على العالم والأمم المتحدة تقليص النمو السكاني

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سيعقد قادة العالم في الأمم المتحدة في نيويورك لقاء لمراجعة التقدم، الذي تم إحرازه تجاه خطة الأمم المتحدة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الـ 17.

إن أهداف التنمية المستدامة التي ترمي إلى «القضاء على الفقر وحماية الكوكب وضمان الرخاء للجميع» تستحق الثناء، فهي تُلخص نوع العالم الذي يرغب الكثير منا في رؤيته بحلول 2030.

وتحقيقاً لهذه الرؤية، يجب على الحكومات الآن إضافة الهدف 18: «تقليص ظاهرة النمو السكاني».

 

تكمن الأسباب الرئيسية وراء التحديات التي تواجهها البشرية اليوم في الاستهلاك المفرط والاكتظاظ السكاني. ومع ذلك، غالباً ما لا يأخذ صناع السياسات هذين العاملين بعين الاعتبار، مع ما يترتب على ذلك من إهمال للنمو السكاني على وجه الخصوص.

يعود التأثير البشري الإجمالي على البيئة العالمية لحجم السكان ومتوسط نصيب الفرد من الاستهلاك. خلصت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إلى أن النمو السكاني والنمو الاقتصادي (الاستهلاك) هما السببان الرئيسيان للاحتباس الحراري. يُعتبر نصيب الفرد من استهلاك الموارد وانبعاثات الغازات الدفيئة أعلى في الاقتصادات المتقدمة، في حين يُسهم النمو السكاني السريع في البلدان النامية في فقدان الغابات والتنوع البيولوجي.

عندما تبنت الحكومات أهداف التنمية المستدامة في عام 2015، فُوجئ العديد من الخبراء بإهمال ظاهرة النمو السكاني. أعرب الأخصائي الديموغرافي جوزيف شامي، المدير السابق لقسم السكان بالأمم المتحدة، عن قلقه إزاء تجاهل الأمم المتحدة لهذه القضية.

ويشعر الخبير الاقتصادي في جامعة كامبريدج، بارثا داسغوبتا، والمؤلفون المشاركون بالقلق نفسه، مشيرين إلى أن هذا الإغفال «يجب أن يكون مصدر قلق عام». وفي الآونة الأخيرة، كتب العالم الديموغرافي ماسيمو ليفي باتشي من جامعة فلورنس إن «الكثافة السكانية... أصبحت وكأنها غير متصلة بالتنمية المستدامة، على الرغم من الأدلة على عكس ذلك».

بين عامي 1960 و2000، تضاعف عدد سكان العالم من ثلاثة مليارات إلى ستة مليارات. وأسهم هذا النمو في زيادة تلوث الأراضي والبحيرات والأنهار والمحيطات، فضلاً عن الاكتظاظ الحضري وزيادة الطلب على الأراضي الزراعية والمياه العذبة (وهذا بدوره يضر بالنظم الإيكولوجية الطبيعية).

على الرغم من التقدم التقني الكبير في الزراعة، أودت المجاعات بحياة ملايين الأشخاص خلال فترة الأربعين عاماً الماضية. وفي البلدان النامية، ترك النمو السكاني السريع الفقراء أكثر عرضة للوفاة والإصابة بالمرض الناتج عن التلوث والفيضانات والجفاف والكوارث الأخرى.

يوجد الآن 7.7 مليارات شخص على الأرض. تتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا الرقم إلى 11 مليار بحلول عام 2100 (مع توقع انخفاض ثابت في الخصوبة في العديد من البلدان التي تميل إلى مقاومة هذا الاتجاه). إن الزيادة السكانية على هذا النطاق من شأنها أن تخلق المزيد من التلوث، وسوف تتطلب مضاعفة إنتاج الغذاء العالمي في ظل ظروف صعبة (بما في ذلك اضطرابات المناخ)، وستؤدي إلى زيادة معاناة الناس أثناء الصراعات والمجاعات.

من المؤكد أن هناك الكثير من الأبحاث اللازمة حول كيفية استيعاب العالم لمليارات الأشخاص بشكل أفضل، من حيث التلوث والزراعة وكفاءة الطاقة وتغير المناخ، لكن مثل هذا البحث فشل في توضيح فوائد خفض الضغط السكاني إلى الحد الأدنى.

في حين يعتبر العديد من الباحثين وصناع السياسات تزايد عدد سكان العالم أمراً حتمياً، فإن المواطنين العاديين يدركون المشاكل والمخاطر الناتجة عن ذلك. في دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة التحديات العالمية عام 2014، اعتبر غالبية المستجوبين البالغين 9000 مُستجيب في تسعة بلدان (الولايات المتحدة والبرازيل وجنوب إفريقيا وألمانيا وبولندا والسويد والهند وروسيا والصين) أن الزيادة السكانية هي بمثابة تهديد فعلي أو محتمل للبشرية في المستقبل. في العام نفسه، أفاد استطلاع لمركز بيو للأبحاث أن 82% من العلماء الأميركيين يعتبرون تزايد عدد سكان العالم مشكلة كبيرة لأنه «لن يكون هناك ما يكفي من الغذاء والموارد».

ومع ذلك، يمكن تجنب الزيادة الكبيرة المتوقعة في عدد سكان العالم هذا القرن. يمكن أن ينخفض معدل السكان في عام 2100 الآن من خلال النقاش الدولي، والبرامج الحكومية، والخيارات الفردية.

وبصورة أكثر تحديداً، من شأن هدف إضافي من أهداف التنمية المستدامة للحد من النمو السكاني أن يشجع تمويل تنظيم الأسرة الطوعي القائم على الحقوق. لقد حقق هذا النهج نتائج إيجابية، ليس فقط في الحد من المواليد بسرعة، ولكن أيضاً في تعزيز تمكين المرأة وتحفيز التقدم الاقتصادي. ليست هناك حاجة إلى تدابير «السيطرة القسرية على السكان». بدلاً من ذلك، يمكن أن يساعد الوعي بالصلة بين حجم الأسرة والاستدامة البيئية الآباء والأمهات على إدراك فوائد إنجاب عدد أقل من الأطفال.

من الواضح أن النمو السكاني لا يمكن إيقافه بين عشية وضحاها، ومن الناحية العملية، لا يمكن تحقيق هذا الهدف بحلول عام 2030، لكن يمكننا أن نؤسس اتجاهات نحو بلوغ قمة السكان وتراجعها في جميع البلدان بحلول ذلك الوقت. ولا يشمل ذلك البلدان النامية فقط، حيث يهدد النمو السكاني الأمن العام، بل يشمل أيضاً البلدان الغنية ذات الآثار البيئية الكبيرة، حيث تتم مقاومة انخفاض عدد السكان وفوائده بسبب المخاوف الراسخة من الشيخوخة الديموغرافية.

تمت الإشارة إلى الحقوق الإنجابية وتنظيم الأسرة في كل من أهداف التنمية المستدامة 3 (الصحة الجيدة والرفاهية) والهدف 5 (المساواة بين الجنسين)، ولكن لا يركز أي هدف بشكل واضح على الحد من النمو السكاني. في الوقت الحالي، تُشير أهداف التنمية المستدامة إلى أنه لم تعد هناك حاجة للحد من الزيادة السكانية العالمية، على الرغم من أنها تقوض معظم الأهداف.

ونتيجة لذلك، هناك خطر كبير من أن العالم لن يحقق سوى القليل من أجندة 2030، خاصة في البلدان التي تستمر فيها معدلات المواليد المرتفعة، ولكن يجب ألا نستسلم. يمكن للتغييرات في السياسات والقواعد السكانية أن تقلل من معدلات المواليد، ومن خلال اعتماد هدف جديد لهذا الغرض، يمكن للعالم أن ينقذ خطة عام 2030.

بالإضافة إلى فرانك جوتمارك وروبن ماينارد، تم التوقيع على هذا التعليق من قبل:

دامايانتي بوخوري، أستاذ بجامعة بوجور الزراعية (IPB)، إندونيسيا

فيليب كافارو، أستاذ بجامعة ولاية كولورادو، الولايات المتحدة

جيراردو سيبالوس، أستاذ بمعهد علم البيئة، المكسيك؛

ريتشارد كاولينج، أستاذ بجامعة نيلسون مانديلا، جنوب إفريقيا

إدو إفيوم، مساعد مدير الغابات، هيئة غابات ولاية كروس ريفر، ورئيس فرع أفريقيا، رابطة البيولوجيا المدارية وحفظها، نيجيريا

بيتر ماتانلي، محاضر أول بجامعة شيفيلد، المملكة المتحدة

تشارلز أوتشينغ، ممارس في الصحة الإنجابية، كينيا

جين أوسوليفان، زميل باحث أول مميز بجامعة كوينزلاند، أستراليا

لويس ف. باتشيكو، أستاذ بجامعة مايور دي سان أندريس، بوليفيا

آلوك رانجان تشوراسيا، ديموغرافي بمعهد شيام، الهند

ألون التل، أستاذ بجامعة تل أبيب، إسرائيل

لوسيا تامبورينو، دكتورة وباحثة ما بعد الدكتوراه، إيطاليا والسويد

لوسيانو مارتنز فيردادي، أستاذ مشارك بجامعة ساو باولو، البرازيل.

Ⅶ أستاذ علم البيئة الحيوانية وبيولوجيا الحفظ في جامعة غوتنبرغ ورئيس مشروع الاكتظاظ السكاني.

Ⅶ مدير شؤون السكان في المشروع.

 

Email