ضريبة «معتدلة» تمكن محدودي الدخل

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

فكرة فرض ضرائب أكثر على الثروات ليست جديدة، لكنها تحظى باهتمام كبير في الولايات المتحدة. أثار الارتفاع المتزايد في معدلات عدم المساواة في الدخل والثروة العديد من المخاوف الاجتماعية والأخلاقية، حتى بين مجموعة فرعية من الأثرياء. إلى جانب انخفاض نسبة الصعود على الاجتماعي، يُساهم هذا الاتجاه في الاستقطاب السياسي، ما يؤدي بدوره إلى خيارات سياسية سيئة وغير منتظمة.

ونعلم من التاريخ أن تصاعد الافرازات في هذا الصدد، يمكن أن يؤدي إلى نتائج سيئة وعنيفة أحياناً.

لحسن الحظ، هناك مجموعة واسعة من البحوث المتميزة حول حجم وأبعاد وتاريخ ومسارات عدم المساواة في الدخل والثروة. إذا كان هناك طلب متزايد على نوع من الاستجابة للسياسة الضريبية لهذه المشكلة، فلدينا طرق لتحديد التدابير التي ستكون أكثر فعالية، اعتمادًا على الهدف المحدد.

وفقاً لمرشحي الحزب الديمقراطي في سباق انتخابات الرئاسة المزمع عقدها في 2020، يبدو أن مؤيدي فرض ضرائب على الثروات لديهم أهداف مختلفة تمامًا بالفعل. يعتبر السيناتور بيرني ساندرز ارتفاع معدلات عدم المساواة بمثابة هجوم في حد ذاته، وقد أشار في تصريحاته الشهر الماضي إلى أنه «لا يجب أن يوجد مليارديرات في الولايات المتحدة». لكن يركز آخرون أكثر على ما يعنيه الجانب الآخر من المسألة. على سبيل المثال، اقترحت إليزابيث وارين، السناتورة عن ماساتشوستس، فرض ضرائب على الثروة لدفع ثمن التوسع الطموح في الضمان الاجتماعي والخدمات الأخرى.

تُقلل ضريبة الثروة في الأساس عوائد الاستثمار. من شأن فرض ضريبة بنسبة 3٪ على الثروة أن يؤدي إلى انخفاض العائد على الاستثمار بنسبة 10٪ قبل خصم الضريبة إلى 7٪، وهو ما يمثل ضريبة بنسبة 30٪ على عوائد الاستثمار، يتم دفعها عند تحويل هذه العوائد إلى دخل. ومع ذلك، فإن نفس الضريبة على عائد ما قبل خصم الضريبة بنسبة 5٪ سيكون معادلاً لضريبة بنسبة 60٪، أما بالنسبة لعائد ما قبل الضريبة بنسبة 20٪، فسيكون معادلاً لضريبة بنسبة 15٪. هذا فرق كبير للغاية. كما توضح هذه الأمثلة، عندما تظل ضريبة الثروة ثابتة، فإن حجم الضريبة على عوائد الاستثمار يتناقص بشكل متناسب مع زيادة العائد قبل خصم الضريبة.

علاوة على ذلك، يتمتع الأفراد الأثرياء عمومًا بإمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من فئات الأصول غير السائلة. نظرًا للقيود التنظيمية المختلفة ونقص السيولة، تعرف عوائد ما قبل خصم الضريبة على فئات الأصول هذه ارتفاعاً ملحوظاً. في هذه الحالة، لن تكون ضريبة الثروة التي تبلغ 2٪ على الأصول التي تبلغ قيمتها 500 مليون دولار وضريبة بنسبة 3٪ على الأصول التي تبلغ قيمتها مليار دولار (وفقاً لاقتراح وارن) عالية للغاية. لن يحد المعيار البالغ 500 مليون دولار من قدرة معظم الناس على الإنفاق، وسيتيح لهم حرية الاستثمار في الأصول السائلة ذات العائد المرتفع والتي ستكون فيها الضريبة الإضافية الضمنية على عوائد الاستثمار منخفضة نسبياً.

هناك نقطة مهمة أخرى يجب مراعاتها: بموجب النظام الحالي، تنخفض الضريبة الفعلية على دخل الاستثمار بشكل كبير مع زيادة فترة التأجيل. يميل الأفراد الأثرياء الذين أنشأوا شركات قيمة إلى التمسك بالأسهم، ويمكنهم تأجيل تحقيق مكاسب رأس المال لفترات طويلة من الزمن - أو حتى إلى أجل غير مسمى إذا تبرعوا بالأصول. على سبيل المثال، إذا كانت الضريبة على عوائد الاستثمار المحققة تبلغ 30٪، والعائد قبل خصم الضريبة على الأصول هو 15٪، وتم تأجيل تحقيق المكاسب لمدة 25 عامًا، فقد تصل الضريبة الفعلية على عوائد الاستثمار إلى 10.5٪ فقط. يعمل التأجيل لمدة 25 عامًا على خفض معدل الضريبة إلى ثلث قيمته ويسمح بمضاعفة الأصول بعد خصم الضرائب.

من الواضح أن التأجيل له تأثير كبير على معدلات الضريبة الفعلية. وقد يكون الممارسة المعتادة بين الأثرياء والأقل الأثرياء بشكل معتدل (على سبيل المثال، أعلى 5 ٪). ومع ذلك، يصعب تأجيل ضريبة الثروة، لأن التمسك بمجموعة كبيرة من الأصول التي ليس لها قيمة سوقية مُحققة ليس بالأمر السهل.

نتيجة لذلك، في الممارسة العملية، من المحتمل فرض ضريبة الثروة على شيء يقارب القيمة الحالية الفعلية للأصل، ربما مع خصم بسيط للاستثمارات الأخيرة. وسيستمر فرض ضرائب على عوائد الاستثمار على المكاسب المحققة.

نظراً إلى أن ضريبة الثروة أقل قابلية للتأجيل، وأن تأثيرها يعتمد (عكسًا) على عوائد ما قبل خصم الضريبة، فمن المنطقي أن تؤدي ضريبة الثروة المتواضعة إلى معدل ضريبة فعلي ضمني أعلى قليلاً على عوائد الاستثمار مقارنةً بالنظام الحالي.

ومع ذلك، يقدم مُعارضو ضريبة الثروة الجديدة حُججاً عديدة ضدها. تقول إحدى الحجج إنه بمجرد فرض ضريبة على الثروة، سوف ترتفع مع مرور الوقت. لكن المسار التنازلي لمعدلات ضريبة الدخل في الولايات المتحدة في العقود الأخيرة لا يدعم هذه الحجة.

يتمثل الادعاء الثاني في أن الإنتاجية والنمو والوظائف ستواجه تحديات هائلة. لكن هل من المفترض حقًا أن نعتقد أن رجال الأعمال الذين أنشأوا شركات ذات قيمة عالية (ويستحقون أن يكونوا أثرياء) سيتخلون عن جهودهم إذا علموا أن ثرواتهم بعد خصم الضرائب ستنخفض من 12 مليار دولار إلى 8 مليارات دولار، على سبيل المثال؟ والحقيقة هي أن مكاسب الثروة الإضافية على المستوى الذي تتم مناقشته (أكثر من مليار دولار) لا علاقة لها بالاستهلاك ونمط الحياة. إنها إشارات النجاح والمكانة. من شأن ضريبة الثروة ضبط المقاييس، ولكنها لن تغير الترتيب العام.

أخيرًا، يزعم بعض الأثرياء أنهم يجب أن يكونوا قادرين على الاحتفاظ بكل ثرواتهم لأنهم بذلوا جهوداً كبيرة لكسبها. لكن هذه الحجة تتجاهل الواقع: إن الأشخاص الناجحين في أمريكا هم مستفيدون من نظام أوسع يمنحهم الوسائل والفرص لتحقيق هذه الثروة.

أثار النقاش حول هذه المسألة جدلاً كبيراً، وقد ظهرت مجموعة مؤثرة من الأفراد الأثرياء للدعوة إلى فرض ضريبة معتدلة على الثروة، بشرط أن يتم نشرها بطريقة تساعد على توسيع الفرص المتاحة لأقل من 50٪ من أصحاب الدخل المحدود. هناك خلاف منطقي حول ما إذا كان من الأفضل القيام بذلك من خلال التحويل المباشر للدخل إلى الأسر ذات الدخل المنخفض، أو عن طريق التوسع في الخدمات الاجتماعية الممولة من القطاع العام والتي تركز على خيارات التعليم والتوظيف.

هذا نقاش مهم للغاية، لكنه قضية منفصلة. في أي حال من الأحوال، فإن المقترحات الحالية لفرض ضريبة معتدلة تستحق اهتماماً جاداً. قد تكون هناك طرق أفضل وأسوأ للتصدي لمسار التوزيع الكارثي للاقتصاد الأمريكي. لكن الخيار الأسوأ المُطلق هو عدم القيام بأي شيء.

Ⅶ حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وأستاذ علوم الاقتصاد في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك وزميل متميز بمعهد هوفر.

Email