ثورة البيانات للجميع

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أحدث العلم على مدى المئة عام الماضية، ثورة في الطب والزراعة، خاصة بالنسبة لأفقر الفقراء. وتشهد بعض الإنجازات، بما في ذلك علاج الدودة الشصية، والثورة الخضراء، على قوة تلك الثورة.

وفي المستقبل، يمكن لعلم البيانات أن يحدث ثورة في كل شيء، بما في ذلك طرق علاج الأمراض، وكيفية بناء اقتصادات أكثر شمولية. ويظهر التاريخ أنه عندما تُستخدم قوة العلم والتكنولوجيا في مواجهة أكبر تحديات المجتمع، يمكن تحسين حياة الملايين.

لنأخذ على سبيل المثال أي مشكلة نراها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حرائق الغابات التي تدمر أستراليا؛ ووباء الأفيون الذي يعصف بالمجتمعات الفقيرة في الولايات المتحدة؛ وأسوأ أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

إن مواجهة هذه المشكلات وغيرها- بما في ذلك الفقر، وعدم المساواة، وحفظ التنوع البيولوجي، وتغير المناخ تتطلب التطبيق المسؤول للبيانات، والرؤى المستخلصة منها.

ومع ذلك، في حين أن هناك تقدماً كبيراً في علم البيانات في القطاع الخاص، فإن العديد من المنظمات الاجتماعية والمدنية تتخلف عن الركب.

وعن طريق تقديم الدعم المناسب لها، يمكنها الاستفادة من تحليلات البيانات لتحقيق تقدم كبير وسريع في عملها، مما يساعد في النهاية المزيد من الناس.

وفي العام الماضي فقط، التزمت منظمتانا- مؤسسة ماستركارد، ومؤسسة روكفلر- بمعالجة هذه الفجوة. وعندما تصبح المؤسسات أكثر اعتمادًا على علم البيانات، يمكنها جميعها تحقيق كامل إمكاناتها.

ولحسن الحظ، بدأ المبتكرون في هذا المجال بالقيام بذلك إلى حد ما. فعلى سبيل المثال، قامت منظمة DataKind (ديتا كايند) التي تعتمد على متطوعين، بربط المنظمات غير الربحية بعلماء بيانات القطاع الخاص، لحل المشكلات التي تواجه العاملين في مجال صحة المجتمعات المحلية.

وتستخدم منظمة Community Solutions (كميونيتي سولوشن)، وهي منظمة غير ربحية، تعمل في أكثر من 80 مدينة ومقاطعة أمريكية، علم البيانات لمعالجة ظاهرة التشرد.

وتستفيد مؤسسة Benefits Data Trust (بينيفيتس ديتا تراست)، وهي مؤسسة وطنية غير ربحية مقرها في فيلادلفيا، من قوة الذكاء الاصطناعي لمساعدة ملايين الأسر الأمريكية ذات الدخل المنخفض، على الحصول على المزايا الاجتماعية المتاحة لمساعدتهم.

واستخدمت الأفكار المبنية على البيانات لمساعدة رؤساء البلديات في الولايات المتحدة على اتباع استراتيجيات للنمو الاقتصادي الشامل، ولمساعدة المسؤولين الحكوميين في إفريقيا على التنبؤ بالمناطق التي تحدث فيها حالات الحمل الخطير في المجتمعات.

إن تحويل دور البيانات في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، ليست مهمة يقوم بها أي شخص أو مؤسسة. يجب أن نبني إنجازاتنا على نجاحات سلفنا.

إذ في عام 2002، أطلقت مجموعة من رواد الأعمال الاجتماعيين المبدعين، إلى جانب دعاة مكافحة الفقر، ومغني الروك وفاعل الخير الأيرلندي، بونو، منظمة DATA.org (ديتا).

وهي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بتخفيف الديون، ومكافحة الإيدز، والحد من التفاوتات التجارية في أفريقيا. وفيما أصبح، في نهاية المطاف، حملة واحدة، حشدوا الدعم لتخفيف حدة الفقر بالتركيز على البيانات في العالم الحقيقي، والدعوة إلى اتباع نُهج قائمة على الأدلة في التنمية.

في ذلك الوقت، بدأت هذه الجهود فتح آفاق جديدة، بإدراكها لقوة البيانات في مواجهة أكبر تحديات المجتمع. وبشراكة مع ملايين النشطاء حول العالم، سهّل ائتلاف DATA.org إلغاء 100 مليار دولار من الديون المستحقة على الدول الفقيرة، وحشد 50 مليار دولار من المساهمات في المساعدات الصحية والإنمائية.

ولكن، بغض النظر عن كون البيانات موجودة بكل مكان، وكون الفرص التي تتيحها ثورة البيانات كثيرة، لا يمكن للجميع للاستفادة منها بصورة متساويةٍ. ومرة أخرى، نحتاج لجهد جريء لسد الفجوة.

مع أخذ هذا التحدي في الاعتبار، وبدعم من مؤسسي مؤسسة ديتا الأصليين، تعيد مؤسستا روكفلر، وماستركارد، إطلاق موقع DATA.org، ليكون منصة للشراكات لتوسيع مجال علم البيانات للتأثير الاجتماعي، وضمان أن المنظمات الربحية والمدنية، بوضع جيد للاستفادة من ثورة البيانات.

ومن خلال إعادة إطلاق المنصة، نأمل أن نستخدم البيانات للتصدي لظاهرة التشرد، وتحسين الوصول للمزايا الاجتماعية، ودعم العاملين بمجال صحة المجتمعات المحلية في أنحاء العالم.

إن توسيع مجال علم البيانات من أجل التأثير الاجتماعي هو جهد عالمي مشترك. وسوف يتطلب الأمر تعاونًا من جميع القطاعات. يجب أن يستفيد الجميع من ثورة البيانات. ومعًا، يمكننا أن نجعل عام 2020 العام الذي بدأت فيه الشراكات بتوسيع نطاق الوعود باعتماد اقتصاد قائم على البيانات، لتشمل الجميع في كل مكان.

* الممثل التجاري للولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما، ويشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، ورئيس النمو الاستراتيجي في ماستركارد.

* رئيس مؤسسة روكفلر.

 

Email