استراتيجية عالمية لمكافحة «كورونا»

إريك بيرغلوف - كبير الاقتصاديين السابق في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ومدير معهد الشؤون العالمية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.

ت + ت - الحجم الطبيعي

بسبب فيروس كورونا، يعيش العالم بأسره اضطراباً في كل جوانب الحياة. وبطبيعة الحال، تعمل الحكومات على حماية سكانها أولاً، بما في ذلك عن طريق إغلاق حدودها، وفرض الحجر الصحي، وملازمة المنازل. ولكن، بهذه الطريقة، غالبًا ما يفشلون في رؤية الصورة الأكبر. وإذا لم يُصحح هذا الخطأ الفادح في الحكم، فسيعود ليطاردنا جميعًا.

وستكون المعاناة التي سيخلفها كوفيد-19 في أعقابه - بما في ذلك الموت، وجهاز مناعتي مدمر، واقتصادات ضعيفة - أكبر بالنسبة لأولئك الأقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم، في مجتمعاتنا المحلية والعالمية. ولكن من المرجح أن تكون هذه الموجة من العدوى هي الأولى فقط.

إذ مع وصول كوفيد-19 إلى البلدان التي لديها مؤسسات هشة، وأنظمة صحية ضعيفة، يمكن أن يموت عدد كبير من الناس على المدى القصير، بما في ذلك العديد من ملايين الأشخاص من الفئات الهشة، الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين الخارجة عن السيطرة، والتي تعاني من قلة الموارد. وفضلاً عن ذلك، يمكن أن يصبح الفيروس متوطناً.

ويتطلب احتواء الوباء تعزيز الروابط الأضعف - في مستشفى فردي، أو مجتمع محلي، أو بلد ما، أو العالم. لهذا فإنه من مصلحة الجميع دعم أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة على وجه السرعة.

ويجب أن تأخذ مجموعة العشرين زمام المبادرة في تحفيز العمل..ويجب أن تدعم الاستراتيجية العالمية الجهد المبذول لتطوير لقاح، وتوزيعه. لقد أحدث وباء كوفيد-19 بالفعل أسرع تبادل للمعرفة العلمية في تاريخ البشرية، حيث قامت المجلات العلمية بإزالة الحواجز ذات الصلة.

ويجدر أن تتضمن الاستراتيجية العالمية الفعالة أيضًا التثقيف الصحي. وعلى الصعيد الاقتصادي، تعهد صندوق النقد الدولي - الذي قدم النقود التي اشتدت الحاجة إليها خلال وباء الإيبولا، الذي ضرب غرب أفريقيا في الفترة ما بين 2014 و2016- بإتاحة حوالي 50 مليار دولار عن طريق تسهيلات تمويل الطوارئ التي تصرف بسرعة. وأعلن البنك الدولي، الذي يتمتع بسجل طويل في دعم الرعاية الصحية، عن حزمة أولية تصل إلى 12 مليار دولار لتكون دعماً فورياً للبلدان المتضررة.

وأخيراً، يجب أن ينضم القطاعان الخاص والخيري إلى المعركة. وبالفعل، أعلن صندوق Wellcome Trust، (ويلكم تراست) جنباً إلى جنب مع مؤسسة Mastercard (ماستركارد)، ومؤسسة Bill & Melinda Gates (ميليندا غيت أند بيل)، عن المُسرع العلاجي- وهي مبادرة بقيمة 125 مليون دولار لتحديد العلاجات المحتملة للفيروس، والتعجيل بتطويرها، والاستعداد لتصنيع ملايين الجرعات للاستخدام في جميع أنحاء العالم.

كما ينبغي تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص - مثل تحالف ابتكارات التأهب للوباء وغافي، تحالف اللقاحات، مما يدعم تطوير اللقاحات وإدارتها، على التوالي.

ولكن لا تزال هناك فجوة كبيرة في التمويل.

ويجب على وزراء مالية مجموعة العشرين توفير الموارد اللازمة قبل الاجتماع المقرر القادم في أبريل. إن الاستثمار المطلوب ضئيل مقارنة بالتكاليف الاجتماعية والاقتصادية لعدم اتخاذ إجراءات معينة. ويمكن للاستجابة المشتركة الفعالة أن ترسي الأسس لتعددية جديدة أكثر ذكاء، ومجهزة بصورة أفضل للتعامل مع التحديات العالمية المستقبلية، بما في ذلك تغير المناخ، والجائحة القادمة.

وسيحكم المؤرخون في المستقبل على فعاليتنا في معالجة جائحة كوفيد-19.

 

 

Email