«أخلاقيات بيولوجية» لمكافحة الجائحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ انتشار فيروس كورونا المُستجد «سارس كوف 2» من الصين إلى معظم دول العالم في شهري فبراير /‏‏ شباط، ومارس /‏‏ آذار الماضيين، أصبحنا جميعاً مشاركين تدريجياً في كتاب المُعضلات الأخلاقية. بداية، طرحت جائحة «كوفيد ـ 19» سؤالاً حاسماً على أنظمة الرعاية الصحية المثقلة، وهي كيف يمكننا الاستمرار في رعاية المرضى بطريقة آمنة وعادلة وفعالة.

والمثير للقلق أن الأزمة لم تسلط الضوء على عدم استعداد السياسيين وأنظمة الرعاية الصحية فحسب، ولكن أيضاً على فشلنا في تطوير المعايير الأخلاقية المُناسبة.

أثناء انتشار الوباء، نفذت العديد من الحكومات بسرعة بروتوكولات طبية واجتماعية عكست الإجراءات الصارمة للسلطات الصينية. حتى بداية هذا العام، سعت البلدان الغنية للوصول إلى أدوات الرعاية الصحية الجديدة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي، أو كيف يمكن للدولة أن تمول تقنيات التلقيح الاصطناعي المُساعدة على الإنجاب.

ولكن في غمضة عين، تبنت أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها أخلاقيات النفعية بشكل مفاجئ ودون تردد - ليس فقط من خلال إجراء فرز شديد في وحدات العناية المركزة (ICUs)، ولكن أيضاًً من خلال رفض تقديم مجموعة من الخدمات الطبية الأخرى التي تشتد الحاجة إليها.

تضع جائحة «كوفيد ـ 19» المهنيين الصحيين في مواقف مأساوية لم يسبق لهم مواجهتها. تُعد القضايا المتعلقة بعلاج المرضى غير المصابين بفيروس كورونا المُستجد أكثر تعقيداً. لا توفر المعايير الأخلاقية الحيوية الحالية سوى مساعدات قليلة، وغالباً ما يتم نسيان هذه المجموعة من المرضى.

لم يتم تدريب أطرنا الأخلاقية الحالية لمواجهة الأوبئة. على مدى العقود الماضية، ركزت الأخلاقيات البيولوجية على التقنيات الجديدة، مثل التدخل الجيني والبنوك الحيوية وتحرير الجينات والإنجاب الاصطناعي.

وعملياً، أصدر معهد هاستينغز الأمريكي ومجلس نوفيلد لأخلاقيات البيولوجيا في منتصف شهر مارس /‏‏ آذار مبادئ توجيهية أخلاقية للاستجابة لجائحة «كوفيد ـ 19». ووفقاً لتقرير مجلس نوفيلد، يجب أن تكون تدابير الصحة العامة متناسبة وقائمة على الأدلة، كما ينبغي أن تُقلل من الإكراه والتدخل في حياة الناس، وتُعامل الناس على أنهم متساوون أخلاقياً.

في 14 أبريل /‏‏ نيسان، أعلنت لجنة أخلاقيات البيولوجيا التابعة لمجلس أوروبا أنه حتى في سياق الموارد المحدودة، يجب أن يكون الحصول على الرعاية الطبية عادلاً. لكن ستنشأ واحدة من أهم التغييرات الأخلاقية أثناء الوباء من الحاجة إلى استكمال الأنظمة الطبية التي كانت تركز في السابق على المريض من خلال ما يسمى بالرعاية العامة. بدلاً من الحديث عن «صحتي»، يتعين علينا التحدث عن «صحتنا جميعاً».

من المؤكد أن العلاقة بين الطبيب والمريض ستستجيب باستمرار للمعايير الأخلاقية الأساسية. لكن بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك تركيز أكبر على وجهات النظر المجتمعية المشتركة فيما يتعلق بتوزيع الموارد الطبية المحدودة مقارنة بما حدث حتى الآن.

لا يمكننا تجاهل المبادئ الأخلاقية البيولوجية الأساسية بسبب حالة الذعر الناتجة عن تفشي الفيروس. فقط من خلال الحفاظ على العلاقة بين الطبيب والمريض والتزاماتنا تجاه المجتمع ككل، يمكننا ضمان عدم إضاعة الجهود البطولية التي يبذلها العاملون في مجال الصحة، فضلاً عن الحفاظ على السلامة الأخلاقية للمشاركين. بعد كل شيء، بمجرد انتهاء الجائحة، سوف نواجه بعضنا البعض بشكل مباشر، وليس فقط من خلال الشاشات.

* أستاذة ومديرة مركز الأخلاق والقانون في الطب الحيوي بجامعة أوروبا الوسطى.

 

Email