيرة التي تجري حالياً في الاقتصادات المتأثرة بهذه الجائحة.

لقد أدى الركود الناتج عن الإغلاق إلى وقف النشاط الاقتصادي العالمي تقريباً خلال شهرين فقط، وعليه فإن العودة مجدداً إلى الانتعاش تحتاج إلى إحياء سريع للاقتصادات المحطمة.

هذا الكلام ينطبق على الاقتصاد الأمريكي المتأثر بالجائحة بشكل كارثي. فأزمة (كوفيد 19) هي ضربة قوية على وجه الخصوص لبلد كان يعمل ولفترة طويلة على هامش محدود جداً من الادخار المتدني.

لقد تحرك الكونغرس الأمريكي بسرعة غير مسبوقة لإنقاذ الموقف بعد أن أصبح الاقتصاد في حالة هبوط حر بطريقة غير مسبوقة. يتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس حدوث عجز غير مسبوق في الميزانية الفيدرالية يصل بالمعدل إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020-2021.

وعلى الرغم من الجدل السياسي المثير، فإن من المرجح اتخاذ إجراءات مالية إضافية وكنتيجة لذلك فإن صافي معدل الادخار المحلي سيندفع بشكل اكبر في الاتجاه السلبي، علما بأن هذا حصل مرة واحدة فقط في السابق، فخلال الازمة المالية العالمية 2008-2009 وبعدها مباشرة كان صافي الادخار الوطني بالمعدل هو 1.8 % من الدخل الوطني وذلك من الربع الثاني من 2008 إلى الربع الثاني من 2010، بينما كان عجز الميزانية الفيدرالية بالمعدل هو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن الممكن أن يهبط صافي معدل الادخار الوطني في حقبة كوفيد 19 ليصبح من -5% إلى -10% خلال 2 - 3 السنوات القادمة.

وقد يؤدي الضغط غير المسبوق على الادخار كذلك إلى زيادة حاجة أمريكا لفائض رأس المال الأجنبي، مما يعني أن العجز في الحساب الجاري سوف يزيد بشكل حاد علما انه منذ سنة 1982 فإن هذا الإجراء العريض المتعلق بالتوازن الخارجي قد سجل عجزاً بمعدل 2،7% من الناتج المحلي الإجمالي.

إن من الممكن أن يتجاوز العجز بكثير ذلك العجز القياسي المسجل في الربع الرابع من 2005 وهو 6،3% من الناتج المحلي الإجمالي. إن هذا يطرح أحد أكبر التساؤلات التي تواجهنا: هل سيطالب المستثمرون الأجانب بتنازلات من أجل توفير زيادة كبيرة في رأس المال الأجنبي.

إن الجواب يعتمد بشكل كبير على ما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تستحق الاحتفاظ بامتيازها المبالغ به. إن هذا ليس جدلاً جديداً فالجديد فقط هو التسارع الزمني لأزمة كوفيد والحكم قد يأتي عاجلاً وليس آجلاً.

وتقود أمريكا الجهود لتبني الحمائية وإزالة العولمة وفك الارتباط. إن حصتها من احتياطات الصرف الأجنبي العالمية قد هبطت من ما يزيد قليلا على 70% سنة 2000 إلى أقل قليلاً من 60% اليوم.

إن جهود احتواء كوفيد 19 في أمريكا باءت بفشل ذريع ..وعلى ضوء تلك الأحداث الاخيرة، وخاصة مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى فإن من المنطقي الاستنتاج أن مشاكل الادخار والاختلالات في الحساب الجاري قد تؤدي في نهاية المطاف إلى عواقب قابلة للتنفيذ بالنسبة للدولار أو معدلات الفائدة الأمريكية. وأنا أتوقع انخفاضاً بنسبة 35% في مؤشر الدولار العريض خلال 2 ـ 3 سنوات قادمة.

إن مثل هذا الانخفاض الضخم في الدولار والذي قد يبدو صادماً له سابقة تاريخية فلقد هبط سعر الصرف الفعال الحقيقي للدولار بنسبة 33% بين سنتي 1970-1978 و33% بين 1985 و1988 و28% خلال الفترة من 2002-2011. ربما أن كوفيد 19 انتشر انطلاقا من الصين ولكن يبدو أن صدمة العملة المرتبطة بكوفيد سوف تكون بصناعة أمريكية.

 

 

Email