تحديات التفاوض بشأن ديون الأرجنتين

خوسيه أنطونيو أوكامبو - مؤلف كتاب إعادة ضبط النظام (غياب النظام) النقدي الدولي. وعضو مجلس إدارة بنك الجمهورية، البنك المركزي الكولومبي.

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد مرت الأرجنتين للتو، بمنعطف حرج فيما يتعلق بديونها. إذ أكدت بعثة صندوق النقد الدولي إلى البلاد، أن ديون القطاع العام لا يمكن تحملها، كما أشار إلى ذلك الرئيس ألبرتو فرنانديز، ووزير الاقتصاد، مارتن جوزمان، وهو خبير في الديون أيضا.

ويقول صندوق النقد الدولي إن «الفائض الأساسي الذي سيكون ضروريًا لخفض الدين العام واحتياجات التمويل الإجمالية، إلى مستويات تتسق مع مخاطر إعادة تمويل الديون القابلة للإدارة، والنمو المحتمل المُرضي، ليس مجديًا اقتصاديًا ولا سياسيًا».

وتعكس الحالة الراهنة التراكم الهائل للديون في ظل إدارة الرئيس السابق، موريسيو ماكري، التي زادت ديون الحكومة المركزية من 241 مليار دولار إلى 321 مليار دولار، خلال أول سنتين لها. وقد كان ذلك التراكم مصحوبا بارتفاع قيمة البيزو، ولكن بنمو اقتصادي ضعيف.

وسرعان ما تبع ذلك الركود، وارتفاع التضخم، وانخفاض حاد للعملة. وبسبب هذا المزيج من الديون المتزايدة، والانخفاض الحاد في قيمة الدولار من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفعت نسبة ديون الحكومة المركزية في الأرجنتين إلى أكثر من 90 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.

وتعكس أزمة الديون الحالية أيضًا، التراجع الكبير للثقة بين الدائنين الخارجيين والوكلاء المحليين. إذ خلال العامين الماضيين، تسببت أزمة الثقة هذه في توقف مفاجئ في التمويل الخارجي، وهروب حوالي 50 مليار دولار من رأس المال.

وهذا الرقم ليس بعيدًا عن مبلغ الـ44 مليار دولار، الذي أخذته البلاد من قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 50 مليار دولار، والذي وافق عليه الصندوق في يونيو 2018، ورفع قيمته ليصل إلى 57 مليار دولار في سبتمبر.

ولا داعي للقول إن انهيار الاقتصاد الأرجنتيني في خضم برنامج لصندوق النقد الدولي، يجب أن يؤدي إلى مراجعة النفس. وبالنظر إلى ما مضى، من الواضح أن الصندوق ارتكب خطأ فادحًا بدعم التحرير الهائل لتدفقات رأس المال، الذي قامت به إدارة ماكري، في عامي 2016 و2017.

وأدى هذا النهج إلى دورة ازدهار وكساد في التمويل الخارجي: إذ تلا تدفقات رأس المال الهائلة إلى الداخل، تدفقات خارجية، أجبرت إدارة ماكري على إعادة فرض ضوابط صارمة على رأس المال.

واستشرافاً للمستقبل، فإن أهم مهمة عاجلة هي ضمان حل مستدام، ومنظم لأزمة الديون. ويجب أن يكون في صلب المفاوضات، برنامج محافظ يضمن مستوى من خدمة الديون يتوافق مع الانتعاش الاقتصادي، واستقرار سعر الصرف، وهو أمر ضروري أيضًا للحد من التضخم.

وسيستفيد الدائنون من هذا السيناريو، لأنه سيعزز قدرة البلاد على خدمة ديونها، ومن ثم تجنب جولة أخرى من المفاوضات، وخلق بيئة إيجابية للأعمال التجارية المستقبلية مع الأرجنتين.

يجب على الأرجنتين تجنب تحرير سابق لأوانه لتدفقات رأس المال. وعلى عكس الفترة التي سبقت الأزمة الحالية، يجب أن تُطبق، الآن، النظرة المؤسسية لصندوق النقد الدولي بالكامل، على تدفقات رأس المال.

 

 

Email