الاحتياطي الفيدرالي وتأثير سياساته المالية

???? ?????????

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار أخيراً، وليام دودلي، الرئيس المباشر السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك، نقاشاً كبيراً عندما دعا مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى النظر في تأثير سياساته على الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وفي الواقع، أنجز دودلي خدمة عامة.

حيث لاحظ أن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن تؤثر على السياسة، وفي بعض الأحيان، سيكون لها انعكاسات عميقة على مسار الولايات المتحدة الأمريكية..مشيرا إلى انها يجب أن تكون قوية وجازمة ومستقلة لا تخضع للضغوط.

وكان منطق دودلي واضحاً، حيث إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة استجابة لإجراءات السياسة التجارية، يمكن لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن يقولوا إن تصرفات محددة تجبرهم على خفض أسعار الفائدة من أجل تنفيذ ولايتهم المزدوجة، والمتمثلة في تحقيق التضخم المستقر، وأقصى قدر من التشغيل. ويمكن أن يحذروا من الأضرار الجانبية الناجمة عن انخفاض أسعار الفائدة.

والتي تلحق الضرر بالأميركيين الذين يعيشون على دخل ثابت، وتؤدي إلى مخاطر الاستقرار المالي، عن طريق تشجيع المستثمرين على السعي بعيداً لتحقيق العائد، وينبغي على الاحتياطي الفيدرالي الإبلاغ عن هذه العواقب غير المرغوب فيها دون تردد.

ويجب أن يؤكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أيضاً على أن تخفيف السياسة النقدية لا يمكن أن يحيد كلياً آثار عدم اليقين في السياسة التجارية. ولا يمكن التراجع عن العديد من الاستثمارات، بمجرد المباشرة فيها إلا بصعوبة، إلى درجة لا يمكن التراجع عنها إطلاقاً.

وقد قدم دودلي رسالة مهمة أخرى: ..إذا خفف الاحتياطي الفيدرالي من سياسته بشأن المخاطر الواضحة التي تفرضها الآن السياسات المالية والتجارية الأمريكية على الاقتصاد الأمريكي، فإن الضرر الذي سيلحق بسمعته سيكون أسوأ بكثير.

فهل فعل دودلي الصواب يا ترى؟

لا جدال في أنه يجب أن يؤكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أيضًا على أن تخفيف السياسة النقدية لا يمكن أن يحيد كليا آثار عدم اليقين في السياسة التجارية. ولا يمكن التراجع عن العديد من الاستثمارات، بمجرد المباشرة فيها إلا بصعوبة، إلى درجة لا يمكن التراجع عنها إطلاقا.

وستصبح الاستثمارات القائمة على وجود سلاسل التوريد العالمية بلا قيمة، بسبب حرب تجارية شاملة. وكذلك، يمكن أن تتحول الاستثمارات في الإنتاج المحلي، التي تعتمد على الصراع التجاري المستمر، إلى أخطاء فادحة، إذا تحقق السلام التجاري بشكل غير متوقع.

وعندما تكون السياسة التجارية غير مؤكدة، لا يمكن تجنب مثل هذه الحسابات الخاطئة. لذلك لدى الشركات حافز لتأجيل الاستثمار حتى تحسم حالة عدم اليقين هذه- مهما كان مستوى أسعار الفائدة. ويحتاج البنك المركزي إلى تالذكير بأنه لا يمكن أن يُعوض تأثير الاقتصاد الكلي لحربه التجارية كليا، بغض النظر عن مدى رغبته في أن يكون الأمر كذلك.

وكانت أكثر ملاحظات دودلي استفزازًا هي "أن هناك حجة تدل على أن الانتخابات بحد ذاتها تقع ضمن اختصاص مجلس الاحتياطي الفيدرالي". ويبدو أن هذا التعليق يشير إلى أنه ينبغي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يسعى للتأثير على نتائج الانتخابات، وقد أثار هذا التعليق انتقادات لاذعة، وسحبه دودلي لاحقًا.

وأوضح أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي "يجب ألا يكونوا مدفوعين أبدًا بالاعتبارات السياسية، أو وضع السياسة النقدية عمداً بهدف التأثير في الانتخابات".

ولكن سياسات الاحتياطي الفيدرالي تؤثر على الانتخابات، وهذه الحقيقة التي لا جدال فيها لها عواقب على البنك المركزي. وتزيد التخفيفات من أسعار الفائدة التي تتجنب الركود الوشيك من احتمالات انتخابيرة كثيرة.

وهذه المسألة تنطوي على نمو أبطأ على المدى المتوسط، بقدر ما يعني استمرار السياسات غير المنتظمة، والصراع التجاري، وعدم اليقين. فكيف ينبغي للاحتياطي الفيدرالي، الذي تمتد ولايته إلى ضمان "الحد الأقصى من التشغيل"، مقايضة مكاسب التشغيل القصيرة الأجل مقابل خسائر التوظيف طويلة الأجل؟

وهذا سؤال صعب، خاصة أن قانون همفري-هوكينز، الذي يمنح مجلس الاحتياطي الفيدرالي ولايته، لا يحدد أي إطار زمني لتحقيقها أو معدل الخصم الذي يمكن عنده تقدير المكاسب الحالية مقابل الخسائر المستقبلية. ولكن هذا النقاش أمر لا مفر منه، أو أنه على الأقل ينبغي أن يكون كذلك.

ويمكن إجراء الكثير من هذه المناقشة على انفراد. ولكن تخيل الآن أن الديمقراطيين يرشحون مرشحًا لعام 2020 ذي ميول مختلفة تمامًا في السياسة التجارية. حينها سيتعين على موظفي الاحتياطي الفيدرالي، والمحافظين صياغة التوقعات الاقتصادية التي تصف طريقين مختلفين للاقتصاد اعتمادًا على نتيجة الانتخابات.

وسيواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بصفته وكالة مسؤولة أمام الكونغرس، ضغوطًا لجعل هذه التوقعات علنية. ويمكن للمرء أن يتخيل جيدًا عاصفة من التغريدات المخزية التي ستنتج عن ذلك، والتي ستتهم البنك المركزي بالحزبية بل أسوأ من ذلك.

فهل يجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يخفي توقعاته، أم أن يتفاداها حتى يبدو منفصلا عن السياسة؟ إن القيام بهذا سيكون تقصيرًا في أداء الواجب، وهو التنبؤ بالسيناريوهات الاقتصادية، وصياغة السياسة وفقًا لذلك.

وفي حديثه الصريح، قدم دودلي رسالة مهمة أخرى: إن الانتقادات جديرة بأن تقبل. وإذا خفف الاحتياطي الفيدرالي من سياسته بشأن المخاطر الواضحة التي تفرضها الآن السياسات المالية والتجارية الأمريكية، فإن الضرر الذي سيلحق بسمعته سيكون أسوأ بكثير.

* أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة «كاليفورنيا» في بيركلي.

Email